الميكروباص.. الفوضى والعشوائية كما يجب أن تكون

"الميكروباص وسيلة نقل غير حضارية لا توجد إلا في دول أفريقيا ومن العيب أن نعتمد عليه" .. هكذا عبر المهندس صبحي ربيع، رئيس الشركة الوطنية للطرق والنقل التابعة لوزارة النقل، عن رفضه ممارسات " عفاريت الأسفلت"، أو "ملوك الطارة" كما يطلقون على أنفسهم  .

وأعرب ربيع  خلال اجتماع لجنة النقل والمواصلات مساء الثلاثاء في البرلمان لدراسة قرار مجلس الوزراء لمشروع قانون انشاء جهاز تنظيم خدمات النقل والركاب، عن استيائه من سلوكيات سائقي الميكروباص والسيرفيس، منبها بما يحدث من تعريض حياة الركاب أو المارة للخطر سواء من خلال كسر الإشارات أو سباق السرعات أو المشاجرات اليومية  من أجل الأولوية على التحميل.

" صوت الأمة"،  تفتح ملف الميكرباص، للتعرف على الآلية التي يمكن من خلالها تحويله من العشوائية إلى وسيلة نقل حضارية، دون أن تمثل ضررا لمئات الأسر الذي تعتمد عليه في حياتها اليومية،  وذلك من خلال الجولة التي شملت عدد ًامن شوارع القاهرة والجيزة وتحديدا في روض الفرج، وامبابة، وبشتيل، ولعبة، والمنيرة، وميدان الجيزة".

 طابور طويل ممتد من سيارات الميكروباص تقف أمام قصر ثقافة روض الفرج ، وتقطتع جزء كبير من الشارع دون مراعاة لغضب المارة أو سائقي السيارات الخاصة.

"ملناش ذنب  الناس خدت على المكان وبتجيلنا على هنا".. هكذا عبر أحد أكبر السائقين عن سبب الانتظار، وقال إن أهالى الحي تعودوا على استقلال سيارات الميكروباص في ذلك المكان الذي تحول مع الوقت إلى موقف لسيارات السرفيس.

وتابع: : إحنا عارفين إنه غلط بس هانعمل إيه أكل عيشنا "، موضحا أن عدد من السائقين تقدم بعشرات الطلبات إلى حي روض الفرج لتخصيص موقف لسيارات الخط سيارات روض الفرج على غرار موقف سيارات إمبابة.

لم يختلف الأمر كثيرا في ميدان الجيزة، حيث تنتشر العديد من المواقف العشوائية التي تستقطع جزء كبيرا من حرم الطريق وتشترك جميعا في عدم حمل لوحات معدنية أو تراخيص .

بين السائقين وقف  "س. م"  بجوار سيارته المتهالكة الخالية من اللوحات المعدنية مناديا على الركاب  لنقلهم إلى حي المنيب.  

الصبي الصغير الذي لم يتعدى عمره 16 عاما فقط ويتولى رعاية أسرته المكونة من والديه و3 أشقاء في مراحل التعليم المختلفة، قال " بعد  تركي الدراسة توليت الإنفاق على تعليم اشقائى وعلاج والدي المصاب بمتاعب في الفقرات منعتني من بذل اي مجهود ،  تعرفت على احد السائقين فى ميدان الجيزة وقمت بالعمل معه كمحصل للاجره من الركاب لمدة 4 شهور تعلمت خلالهم القيادة وكان يسمح لي من فتره لأخرى بالقيادة في ورديات المساء إلى أن تطور الأمر  وقمت بالعمل كسائق لأحد السيارات.

 العمل فى السرفيس يخضع لاجراءت معينه لا يتم النص عليها فى قانون المرور حيث يكفى فقط تعلم القيادة دون التقيد بسن معين أو الحصول على رخصة القيادة حيث يكفى تزكية من احد السائقين وهو ما يعبر عنه بقوله" القياده فى الموقف لا تشترط الحصول على الترخيص إذ أن أغلب السيارات بلا رخص أو لوحات معدنية ولكن يجب أن يكون ليك معرفة فى الموقف وكمان يبقى لسانك حلو ".

 لم يختلف الحال كثير في منطقة الوراق حيث تعمل العديد من الأتوبيسات المتهالكة والتي تغيب  عنها كل  اشتراطات الأمان حيث تسير بدون أبواب بجانب وجود فتحات كبرى فى الأرضية مما ينذر بسقوط أى من الركاب أسفل الاطارات.

وقال المهندس أمجد نيروز في حى الوراق وإمبابه" تعمل العديد من هذه السيارات دون ترخيص  ولا تحمل أى لوحات معدنية ويقودها صبية صغار مما يتسبب فى وقوع العديد من الحوادث والمشاجرات بين السائقين  أنفسهم للأسبقية على تحميل الركاب وبرغم تقدم الأهالى بالعديد من الشكاوى إلى الحى للقضاء على المواقف العشوائية وإخضاعها للرقابة إلا أن الحى لم يتحرك".

وفى حي إمبابة وتحديدا فى شارع المطار كانت الفوضى حاضره بقوه، حيث تراصت العديد من الأتوبيسات المتهالكة  وسيارات الصندوق الخلفي على جانبي الطريق والتي اشتركت جميعا فى حمل لوحات معدنية تعمل أرقام بلغات مختلفة وبعضها كتب عليها أسماء بعض البلدان العربية  أو لوحات معدنية مطموسة المعالم .

وقال طارق حنفى أحد السائقين بالموقف " كل السائقيين هنا لا يملكون أى ترخيص والسيارات بدون لوحات معدنية  أو لوحات تحمل ارقاما مزيفة وذلك بسبب رفض إدارة المرور الموافقة على هذه ترخيص هذه السيارات التى يعتمد عليها أغلب أهالى إمبابه .

 وكشف زميلة محمد جمال أن السبب الحقيقى وراء ترخيصها أن تلك السيارات  يتم استيرداها مجزئة للبيع "خردة أو قطع غيار" فى مصر و السائقين يقومون بشرائها من جمرك بورسعيد بمبلغ لا يزيد عن 35000 ألف جنيه وتجميعها والعمل بها  .

وأكد جمال أن تلك السيارات كان يتم ترخيصها فى السابق، ولكن مؤخرا رفض المرور السماح لها بالعمل على الرغم من الخدمات التى يقدومونها إلى أهالى إمبابة حيث يقومون بتحصيل اجره لا تتجاوز 1.50 فقط والسير  فى طرق لا يمكن لسيارات التاكسى العمل بها .

وتسائل جمال لماذا يرفض المرور والمحافظة السماح بالترخيص فى الوقت الذى يقوم بتحصيل الكارته من السائقين.

"غير منطقي ولا يمكن التعويل عليه أو الأخذ به"، هكذا عبر حامد جهجة عن رفضة لما أعلنته الحكمة ممثلة في رئيس الشركة الوطنية للطرق والنقل التابعة لوزارة النقل، بخصوص منع الميكرباص باعتباره وسيلة نقل غير حضارية ولا تليق  بالدولة المصرية.

 

وأوضح جهجه أن الميكرباص بقدر ما يحدثه من أزمات، لكن لا يمكن انكار دوره في حل أزمة النقل واعتماد شريحة كبيرة من المصريين عليه في التنقل .

وتسائل كيف تعمل الحكومة على تحصيل مبالغ من السائقين في شكل كارتة وغيرها، وتعمل على التضييق في منح الرخص  للسرفيس وصولا إلى المنع الكامل .

وكشف جهجة أن هناك مشروع قانون يعمل مجلس النواب على اعدادة في الوقت الحالى وهو " إحلال سيارات الميكرباص"،  على غرار ما حدث في سيارات الأجرة.

 

ومن جانبة أكد أحد القيادات فى محافظة الجيزة، رفض ذكر اسمه أن المحافظة وافقت على إنشاء عدد من المواقف الرسمية التى يتم فيها الرقابة على السائقيين من حيث التحقق من سلامة السيارة والالتزام  بالأجره المقرره التى تم تحديدها.

وعن المواقف العشوائية أكد أنه لا يمكن السماح أو التغاضى عن الموقف العشوائية التى تقوم بانتهاك حرم الطريق ، وعرقلة المرور بجانب تعريض حياة المواطنيين للخطر من خلال العمل على سيارات متهالكة غير مرخصة يعمل عليها الصبية الصغار أو سائقين غير مؤهليين  مؤكدا أنه لم يتم الموافقة  قبل ذلك على ترخيص السيارات  المستورده  وهو معبر عنه بقوله " السيارات داخلة البلد تتباع خرده ازاى نخليها تشتغل فى الشارع وتحمل ركاب "، كاشفا انه سيتم حصر هذه المواقف للتعامل معها فى أقرب وقت .