الأخبار اللبنانية.. بما لا يخالف شرع حزب الله
الثلاثاء، 07 نوفمبر 2017 04:50 م
مانشيت الكلمة الواحدة وتقارير القوالب الصحفية المزدوجة، كلها مدارس صحفية مكررة، لم تنفرد بها صحيفة عن الآخرى، غير أن الأمر كان بالنسبة لمجموعة من الصحفيين المصريين ورواد التواصل الاجتماعي "حاجة جامدة فحت"، وهو ما كشف عن ضيق نظرتهم في التعامل مع صحف تخدم سياسات ميليشيات إرهابية ودول داعمة لها.
رواد التواصل الاجتماعي احتفوا بـ"مانشيت" صحيفة الأخبار اللبنانية الصادر الاثنين ٦ نوفمبر ٢٠١٧، وكان بعنوان "الرهينة"، مرفقًا بصورة رئيس الحكومة اللبنانية المستقيل سعد الحريري، وهي الكلمة التي وصف بها الأمين العام لحزب الله اللبناني والمدرج على قوائم "الإرهاب السوداء" رئيس الوزراء المستقيل.
مانشيت الكلمة الواحدة، قد يكون ناجحًا - لكنه معيب في بعض المدارس الصحفية-، كما عنونت صحيفة "لونزو" الفرنسية صفحتها الرئيسة بكلمة "الخروج"، عندما فشلت فرنسا في التأهل إلى مونديال كأس العالم عام 1994، ونافستها صحيفة "لاغازيتا" الإيطالية في الاختصار أيضًا عندما خرجت بمانشيت يقول: "نحن العالم"، بعد فوز "الآزوري" بكأس العالم عام 2006.
زعيم حزب الله حسن نصر الله، تسائل في بيان له الأحد: "لماذا لم يسمح للحريري بالعودة إلى لبنان وإعلان استقالته منها"، ما دفع الصحيفة التي يرأسها إبراهيم الأمين رئيس تحرير الأخبار اللبنانية، إلى الخروج بكلمة "الرهينة"، والتخديم عليه بعدة موضوعات مغلوطة، كان أبرزها بعنوان: "السيسي: أخشى أن يكون الحريري في الإقامة الجبرية!"، وهي تصريحات مغلوطة لم تكشف عنها أي جهة مصرية.
الصحيفة بنت متن التقرير الصحفي، على عدة دلالات ومصادر لم يتم الإفصاح عنها أو حتى الإشارة لها، عن اللقاء الرسمي الذي جمع الرئيس عبدالفتاح السيسي، برئيس مجلس النواب اللبناني نبيه برّي، وبحضور رئيس مجلس النواب الدكتور علي عبدالعال، ووزير الخارجية سامح شكري ومدير المخابرات العامة، وسفير لبنان في القاهرة أنطوان عزام، في لقاء استمر 45 دقيقة –حسب الصحيفة-.
الكذب الصحفي
تتحدث الصحيفة عن "بري"، قالت إنه طالب استعجال اجتماعه بالرئيس المصري من الموعد المقرّر الأربعاء الماضي، وأن السيسي استقبله أمس، وأنه بدا مستمعًا، داعيًا إلى التهدئة والمحافظة على الاستقرار في الداخل اللبناني".
وتابعت أن "برّي" حمل رسائل ثلاث إلى الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله من الرئيس المصري، هي: "أن لا يرد في خطابه في المساء على الحريري، وأن لا يستفز حزب الله إسرائيل بغية عدم إعطائها أي ذريعة، وأن لا يستفز الشارع السنّي في لبنان".
وتابعت: "بحسب السيسي، تبعًا لمعلومات في حوزة المخابرات العامة المصرية، لا أدلة على محاولة اغتيال كان سيتعرض لها رئيس الحكومة اللبنانية، ألا أنه يأمل في جلاء الأسباب التي تبقيه في السعودية، وأن لا يكون بقاؤه هناك سببًا للذريعة هذه، على أنه أضاف: "أخشى أن يكون في الإقامة الجبرية".
تصريحات مهللة لا أساس لها، فالقاعدة الأولى في التعامل مع المصادر الصحفية والنقل عنها أن تكون معلومة أو رفضت ذكر اسمها في قضايا تخص الأمن القومي للدول، لكن الصحيفة اللبنانية تناولت تلك التصريحات دون الإشارة حتى إلى مصدرها بعيدًا عن أنها مكذوبة ولم تعلن أي جهة من دوائر صنع القرار في مصر مدى صحتها.
تدّعي الصحيفة اللبنانية أنها لا تنتمي إلى أي جهة سياسية، غير أن هناك دلائل عدة تؤكد أنها لسان حزب الله اللبناني، وأنها أحد منفذي الأجندة الإيرانية في المنطقة، آخرها تصريحات "الرهينة" عن رئيس تيار المستقبل اللبناني.
كذلك التخديم على تحركات الميليشيات الشيعية في سوريا وتخصيص مساحات كبيرة لأخبار تلك الميليشيات التي تحركها دولة الملالي.
إدارة شبكات مخابراتية
الأمر لم يقتصر على تبني وجهات إعلامية فقط، بل إدارة شبكات مخابراتية من الصحف، مجسدة شعار: "كما تكونون .. تكون الأخبار"، في عام 2014، جاءت دعوة لعدد كبير من شباب الصحفيين المصريين، من شركة "بلاك آند وايت" اللبنانية، المتخصصة فى الإنتاج الإعلامي والعلاقات العامة؛ لزيارة العاصمة "بيروت"، والحصول على دورة تدريبية لتنمية المهارات الصحفية.
الدعوة كانت مصحوبة بإغراءات للمتميزين، كفرص عمل مراسلين من مصر لكبرى الصحف اللبنانية، ولم تسمى لهم هذه الصحف، كانت الرحلة مجانية لكن برنامجها كان مكثف، حمل الحالمون حقائبهم وتوجهوا إلى صالة السفر بمطار القاهرة الدولي، متجهين إلى بيروت.
في تقرير نشرته صحيفة صوت الأمة بتاريخ 17 يونيو 2017، نص على أن الصحفيين التقوا بمدير تحرير جريدة الأخبار اللبنانية إيلي شلهوب، والذي بدأ حواره بتحقيق أمني مع الصحفيين المصريين.
وتابع التقرير أنه بعد العودة إلى القاهرة بدأ التواصل مع الصحفيين المصريين، ومطالبتهم بكتابة مقالات فى الصحف التي يعملون بها مقابل أجر يتراوح من 100 إلى 200 دولار في المقال، بشرط أن فكرة المقال ومحاوره تكون مطروحة من الشركة التي يترأسها مدير تحرير الأخبار اللبنانية إيلي شلهوب، وهو ما رفضه أغلب الصحفيين لتوجسهم من أفكار المقالات.
وأوضح التقرير أن أنه تم التواصل مع الصحفيين عبر فتاة فائقة الجمال، وأنها بدأت العمل معه بمقالات تؤيد موقف الجيش المصري من الإخوان، ويتم نشر المقالات والتقارير في جريدة الأخبار اللبنانية ومواقع أخرى لبنانية وعراقية وسورية ويمنية، وأخر كل شهر ترسل له المقابل عبر شركة تحويل أموال دولية، بعد فترة أخبرته بأن إيلي شلهوب يرغب فى التواصل معه ومتابعة العمل، وافق على الفور، كان التواصل مع شلهوب بداية النهاية، حيث تغير أسلوب التواصل إلى المكالمات الهاتفية، وبدأت المناقشات بينهم تزيد، ومحاولات تغيير قناعات الزميل على قدم وساق، حتى جاء يوم أخبره بأن موظفة من الشركة التي يترأسها ستأتي إلى القاهرة لمقابلة عدد من الصحفيين.
وتابع التقرير أنه بعدما حضرت الموظفة اللبنانية، عرضت عليه العمل كمدير مراسلين لصحيفة عربية جديدة، سوف تعمل تجريبيًا لمدة عام، ثم تبدأ في الطباعة وتدشين موقع إلكتروني، وعندما ألح على معرفة التفاصيل، وعدته بالإجابة في أخر يوم لها في مهمتها، وكانت المفاجأة عندما أخبرته بابتسامة باردة أنها جريدة إيرانية سوف تصدر باللغة العربية.
شرعية حزب الله
الصحيفة الممولة إيرانيًا، تحتقر شرعية المحاكم اللبنانية، ومؤسسات الدولة طالما تتعارض مع سياسات حزب الله اللبناني، غير أنها بدأت في تخفيف حدة الاشتباك مع مؤسسات الدولة بعد التوافق السياسي الذي حدث مؤخرًا حينما تولى الرئيس اللبناني الحالي ميشال عون، رئيس التيار الوطني الحر ورئيس جمهورية لبنان الثالث عشر.
في تاريخ 29 أغسطس 2016، غرمت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، صحيفة "الأخبار" بمبلغ 26 ألف يورو بتهمة "التحقير"، أي حوالي 29.04 ألف دولار، كذلك تغريم ممثلها إبراهيم محمد علي الأمين، في تهمة التدخل في سير العدالة وتشكيك الرأي العام في قدرة المحكمة على حماية سرية المعلومات المتعلقة بالشهود، أو بشهود محتملين، أو سرية المعلومات التي يقدمونها في قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري.
رئيس تحرير الصحيفة إبراهيم الأمين، قال –آن ذاك- أنه لا ينوي الاستئناف على الحكم وأنه لا يعترف بشرعية المحكمة". وعلق مدير التحرير في "الأخبار"، بيار أبي صعب: "قرار المحكمة الدولية، يشكل انتهاكًا لحرية التعبير والسيادة اللبنانية، ونحن لا نعترف بهذه المحكمة، وبالتالي فإن كل ما يصدر عنها نعتبره باطلًا".
وفي أغسطس الماضي، نشرت تقريرًا يمس الأمن القومي اللبناني، يتحدث عن اختراق للجيش اللبناني وقضايا رشاوى ومحسوبية في أروقة المدرسة الحربية التابعة لوزارة الدفاع اللبنانية.
ليست قبلة "المهنية" و"المصداقية" التي يظنها البعض، بل مركزًا للتخابر ودعم ميليشيات إرهابية وأجندات فارسية إيرانية.