فهم الأديان حل مشكلات العصر

الأربعاء، 18 أكتوبر 2017 08:00 م
فهم الأديان حل مشكلات العصر
د. هدى درويش

الدين ظاهرة إنسانية عامة ومسألة فطرية نشأ عليها الإنسان منذ بداية وجوده على الأرض أوجبها المولى عز وجل للإنسانية جمعاء.
 
والدين هو أحد المحركات الرئيسية للجنس البشرى، فلا يمكن فهم الثقافات المعاصرة المختلفة إلا إذا فهمنا الأديان المنتمية إليها. كما أن تعدد الأديان هو واقع حى فلا توجد بلد من بلدان العالم إلا ويعيش على أرضها أجناس ينتمون إلى أديان مختلفة فالبلد الواحد قد يضم اليهودى والمسيحى والمسلم والبوذى والهندى والمجوسى وغيرهم كثير في المجتمعات المختلفة.
 
وكل ديانة تتفرع إلى فرق ومذاهب فهناك المسيحى الكاثوليكى والبروتستانتى ومن المسلمين الشيعى والسنى؛ لذلك فإن دراسة الأديان مهمة لأجل قبول فكرة العيش معا على اختلاف الدين أو المذهب، على السلام والأمان والخير وفي الوقت نفسه قبول وجود أديان أخرى مع تعددها.
 
والفهم العلمي الصحيح للأديان يساعد على تطوير الفكر بوجه عام وفهم أوسع وأشمل للإنسانية ومشاكلها المعاصرة. فهى تحقق مستوى عال من الإدراك والمعرفة الشاملة وتضع الدارس لها في موقف الحَكَم ليصل بعقله إلى النتائج الصحيحة المنضبطة والمعتمدة على الحجج والبراهين والأدلة لاثبات ما توصل إليه من علم صحيح لا ينتمى لأى نوع من التعصب أو التحيز بل بمنطق معقول ومقبول بعيدًا عن أى هوًى أو انحرافٍ ذهنى.
 
ودراسة الأديان والعقائد تساعد في توجيه سلوكيات الشعوب بشتى أنواعها لأجل المعايشة والتواصل على اختلاف ثقافاتها ولغاتها ودرجات تدينها وإيمانها، فالأديان تتطور طبقا لتطور ثقافات الشعوب وفي ذلك يقول "ماكس نوردو": "ستبقى الديانات ما بقيت الإنسانية، وستتطور بتطورها، وستتجاوب دائمًا مع درجة الثقافة العقلية التي تبلغها الجماعة".
 
ويقول المفكر اليهودى الألماني: "أرنست رينان" في تاريخ الأديان: "إنه من الممكن أن يضمحل كل شيء نحبه، وأن تبطل حرية استعمال العقل والعلم والصناعة، ولكن يستحيل أن ينمحي التدين، بل سيبقى حجة ناطقة على بطلان المذهب المادي، الذي يريد أن يحصر الفكر الإنساني في المضايق الدنيئة للحياة الأرضية".
 
ومنذ أن تولى الرئيس السيسي حكم البلاد وهو يدعو لتحديث الخطاب الدينى وتنقية الفكر من كافة أنواع الانحراف أو التطرف دينيا ومذهبيا وطائفيا حيث رأى أن مكمن الخطر وكافة الصراعات والاشكاليات إنما تأتى من الفكر المتطرف والمتعصب الذي يصل بصاحبه إلى حد قتل أخيه أو جاره أو صديقه أو حتى من يقابله في طريق، وهو أمر مذموم ومرفوض في كافة الأديان سماوية كانت أو وضعية.
 
إن تحديث الخطاب الدينى يبدأ بمعرفة كل إنسان بدينه مسبقا، مبادئه وقيمه وأخلاقياته، من خلال علماء ورجال دين يتسمون بالفكر المستنير الوسطى السمح. ثم نفتح المجال لفهم الأديان الأخرى وما فيها من قيم ووصايا وعظات تكاد تكون مشتركة حيث إن مصدرها واحد -الله جل جلاله –
 
وعلى وسائل الاعلام التعامل مع أولئك العلماء المستنيرين، واستبعاد كل متشدد متبن فكرًا متطرفًا.
 
إن ما يجرى من حوادث نسمعها ونراها نتيجة لتعصب أو تشدد دينى أصبحت تدق أجراس الخطر وتوخى الحذر واليقظة خاصة في هذا العصر الذي وصف ب – زمن الفتن – والذى ورد الحديث عنه في المصادر الدينية.
 
وإذا ما تأمل الإنسان الحالة الدينية بشكل عام فسوف يجد أن كل فرد يعيش على سطح الأرض لا يخرج عن معتقد أو إيمان ما، يرتكز عليه شعوره وانفعالاته، هذا المعتقد هو ما يدين به في حياته طبقا لمفاهيم عقله واختياره، وهي حقيقة فطرية ذاتية تتملك البشر منذ بدء الخليقة.
 
ومن أجل الوصول بالإنسان إلى دراية واعية بما يجرى حوله من أحداث عنف أو قتل أو تشويه وتحريف لأى دين، فإن الشعوب في حاجة إلى استعادة أقوال أهل الحكمة والعدل التي يحتاجها الفرد لفهم ديانته وديانة غيره حتى يتمكن من تكوين فكر متوازن ومعرفة سليمة.
 
لقد تحدث كبار علمائنا في الأديان مثل ابن حزم والشهرستانى والبيرونى وغيرهم وهم من أسسوا علم مقارنة الأديان. فكم منا قرأ. وكم منا فهم وعرف.
 
إن تطوير العلم يحتاج إلى تجاوز الصورة النمطية التي تواترت عليها الأجيال السابقة من الباحثين والرواد الأوائل مع اعترافنا الكامل بفضلهم وعلمهم الذي نقلوه إلينا وانتفعنا به، وهدفنا الحيوي الآن هو تطوير تلك العلوم التي استقيناها منهم لتتوافق مع عصرنا الذي نعيشه، ومستقبلنا الذي نطمح إليه دون المساس بثوابت الأديان، ولا يكون هذا إلا بالعمل على ارتياد مناطق وأفكار لم تكن مطروقة من قبل.

 

تعليقات (1)
جائت الديان للمحبة والوحدة والاتحاد
بواسطة: Basma mousa
بتاريخ: الخميس، 19 أكتوبر 2017 09:33 ص

مقال رائع د هدى

اضف تعليق