رويترز و bbc رصدتا أرقام مغلوطة
الصحافة في فرنسا وأمريكا وبريطانيا.. ماذا لو كان حادث الواحات عندكم؟
الأحد، 22 أكتوبر 2017 02:18 م
«نحن في حرب حقيقة مع الإعلام»، بهذه الجملة انتقد الدكتور ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات التناول غير الدقيق لأغلب الوكالات والصحف الأجنبية لحادث الواحات الإرهابي الذي استشهد على إثره 16 ضابط وجندي شرطة، الأمر الذي يوضح أنها " الوكالات" لم يستق معلوماتها من جهات رسمية، مما يندرج بحسب رشوان تحت بند الاجتهاد والتجني وإثارة البلبلة والشكوك.
وقال رشوان إن بعض المواقع الإخبارية ومستخدمي السوشيال ميديا بثت أرقاما غير حقيقة عن الحادث سواء من تفاصيلها وصولا لأرقام الشهداء، حيث وجَّهت الهيئة العامة للاستعلامات احتجاجاً شديد اللهجة إلى كل من وكالة رويترز وشبكة BBC، وأبدت ملاحظات جوهرية على ما قامت بنشره كل منهما حول واقعة الواحات البحرية.
وفي ظل المعركة التي كانت تخوضها قوات الشرطة في الواحات، نشرت بي بي سي ورويترز أن عدد الشهداء من قوات الشرطة قد بلغ 52 شهيداً منهم 23 ضابطاً بحسب رويترز، و18 بحسب BBC، استنادا إلى ما أسمته بمصادر أمنية لم تحددها، مما يخالف بحسب الهيئة العامة للاستعلامات القواعد المهنية المتعارف عليها دولياً في تغطية العمليات الإرهابية، التي قد تستلزم مواجهتها الأمنية الانتظار لبعض الوقت حتى إعلان المعلومات الرسمية عن نتائجها.
ولم يقتصر التناول المغلوط للوكالات الأجنبية على رويترز وبي بي سي فقط، فقط نشرت الجارديان البريطانية تقريرًا استقت فيه معلوماتها من مصادر أمنية تحت عنوان "مقتل ما لا يقل عن 30 من ضباط الشرطة المصرية فى تبادل لاطلاق النار فى الواحات"، تقول فيه قتل مسلحون على الاقل 30 شرطيا خلال تبادل لاطلاق النار.
كما استعان التليفزيون التركي "تي ار تي" بنفس المصادر المجهلة تناوله للحدث فتحت عنوان «ارتفاع عدد القتلى فى قوات الأمن إلى 54 قتيلا فى مصر»، لم ينتظر التليفزيون التركي البيانات الرسمية، ونسب معلوماته على لسان مسئولين زعم انهم رفضوا الكشف عن هويتهم قائلا "ان الضحايا من بينهم 20 ضابطا و34 مجندا".
أما الوكالة الفرنسية فتسابقت هي الأخرى لتناول أخبار الحادث دون توثيق من مصادر رسمية، فنشرت تقرير لها تحت عنوان "مقتل 35 من رجال الشرطة فى اشتباكات مع ارهابيين" .
وطرح هذه التناول الواسع غير الدقيق من قبل الوكالات الأجنبية تساؤلات حول قوانين تداول المعلومات المغلوطة في أكبر دول العالم ، وما اذ تناقلت أحدى الوسائل الأجنبية أو مواقع التواصل الاجتماعي معلومات غير دقيقة في وقت الحرب أو أثناء المعارك الأمنية، لاسيما بعدما نشرت وزارة الداخلية بيانًا رسميًا كذبت فيه كافة هذه الأرقام المتداولة التي نسبتها الوكالات الأجنبية لمصادر مجهلة.
في بريطانيا
هناك عدة قوانين أقرها البرلمان البريطانى لحماية المعلومات الرسمية، تتعلق أساسا بالأمن القومي. وآخر تنقيح لقانون الأسرار الرسمية صدر عام 1989. كما أن هناك قاعدة "الإخطار فيما يتعلق بالأمن القومي".
والاخطار عرف قانونى تم العمل به فى بريطانيا منذ عام 1912 وما زال ساريا حتى اليوم، وهو طلب غير ملزم تقدمه السلطات الرسمية للصحف فى بريطانيا بعدم نشر معلومات محددة حول قضايا معينة لأسباب تتعلق بالأمن القومى البريطاني.
وتطلب الحكومة أو أجهزتها الإستخباراتية من الصحف عدم نشر معلومة لأنها تهدد الأمن القومي، لكن الطلب لا يعد ملزما ويمكن للصحف أن ترفض الطلب، وفى هذه الحالة يمكن للحكومة اللجوء إلى محكمة للحصول على أمر قضائى بمنع النشر.
وبين عامى 2004 و 2005 أرسلت رسائل إلى عدة صحف بريطانية تنصح بعدم نشر موضوعات حول طرق مواجهة الكمائن على جوانب الطرق المستخدمة من قبل القوات البريطانية فى حرب العراق وذلك لانها تهدد أمن الجنود البريطانيين فى العراق.
وفيما يخص نقل المعلومات الخاطئة أو استخدام مواقع التواصل الاجتماعي بشكل خاطئ في بريطانيا، فاتجه البرلمان البريطاني إلى الاستعانة بمحققين مختصين في مواقع التواصل الاجتماعي كي يرصدوا الآراء المتطرفة التي تهدد الحياة الاجتماعية على الإنترنت، كما اتفق على ضرورة سنّ تشريعات تحدد ما يمكن أن يدخل منه في إطار حرية التعبير عن الرأي، وما يمكن أن يكون حملة تجريح أو تهديد غير مقبولة.
في أمريكا
ينص الدستور الأمريكي على حرية التعبير وحرية الصحافة، على الرغم من أنها يمكن أن تكون محدودة لأسباب تتعلق بالتشهير، والفحش، وأشكال معينة من رقابة الدولة، وخاصة في زمن الحرب، ما يعني تنقيح المعلومات في فترة الحرب لعدم اثارة الرأي العام أو الاضرار بالأمن القومي.
وتعرضت الكثير من المحاكم الأمريكية لهذا القانون المثير للجدل في الدستور، والذي كان يصعب تفسيره في التفرقة بين حرية التعبير وحرية الصحافة، وتمكن المجتمع الأمريكي على أن يتفق أو يتوافق على القيود الأتية، منع الإدعاءات الكاذبة التي قد تسبب ضررًا للمجتمع أو الافراد أو لهدم أو تجريح أي شخصية ـ ومنع البذاءات ، ومنع التحريض على الجرائم.
وفي الآونة الأخيرة، حذرت منظمة "مراسلون بلا حدود" من تراجع حرية الاعلام بصفة عامة في بلدان ديمقراطية ناطقة بالانكليزية. إذ تراجعت الولايات المتحدة التي تعتبر نفسها معقلاً لحرية الصحافة في العالم مرتبتين على المؤشر العالمي الى المركز الثالث والأربعين.
وقالت منظمة "مراسلون بلا حدود" في بيان "إن صعود دونالد ترامب الى الحكم في الولايات المتحدة وحملة اتسم بهجوم شرس على الاعلام، وخطاب مسموم بشدة ضد الاعلام دفع العالم الى حقبة جديدة هي حقبة ما بعد الحقيقة والتضليل الاعلامي والأخبار الكاذبة".
في فرنسا
خلافا لما هو شائع بكثرة، فإن حرية التعبير التي طولب بها في عام 1789 في فرنسا لم يتم تحقيقها سوى لمدة أربع سنوات ونصف على مدار قرنين من الزمن، بحسب مقال اسطورة حرية الصحافة في فرنسا للكاتب تييري ميسان.
وأكد الكاتب الفرنسي أن رقابة الدولة الفرنسية وصلت إلى أقصاها في سنوات 1944 إلى 1954، حيث تم تأميم كل الصحف. وعلى الرغم من النظام القائم في فرنسا الآن، يحافظ على الحريات رسميا، إلا أن حرية الصحافة خاضعة للرقابة في كل المراحل من طرف مصالح الوزير الأول (رئيس الوزراء الفرنسي)، ومن ذلك امتلاك نصف أسهم الوكالة الفرنسية الرمسية "فرانس برس"، وممارسة الرقابة على القنوات التلفزيونية والإذاعية من طرف مجلس رقابة سمعي بصري (CSA)، وهذا ما يؤدي إلى نشر مواضيع يتم مراقبتها بشكل يؤدي إلى عدم قراءتها في الدول الديمقراطية.
ويعني هذا المقال أن عند وقوع أي اشتباكات بين قوات الأمن والجماعات الإرهابية، تلتزم الصحف الفرنسية بالروايات الرسمية، تحسبًا لعدم الملاحقة أو التعقب لاسيما وأن كافة الوكالات والصحف الفرنسية تتبع للحكومة بحسب المقال ذاته.