100 عام على وعد بلفور.. كيف مزقت إسرائيل أوصال فلسطين؟
الخميس، 02 نوفمبر 2017 05:00 م
مائة عام على وعد بلفور المشؤوم الذى عرف بوعد من لا يملك لمن لا يستحق، خاض فيها الاحتلال الإسرائيلي معارك قذرة منها عسكرية واقتصادية وسياسية، وكان أهم تلك المعارك هي الديموغرافية التي حاول فيها أن يضع كافة قوته وموارده المادية وعلاقاته الدولية في خدمتها لتغير الوضع على الأرض وذلك عبر التهويد والاستيطان والتهجير.
وبحسب مركز المعلومات الوطني الفلسطيني ، فانه منذ صدور وعد بلفور عام 1917 وضعت فلسطين تحت الانتداب البريطاني من عام 1918 حتى عام 1948، قدم خلاها البريطانيون التسهيلات اللازمة لإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، وقال المركز أن الاحتلال قسم فلسطين إلى ثلاث مناطق جغرافية منذ النكبة عام 1948، أولها الأراضي التي احتلها اليهود بعد حرب عام 1948، وقد شغلت 76.7% من مساحة فلسطين، ثانيها الضفة الغربية و تشغل 22% من مساحة فلسطين، وثالثها قطاع غزة و يشغل 1.3% من مساحة فلسطين.
وأضاف المركز أن العدو الصهيوني لم يكتف بأن تبقى رقعة دولتهم المزعومة على أراضي 1948 ، وإنما قاموا بالعدوان على أراضي الضفة الغربية و قطاع غزة في العام 1967، و قاموا باحتلالها، و بذلك أصبحت فلسطين جميعها تحت السيطرة اليهودية، الامر الذي ادى إلى نزوح العديد من سكان الضفة الغربية و قطاع غزة، وانخفض عدد السكان في الضفة الغربية إلى 581.700 نسمة، كما انخفض عدد السكان في قطاع غزة إلى 937.6 ألف نسمة، بينما كان عدد اليهود قبل العام 1967 حوالي 650000 تضاعف خلال الثلاثين سنة تحت الاحتلال.
وبحسب المركز تغلغل الكيان الصهيوني في فلسطين بشكل فج حيث عمل على شراء الأراضي في ظل الحماية للامتيازات الأجنبية، إلا أن البدايات الأولى لشراء اليهود أراضي في فلسطين كانت في عام 1855 على يد السير موشي مونتفيوري زمن السلطان عبد المجيد (1839-1861)، وفي عام 1870 أنشأت جمعية الأليانس الإسرائيلية مستوطنة (مكفية إسرائيل) على مساحة من الأرض قدرت بحوالي 2600 دونم استأجرت من الحكومة العثمانية لمدة 99 سنة من أراضي قرية يازور القريبة من مدينة يافا لصالح وزير العدل الفرنسي كريمو شاولنرنتر، ومنذ عام 1870 حتى العام 1914 امتلك اليهود 420,600 دونم اشتريت من غير عرب فلسطين".
اقرأ ايضًا: وطن قومي لليهود في الأرجنتين أو أوغندا.. ماذا لو وافق هرتزل على الاقتراح البريطاني؟
استعرض تقرير لمؤسسة القدس الدولية قبل سنوات، عشرات الحقائق فيما يتعلق بمشاريع الاحتلال لتهويد القدس منذ إتمام احتلال شطرها الشرقي قبل خمسين عامًا، وأشار إلى ارتفاع عدد المستوطنين بالأحياء العربية بنسبة 40% والبناء الاستيطاني شرق القدس بنحو 39%، مؤكدًا ارتفاع حالات الاستيلاء على الأراضي ليتبقى للمقدسيين نحو 13% لاستعمالات البناء، مؤكدًا مضي الاحتلال في سياسته ورصد ميزانيات ضخمة لتهويد المدينة.
وفي السياق، أوضح مركز الإحصاء الإسرائيلي، أن عدد المستوطنين اليهود في مدينة القدس المحتلة العام الماضي وصل 547 ألفًا أي ما يعادل 63% من سكان المدينة، في مقابل 423 ألف مواطن فلسطيني أي 37%، وتتحدث معطيات مكتب الإحصاء الإسرائيلي عن وجود أكثر من 60 ألف نسمة بمنطقتي مخيم شعفاط للاجئين ومنطقة كفر عقب، وهما المنطقتان اللتان قطعتا عن القدس بسبب الجدار.
ولم يقتصر شراء اليهود على البنايات والاراضي العمرانية فقط، بل اقدموا ايضًا على شراء الاراضي الزراعية، حيث أكد مركزالمعلومات الوطني الفلسطيني أن نسبة ما امتلكه اليهود من أرض زراعية في أواخر فترة الانتداب 20% من مجموع الأراضي الزراعية في فلسطين، هذا وقد بلغت مساحة الأراضي الزراعية التي استولى عليها اليهود والتي كانوا قد اشتروها من الملاك الغائبين (المقيمين خارج فلسطين) 625 ألف دونم، وقد نتج عن تسرب هذه المساحات من الأراضي الزراعية طرد 2746 أسرة عربية من 22 قرية في سهل مرج بن عامر، وطرد أكثر من 15 ألف مواطن من الحولة، وطرد ألوف آخرين من أراضي الساخنة وغور بيسان وطلعون والزبيدات والمنسي، وفي فترة الانتداب تضاعف عدد المستعمرات الصهيونية من 47 مستعمرة في العام 1914 إلى 274 مستعمرة في العام 1946، أي بزيادة معدلها 7 مستعمرات في العام الواحد على مدى 32 عاماً.
ومن أجل إحداث تغيير في المعركة الديموغرافية وتعزيز التواجد اليهودي داخل الأراضي الفلسطينية وتزوير التاريخ والجغرافيا، تم محو أسماء الجبال التاريخية في الأراضي الفلسطينية، حيث حل مكان أحدى الجبال جبل هرتزل، والذي دفن بداخله جثمان مؤسس الصهيونية العالمية السابق، وأحد قادة الصهيونية شيمون بيريز، سفاح العرب.
وتناولت عدد من الدراسات هذا التغير الديمغرافي، ففي دراسة مهمة منشورة في مجلة الكرمل عام 1986م، أكد الكاتب العربي إلياس صنبر، أن تيودور هرتزل مؤسس الصهيونية زور الجغرافيا العربية، وهو الذي أمر بدفنه بمنطقة جبلية عربية ليتم محوها؛ لتحمل اسمه بعد تهجير ما يربو على مليون فلسطيني، ونقل 650 ألف مستوطن يهودي؛ ليحلوا محلهم، كما عمل الاحتلال الإسرائيلي على إغلاق المؤسسات التاريخية الفلسطينية وتغيير المناهج الفلسطينية والتهجير للعرب وشن حملات استيطانية جديدة.