ما بعد السيطرة على كركوك.. نجاحات عراقية واحتمالات صدام بين الأكراد
الأربعاء، 18 أكتوبر 2017 07:30 م
نجحت القوات العراقية في دخول مدينة "كركوك" المتنازع عليها مع إقليم كردستان، الأمر الذي أثار عدة تساؤلات متعددة حول دلالات العملية العسكرية الأخيرة، وتداعياتها العسكرية والسياسية؛ إذ تعد مدينة كركوك المتعددة القوميات والأديان ضمن المناطق المتنازع عليها دستوريًّا بين كردستان والحكومة العراقية منذ تحوّل العراق إلى جمهورية عام 1958 بسبب الثروات النفطية بالمدينة.
مراكز بحثية، أفردت لـ"قدس كردستان" عدة قراءات، أولها مركز المستقبل للدراسات المتقدمة، قال إن القوات العراقية اعتمدت في موقفها من كردستان، على الدعم الشعبي الجارف لوحدة العراق وعدم تقسيمه، واصطفاف غالبية القوى السياسية العراقية في البرلمان مع الإجراءات التي اتخذتها بغداد في مواجهة اتجاهات الانفصال، والروح المعنوية المتصاعدة مع تباشير الانتصار على داعش، إضافةً إلى جاهزية القوات العراقية للقتال.
وحظيت الحكومة العراقية أيضًا بدعم إقليمي غير مسبوق ساند أي سياسة تنتهجها الحكومة العراقية لمواجهة الميل الكردي نحو الانفصال، لا سيما من إيران وتركيا اللتين اعتبرتا سيناريو الانفصال الكردي استهدافًا لأمنهما القومي، وهو ما جعل الحكومة العراقية تحسم خياراتها سريعًا لصالح التدخل العسكري المباشر، وإنهاء السيطرة الكردية على كركوك.
وبحسب المركز البحثي، كان للاختراق السريع للقوات العراقية كركوك دون مقاومة تذكر، عدة دلالات، خاصة أن القوات فاجأت الرأي العام المحلي والدولي بسرعة سيطرتها على مواقع القوات الكردية التي انسحبت دون مقاومة تُذكر إلا في بعض المواقع.
وتابع المركز أنه مع انتهاء المهلة الممنوحة للقوات الكردية بتسليم مواقعها، دخلت القوات العراقية إلى مركز محافظة كركوك، وقامت بتعيين محافظ جديد بديلًا للمحافظ الكردي الذي تمت إقالته سابقًا من البرلمان الاتحادي في بغداد، وقد حدثت جميع هذه الأحداث فيما لا يزيد عن 35 ساعة.
ولم يكتمل مساء يوم 16 أكتوبر حتى سيطرت القوات العراقية على العديد من المناطق الحيوية، مثل: قضاء طوزخورماتو وغالبية مساحة كركوك وحقولها النفطية، ورافق ذلك موجة نزوح كبيرة للعائلات الكردية من هذه المناطق صوب محافظتي أربيل والسليمانية الخاضعتين لسلطة كردستان.
ويرجع هذا التقدم السريع إلى الخلافات السياسية العميقة مع الاتحاد الوطني الكردستاني (PUK)، والحزب الديمقراطي الكردستاني (PDK)؛ وذلك بعد معارضة الاتحاد الوطني لانعقاد الاستفتاء في هذا الوقت، وخشيتهم من سيطرة بارزاني على السلطة في الدولة المرتقبة.
يضاف إلى هذا الضغط الإقليمي، لا سيما من إيران، على الاتحاد الوطني الذي ترتبط قياداته بعلاقات تاريخية مع إيران، وبصفة عامة يبدو أن الاتحاد الوطني يرى أنه ليس هناك جدوى من معاداة الدول الإقليمية، والمضي قدمًا في إتمام إجراءات الانفصال، طالما أن هذا سيؤدي إلى دولة مغلقة غير مرحّبٍ بها من قبل جيرانها. وهو ما دفع بعض قوات البيشمركة الكردية التابعة للاتحاد الوطني للانسحاب من جنوب كركوك.
كما أن الحياد الأمريكي إزاء المواجهة بين الطرفين أدى إلى إضعاف الموقف الكردي، حيث إن الولايات المتحدة قامت كثيرًا بممارسة دور الوسيط بين أربيل وبغداد عند حدوث خلافات بين الطرفين.
ولاستعادة كركوك تداعيات، أهمها إحكام الحصار الاقتصادي، حيث تُعد حقول كركوك النفطية أحد أبرز الموارد الاقتصادية التي تعتمد عليها كردستان في بناء دولتها المزعومة؛ حيث تحتوي على عدد من آبار النفط الهامة في حقول الشمال كــ(بباكَركَر) و(باي حسن) وغيرها، باحتياطي تقريبي يُقدر بحوالي 13 مليار برميل، أي ما يعادل 12% من إجمالي احتياطي النفط العراقي، وهو مورد رئيسي من موارد الميزانية العامة للدولة.
ثانيًا، تأجيج الصراعات الكردية، فقد كشفت سيطرة القوات العراقية على كركوك عن ضعف الجبهة الداخلية الكردستانية، حيث اتضح وجود خلافات لم تظهر إلا في لحظة المواجهة الحاسمة.
إضافة إلى إعادة ترسيم الحدود، ومن المتوقع أن تسعى الحكومة العراقية إلى إضعاف القوى الكردية التي تبنّت الاستفتاء، وخاصة الحزب الديمقراطي الكردستاني وقياداته، وربما تدعم تغيير البارزاني بقيادة أكثر ولاء لبغداد، وقد تفرض الحكومة الاتحادية حدودًا جديدة لإقليم كردستان، تحاكي ما كان عليه الحال قبل 2003، وذلك لضمان عدم تمدد الإقليم مجددًا وتفكيره في الانفصال مستقبلًا، وهو ما يُفقد الإقليم مساحات واسعة يتحرك فيها حاليًّا.
وتحدث معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدني، في قراءة بحثية له بعنوان: "كيفية الحفاظ على الاشتباكات المسلحة في كركوك من التصعيد"، عن إجراءات قد تتخذها القيادة الأمريكية لمنع وقوع اشتباكات أكثر دموية.
وعدّ المركز إجراءات 4، أولها مساندة تشكيل "آلية أمنية مشتركة" لكركوك، يجب على المقر الرئيسي في بغداد، أن يضم بسرعة ممثلين عن قوات الأمن المحلية مثل "دائرة شرطة كركوك"، و"وحدات دعم الطوارئ" و"فرقة العمليات الخاصة، وينبغي أيضًا إضافة "فريق مكافحة الإرهاب" لأنه قوة كردية غالبًا ما عملت السلطات الاتحادية إلى جانبها في منطقة كركوك.
إضافة إلى بعث رسالة حول الرغبة الملحة للولايات المتحدة في تخفيف حدة التصعيد. إضافة إلى إرسال مستشاريين أمن إلى مناطق الانفجار المحتملة مثل سنجار، لمنع أي اشتباكات.
وبحسب المركز، بات هناك ضرورة للضغط من أجل تعيين حاكم مؤقت لكركوك، وتشجيع الاستمرارية في اتفاقات تقاسم النفط، بحيث تستفيد كل من بغداد وكركوك وحكومة إقليم كردستان من تقاسم النفط الحالي في المحافظة.