استراتيجية المواجهة
السبت، 28 أكتوبر 2017 05:22 م
عندما خططت الولايات المتحدة الأمريكية لغزو العراق بدات بالترويج والتحريض الاعلامي وانفقت ما يزيد علي ملياري دولار في اطار الحملة الدعائية الممنهجة لاقناع الأمريكين بوجود خطر يهدد البلاد حال استمرار حكم صدام حسين في العراق ..فاذا اردت ان تسقط دولة فعليك بالاعلام واذا اردت ان تبني دولة عليك بالاعلام
وساتعرض لثلاث مشاهد اعلامية كانت فارقة في تاريخ مصر الاول الدور الاعلامي في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الذي مارس خطابا تعبويا فرضته عليه الظروف السياسية في ذلك الوقت ودوره التاريخي الداعم لسياسات مصر الخارجية فى مساندة حركات التحرر الذي امتدِ ليقود مهمة الاتصال مع حركات التحرر والاستقلال في المنطقة العربية والمحيط الاسيوي والافريقي . فتحولت استديوهات الإذاعة المصرية فى تلك الفترة إلى غرف عمليات للمقاومة الوطنية فى بلاد عدة وكان القادة السياسيون لقوى المقاومة يوجهون نداءاتهم لقوى المقاومة فى بلادهم عبر أثير الإذاعات الموجهة المصرية وبلغات هذه الشعوب.
وسيذكر التاريخ يوم عزل الاستعمار الفرنسى الملك محمد الخامس ملك المغرب ونفيه. كيف قاد الزعماء الوطنيون المغاربة حركة المقاومة من استديوهات الإذاعة المصرية حتى اضطر المستعمر الفرنسى تحت ضغط المقاومة ان يعيد الملك إلى عرشه وان ترحل القوات الفرنسية المحتلة عن المغرب
ولن ينسي التاريخ ان البيان الأول للثورة الجزائرية اذيع من أحد استديوهات الإذاعة المصرية وظلت الإذاعة المصرية هى الذراع الإعلامية لثورة الجزائر حتى النصر.
والمشهد الثاني الصناعة الاعلامية لثورات الربيع العربي والممارسة الاعلامية الممنهجة لتغطية احداثها فكان الاعلام معول الهدم الاول لاستقرار دول عدة في المنطقة تحت مسمي ثورات اصلاحية في اطار مؤامرة كبري لمشروع تقسيم الشرق الاوسط المعرف اعلاميا بالشرق الاوسط الكبير
المشهد الثالث هو التغطية الاعلامية للمواجهات الامنية المصرية في حربه علي الارهاب الاسود ويكفي ان نتذكر الاداء الاعلامي في الحادث الارهابي بالواحات والتي شابه التخبط والممارسة العشوائية والانسياق غير المبرر والمقبول وراء معلومات غير مدققة و مما احدث نوعا من الالتباس وتصدير صورة سلبية
ثلاث مشاهد مختلفة لخصت دور الاعلام الذي يمثل حجرالزواية في الاستراتيجية العامة للدول خاصة في اوقات الحروب والأزمات. ومصر تخوض فى السنوات الأخيرة حربا طاحنة ضد الارهاب الذي يستهدف تفكيك الدولة المصريةوالنيل من امنها القومي.
وللوهلة الاولي تدرك عدم وجود ايديوجية اعلامية محددة تسير جنبا الي جنب مع المواجهات الامنية علي الارهاب فالاداء الاعلامي في اوقات الخطر والازمات يثير القلق فبدون استراتيجية اعلامية واضحة في التعامل مع الأحداث الإرهابية فإن خطط المواجهة لن تكون ناجزة والالة الإعلامية هنا لاعبا رئيسيا وفاعلا في المواجهة الشاملة ولا يقل دورها عن المواجهة الامنية وبدون وعي اعلامي حقيقي بخطورة الحرب التي تواجهها مصر يصبح التعامل مع قضية الإرهاب تعاملا جزئيا وقاصرا ونحن نواجه حربا شاملة تستلزم وقفة جادة لإعادة الترتيب و التقييم في اداء وادارة المنظومة الاعلامية وتأسيس استراتيجية إعلامية تكون بمثابة خطوة علي طريق النصر في تلك الحرب الضروس .