الفرار إلى جهنم .. عندما تنبأ القذافي بمصيره واندلاع الحرب الأهلية فى ليبيا

الأحد، 22 أكتوبر 2017 01:50 م
الفرار إلى جهنم .. عندما تنبأ القذافي بمصيره واندلاع الحرب الأهلية فى ليبيا
الرئيس الليبى الراحل معمر القذافى
عنتر عبداللطيف

 

سياىسى من طراز مختلف فى كل شىء احاديثه وقراراته وحتى بعض شطحاته التى رأها البعض بعد استشهاده كانت نبؤات تحقق العديد منها إنه العقيد معمر القذافى الذى حلت أمس الأول الذكرى السادسة لوفاته.

دامت حقبة حكم العقيد القذافى 43 عاماً وانتهت باطلاق أحدهم رصاصة عليه عقب ما عرف بثورة  17 فبراير 2011 . وهو الذى كان معروفا بلقب "الأخ قائد الجماهيرية العربية الليبية الاشتراكية وهو المنصب الذي استمر فيه منذ عام 1977 وحتى مقتله.

1013709785
 

قاد القذافى ثورة الفاتح فى عام 1969 ليشغل بعدها منصب رئيس مجلس قيادة الثورة في الجمهورية العربية الليبية منذ عام 1969 إلى 1977.

جوانب أخرى فى حياة القذافى لم ينتبه لها كثيرين وهى أنه كان يكتب روايات أدبية وإن اختلف البعض حول تقييمها أشهرها رواية " الفرار إلى جهنم ".

فى أحدى فصول الرواية يقول القذافى :"ما أحلى جهنم من مدينتكم ما أقسى البشر عندما يطغون جماعياً ياله من سيل عرم لا يرحم من أمامه فلا يسمع صراخه . ولا يمد له يده عندما يستخدمه وهو يستغيث .. بل يدفعه أمامه في غير اكتراث إن طغيان الفرد أهون أنواع الطغيان ، فهو فرد في كل حال ... وتزيله الجماعة ، ويزيله فرد تافه بوسيلة ما .أما طغيان الجموع فهو أشد صنوف الطغيان فمن يقف أمام التيار الجارف والقوة الشاملة العمياء .كم احب حرية الجموع ، وانطلاقها بلا سيد ، وقد كسرت اصفادها وزغردت وغنت بعد التأوه والعناء ولكني كم أخشاها وأتوجس منها إني احب الجموع كما أحب أبي . وأخشاها كما اخشاه .

alalam_635903856200311071_25f_4x3
 
يقول القذافى :" من يستطيع في مجتمع بدوي بلا حكومة أن يمنع انتقام أب من أحد أبنائه ... نعم كم يحبونه ... وكم يخشونه في ذات الوقت ... هكذا احب الجموع وأخشاها ، كما أحب أبي وأخشاه .كم هي عطوفة في لحظة السرور ، فتحمل أبناءها على اعناقها ... فقد حملت هانيبال وباركليز.. وسافونارولا ودانتون وروبسبيير ... وموسيليني ونيكسون .. وكم هي قاسية في لحظة الغضب ، فتآمرت على هانيبال وجرعته السم وأحرقت سافونارولا على السفود ... وقدمت بطلها دانتون للمقصلة ... وحطمت فكي روبسبيير خطيبها المحبوب وجرجرت جثة موسوليني في الشوارع وتفت على وجه نيكسون وهو يغادر البيت الأبيض بعد أن أدخلته له وهي تصفق ياللهول من يخاطب الذات اللاشاعرة كي تشعر ... من يناقش عقلاً جماعياً غير مجسد في أي فرد من يمسك يد الملايين ... من يسمع مليون كلمة من مليون فاه في وقت واحد .. من في هذا الطغيان الشامل يتفاهم مع من . ومن يلوم من ومن المن ذاته" ؟

أمام هذا اللهيب الاجتماعي الذي يحرق ظهري .. أمام مجتمع يحبك ولا يرحمك .. أمام أناس يعرفون ما يريدون من الفرد ولا يأبهون لما يريده الفرد منهم ..يفهمون حقوقهم عليك .. ولا يفهمون واجبهم نحوك .أمام نفس الجموع التي سممت هانيبال وأحرقت سافونارولا وهمشت رأس روبسبيير والتي أحبت معمر القذافي دون أن تخصص له كرسياً في دار خيالة أو منضدة في مقهى . هذا ما فعلته وتفعله الجموع بأبطالها العظام .. فبماذا أطمع أنا البدوي الفقير التائه في مدينة عصرية مجنونة . أهلها ينهشونني كلما وجدوني :ابن لنا بيتاً غير هذا. أمدد لنا خطاْ ارفع من ذلك .ارصف لنا طريقاً في البحر.. ازرع لنا حديقة.. اصطد لنا حوتاً اكتب لنا تعويذة...اعقد لنا قراناً اقتل لنا كلباً. اشتر لنا هراً "

يضيف القذافى :" بدوي فقير تائه لا يحمل حتى شهادة الميلاد... عصاه على كتفه لا يقف أمام الإشارة الحمراء... ويخاصم الشرطي و لايخشاه... و يأكل بلا غسل يديه... ويطب ما يعقيه في سيره برجله حتى ولو أصاب به واجهة متجر زجاج... أو وقع على وجه عجوز شمطاء... أو حطم نافذة بيت أبيض جميللا يعرف طعم الكحول ولا حتى البيبسي كولا او صودا ..يبحث عن ناقة في ميدان الشهداء و فرس في الساحة الخضراء... ويحوش الغنم من ميدان طمسون .هذه الجموع التي لا ترحم حتى منقذيها أحس أنها تلاحقني... تحرقني وحتى وهي تصفق احس أنها تطرق  أنا بدوي ، أمي ، لا أعرف حتى صنعة الزواق ولا أعرف حتى معنى المجاري ... وأشرب ماء المطر وماء البئر بكلتا يدي... وأصفي يرقات الضفادع بطرف عباءتي ، ولا اتقن السباحة لا على بطني ولا على ظهري ، ولا أعرف شكل النقودولكن كل من يقابلني يطلب مني شيئاً من تلك الأشياء مع أني أعطيته الكثير منها... فأنا لا أملكها في الحقيقة ولكن خطفتها من أيدي اللصوص ومن أفواه الفئران ومخالب الكلاب ووزعتها على أهل المدينة باسم فاعل خير قادم من الصحراء , بوصفي محرر عقود وأصفاد  لاإن ما سرقه المخانب وأفسده أحدهم رفيق أهل الكهف والجرذان ، يحتاج إلى وقت طويل وجهد أكثر من فردولكن أهل المدينة العصرية المجنونة تطلبه مني في الحال ، وشعرت أني أنا الوحيد الذي لا أملك شيئاً ، ولهذا لم أطلب مثلهم سمكرياً وأسطى... زورقاً... وحلاقاً... الخ ، وحيث إني لم أطلب لأني لا أملك فصار وضعي متميزاً ... بل شاذاً... ولهذا تعرضت وأتعرض في كل ساعة تقريباً لهذه المضايقات ، ولكن لا أنكر أني أنا أيضاً ساهمت في ذلك... وظلمت نفسي... فأنا صاحب فكرة النهر الصناعي العظيم لأني لا أعرف كما قلت المجاري والسمكرة والشبكات الضيقة ، وطالبت بأن يريحني هذا النهر العظيم من هذه الطلبات وأسبابها.

54(1)

يتابع القذافى :" فحتى تمردي على الشرطي نشر موجة من الاستهتارفي المدينة كلها ... وسمعوا بإسمي ، وبعضهم صفق لي وبعضهم شتمني ... وشرطة النجدة تريد أن تتخلص مني ... وعجوز كانت أماً للشرطي تصابت هي أيضاً وطمعت في ، وعندما رفضت حاولت أن تخلق لي مشاكل .. وقد يحاربونني بكلاب الشرطة الغبية وأنا الذي شجعتهم على أكل الحوت وصيده حتى يتركوا لي شياهي ... إنسان بسيط ... وفقير... لست من سلالة ملكية بل من سلالة بدوية .. ولا أحمل شهادة دكتوراه ...فلا أحب الطبيب لأنهم يسمونه دكتوراً ".

ولهذا لم يتمكن من تطعيمي ضد الحساسية ، فأنا حساس جداً خلافاً لأهل المدينة الذين تم تطعيمهم منذ زمان بعيد ، وعلى جرعات تاريخية من أيام الرومان إلى الترك واخيراً الميلكان . وأنا كما تقرأون وتضحكون لا أنطق مثلكم كلمة " الأمريكان " أو " الأمريكين" – بالراء – بل انطقها باللام لأني لا أعرف معنى أمريكا فالذي اكتشفها " كولمبس ".ولكن هي تملك القوة ... وتملك العملاء ... وتملك القواعد في مناطق النفوذ .وتملك حق النقض لصالح الاسرائيلين ، وملكت أخيراً بيتاً عند نقطة تفرع فرعي رشيد ودمياط ، وحوله مزرعة جاموس فهي إمبريالية ، إذن هي اميلكا . هكذا قال الحاج مجاهد ولد عمتي عزة بنت جداي غنيمة أخت الكونتيسا ماريا .

يتابع :" عموماً أنا جنيت على نفسي بدخولي المدينة طواعية، ولا وقت لذكر السبب ، المهم كان ظرف تحدي فحسب ، إذن أرجوكم أن تتركوني أرعى شياهي التي تركتها في الوادي تحت رعاية أمي .. ولكن أمي ماتت وكذلك أختي الكبيرة ، وقيل ان لي أخوة ذكوراً وإناثاً قد قتلهم الباعوض، اتركوني وهمومي ... لماذا تطاردوني وتعرفوني على صبيانكم ؟ حتى أصبحوا هم أيضاً يضايقونني في كل مكان، ويجرون ورائي . ويقسمون أنه هو .. لماذا تحرمونني من الراحة ؟..بل حتى من المشي في شوارعكم ، أنا بشر مثلكم أحب التفاح ، لماذا تمنعوني من السوق ؟ ثم على فكرة لماذا لا تعطوني جواز سفر ؟ .. ولكن ماذا أعمل به ؟ فأنا ممنوع من الخروج لغرض السياحة أو العلاج إلا إذا كنت مكلفاً بمهمة فقط ، لهذا قررت أن أفر بنفسي إلى جهنم ، وسوف أروي لكم الطريق الذي يؤدي إليها ، ثم أصف لكم جهنم ذاتها ، وكيف رجعت منها مع نفس الطريق .. إنها مغامرة حقاً ، ومن أغرب القصص الواقعية ... وأقسم لكم أنها ليست من صنع الخيال".

03qpt960.5
 

يقول القذافى :" إني هربت بالفعل إلى جهنم مرتين فراراً منكم ، ولكي أنجو بنفسي فقط . إن أنفاسكم تضايقني . وتقتحم علي خلوتي.. وتغتصب ذاتي .. وترغب بنهم وشراهة شرسة في عصري وشرب عصارتي ولعق عرقي ، ورشف أنفاسي.. ثم تغطني مودعة لتعود الكرة . أنفاسكم تلاحقني كالكلاب المسعورة ، ويسيل لعابها في شوارع مدينتكم العصرية المجنونة ، وعندما أهرب منها تتعقبني عبرخيوط العنكبوت وورق الحلفا ... لذلك فررت إلى جهنم بنفسي فقط .الطريق إلى جهنم ليست كما تتوقعون.. وكما وصفها لنا الدجالون الذين يصورونها لنا من خيالهم المريض ... أصفها لكم أنا الذي سلكتها بنفسي مرتين ، وتمكنت من المنام والراحة في قلب جهنم . وأقول لكم إني جربت ذلك ، وكانت أجمل ليلتين في حياتي تقريباً هما اللتان قضيتهما في قلب جهنم بنفسي فقط " .

يتابع القذافى :" إن ذلك أفضل عندي ألف مرة من معيشتي معكم... أنتم تطاردونني وتحرمونني من الراحة مع نفسي ، فاضطررت للهروب إلى جهنم. إن الطريق إلى جهنم مفروش بالبساط الطبيعي على امتداد الأفق ، وأنا أشق طريقي نحوها بفرح وغبطة ... وبعد انحسار البساط وجدتها مفروشة بالرمل الناعم... وصادفتني اسراب من الطيور البرية من نفس الأنواع التي تعرفونها ، بل وجدت حتى بعض الحيوانات المستأنسة ترتع وتفلا... ولكني فوجئت بانحدارات شديدة أمامي ، وأرض منخفضة  حتى توقفت بتردد ، وإذا بجهنم تطل من الأفق، ليست حمراء كالنار.. وليست ملتهبة كالجمر.. وقفت لا خوفاً من التقدم نحوها. فأنا أحبها وأرغب في وصالها ، فهي الملاذ عندما تطاردونني في مدينتكم المثلثة .وعندما تراءت لي من الأفق أمامي كدت أطير من الفرح .. وقفت لأسلك أقصر الطرق إليها .. وأخترت اقربها إلى قلبها... ولعلي اسمع لها زفيراً ، ولكن جهنم ساكنة تماماً وهادئة للغاية . وثابتة كالجبال التي حولها.. ويحيطها سكون عجيب.  ويلفها وجوم رهيب.. لم أر لهباً ولكن الدخان فقط يخيم فوقها..

انحدرت نحوها بشوق.. مسرعاً في الخطى قبل مغيب الشمس.. أملاً في الحصول على مرقد دافئ في قلبها قبل محاصرتي بحراسة جحيمكم التي انطلقت ورائي دون وعي مستخدمة أحدث وسيلة.. وأقدم استعمالاً. أخيراً اقتربت جداً من جهنم .. واستطعت مشاهدتها عن كثب . وأستطيع الآن أن أصفها لكم كما شاهدتها .. وأستطيع أن أجيب على أي استفسار يتعل بجهنم ، وموقعها ، وماهيتها ، وطقسها . واليكم ما شاهدته من الجهة الشرقية لجهنم التي اقتربت منها : أولاً لجهنم شعاب مظلمة ووعرة... ويخيم عليها الضباب ، وحجارتها سوداء محروقة منذ أقدم الزمان ، والعجيب حقاً هو أن الحيوانات البرية وجدتها تأخذ طريقها إلى جهنم قبلي فراراً منكم ، فحياتها في جهنم وموتها فيكم .

يضيف القذافى :" تلاشى كل شيء من حولي ، عدا نفسي التي أحسست بوجودها أكثر من أي مكان وزمان آخر .. تقزمت الجبال.. ويبست الأشجار ..وجفلت الحيوانات.. وغاصت في أدغال جهنم طلباً للنجاة .. وفراراً من الإنسان.. حتى الشمس حجبتها عني جهنم وأصبحت لا شيء .. لم يبق بارزاً إلا جهنم وأبرز ما فيها قلبها ، فاتجهت إليه دون صعوبة تذكرأنا أيضاً ذبت في نفسي، ونفسي ذابت في ، واحتمى كل منا بالأخر ، وعانق كل منا الثاني وأصبحنا شيئاً واحداً ، لأول مرة ، لا لأن نفسي كانت خارجي ، ولكن جحيمكم لم يعطني فرصة لأخلو بنفسي وأتأمل معها... وأناجيها وتناجيني . فنحن ، أقصد أنا ونفسي كمجرمين خطيرين في مدينتكم ، تخضعونا للتفتيش والمساءلة ، وحتى بعد أن تثبت براءتنا وتعرف هويتنا ، تودعونا السجن ، وتطوقوننا بحرس شديد ، ومرادكم دائماً أن تحولوا حتى بيني وبين نفسي ، لأن ذلك يساعد في راحتكم أنتم واطمئنانكم . ما أحلى جهنم من مدينتكم ".

 

 

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق