عبد المنعم قناوي.. الفدائي الوحيد الذي اخترق ثغرة الدفرسوار

الأحد، 15 أكتوبر 2017 07:00 م
عبد المنعم قناوي.. الفدائي الوحيد الذي اخترق ثغرة الدفرسوار
عبد المنعم قناوي
محمد أبو ليلة

 
منذ نكسة يونيو من عام 1967 والتحق عبد المنعم قناوي ورفاقه من فدائي السويس بمنظمة سيناء العربية التي كانت تتبع وقتها المخابرات الحربية، وتم تكليفهم بتنفيذ عمليات فدائية في عمق سيناء وقت احتلال القوات الإسرائيلية لها، وكُلف قناوي بالذهاب خلف خطوط العدو الإسرائيلي في سيناء لاستطلاع تجهيزاته وإرسالها لقيادة الجيش.
 
 
22523969_2092635604087355_1022564133_n
عبد المنعم قناوي يحمل مدفع رشاش اقتنصه الفدائيين من القوات الاسرائيلية
 

ظل قناوي في سيناء يستطلع تجهيزات العدو وأسلحته حتى قامت حرب السادس من أكتوبر  من عام 1973، "سمعت خبر عبور قواتنا المسلحة قناة السويس في الراديو وأنا في سيناء، ولم أصدق، تأكدت أن قواتنا عبرت حينما رأيت طائراتنا في المنطقة التي كنت به في سيناء تطير بارتفاع منخفض وعليها علم مصر وكلمة الله".. هكذا تذكر قناوي نبأ عبور قواتنا لقناة السويس وقتما كان في سيناء.
 "ربنا عمى الإسرائيليين عنا"
 
حينما بدأت ثغرة الدفرسوار، أمرت القيادة قناوي بالتوجه لمكان الثغرة وجمع معلومات عن العدو، وكان الوحيد الذي أستطاع الوصول إلى ثغرة الدفرسوار ومعرفة حجم ونوع الأسلحة والأفراد التي عبرت للضفة الغربية من القناة.
 
"نجحت أنا والدليل البدوي أن نعبر أحد كباري العدو ونخترق ثغرة الدفرسوار، وكان جزء من القوات الإسرائيلية غرب القناة بين منطقة سرابيون وأبو سلطان بقيادة شارون، جمعنا معلومات عن نوع الأسلحة والأفراد الإسرائيليين، وربنا أراد أن يعميهم عنا".. يقول ذلك قناوي.
 
قناوي أكد في حديث خاص لـ صوت الأمة أنه حينما تم التخطيط لمعركة أكتوبر، قامت القيادة العامة للقوات المسلحة باستبعاد منطقة الدفرسوار من خريطة العمليات، باعتبارها منطقة رملية متحركة، ولا تستطيع عربات الجيش المصري أن تسير فيها، مضيفاً أن القيادة نسيت وقتها أن كل عربات العدو الإسرائيلي، ودباباته كانت تعتمد على المجنزرات وليس (الكاوتش)، فالمجنزرة ستمر من الدفرسوار بسهولة وهذا ما حدث في الثغرة.
 
لكن عبد المنعم قناوي أحد فدائيو السويس يرى أن المسؤول عن الثغرة هو قيادة الجيش الثاني الميداني والقوات الجوية لأنه على حد قوله فإن الخط الفاصل بين الجيشين الثاني والثالث كان منطقة اسمها ''فايد'' تبعد عن السويس بـ 50 كم، وحوالي 33 كم على الاسماعيلية، وهذا يعني أن منطقة الدفرسوار تتبع الجيش الثاني.
 
قائلا: السادات كان يبرر الموقف فقط ولم يعترف أنه أخطأ أو أنه مسؤول عن الثغرة، كما أن القوات الجوية وقتها كانت مسئولة بشكل كبير لأنها لم تدمر قوات العدو حينما عبرت غرب القناة، وكان قائد القوات الجوية وقتها حسني مبارك، لكن السادات تغاضى عن كل هذا كي يعين مبارك نائب له.
 
وبعد معركة السويس يوم 24 من أكتوبر، تم تكليف ''قناوي'' من قبل المخابرات الحربية، بجمع المعلومات عن الجيش الثالث وأهالي السويس، خصوصا أن الاتصال اللاسلكي انقطع في تلك الأثناء بعد محاصرة قوات العدو للسويس.
 
goban
 
بعدما حاصر العدو الإسرائيلي مدينة السويس، منذ يوم 24 من أكتوبر عام 1973، أصدرت المخابرات الحربية قرارها لقناوي بالتسلل خلف خطوط العدو، لجمع المعلومات عن نوع السلاح والأفراد التي تمتلكها إسرائيل في حصارها للسويس.. ومن هنا بدأت بطولة جديدة من بطولات الشباب السويسي...101 يوم قضاها الفدائي عبد المنعم قناوي على جبل عتاقة.
 
 
101 يوم في جبل عتاقة
"سلكت عدة دروب في سلسلة جبال عتاقة ، استقر بي الحال في حفرة ضيقة تحت صخرة ضخمة، كنت مزود بجهاز اللاسلكي والكاميرا ونظارة معظمة وطعام يكفيني 15 يوم فقط وجركن ماء واحد نفذ مني بعد عدة أيام ، وبعدها أصبحت أعتمد على الندى المتساقط عند الفجر أو الماء المتجمع في الحفر الصغيرة نتيجة الأمطار''، هكذا يقول قناوي.
 
كان قناوي يواجه صعوبة شديدة بسبب برودة الجو، حيث كان ينام في حفرة صخرية وجهه في مواجهة النجوم مباشرة، وغطاؤه بطانية خفيفة، وفي أحدى المرات تجمدت أصابعه حتى كسرت مفتاح اللاسلكي لعدم قدرته على السيطرة عليه، ومرة أخرى لم يستطع كتابه الشفرة بالقلم لتجمد أصابعه.
 
لكن أصعب ما واجهه في تلك المنطقة الجبلية غير البرد والعدو كانت الثعابين، أخطرها نوع يسمى ''الطريشة''، كان من المعتاد في الدوريات الجبلية سواء كانت استطلاع أو قتال،  أن تصحب معها بعض الأمصال المضادة للعقارب ولدغات الثعابين.
 
لم يكن مع قناوي شيء من هذا ولا قرص سبرين، لكن إرادة الله أنقذته من تلك الثعابين، أحيانا كان يأكل الحشائش عندما ينفذ منه الطعام، وأحيانا أخرى كان يلتقي برجال الصاعقة أثناء قيامهم ببعض دوريات قتالية في جبل عتاقة، وكانوا يقدمون له الطعام والشراب.

''أنقذ الجيش الثالث''
وفي أحد الليالي كان قناوي يرتدي ''أفرول'' إسرائيلي ويرقد على جبل عتاقة يراقب تحركات العدو، وجد نقطة استطلاع للعدو تبعد على مسافة قريبة من مركز قيادة الجيش الثالث أثناء حصاره، بعدها ذهب لقائد الجيش اللواء عبد المنعم واصل وأخبره.
 
waroctober_398455825
"أخبرت قائد الجيش بوجود قوة إسرائيلية قريبة وكانت على وشك تدمير مركز القيادة، وأعطيت له نظارتي المعظمة، وحينما وجد قوات إسرائيلية اصطحبني لملجأ به قائد استطلاع الجيش الثالث يدعى عقيد عبيد، وسأله ''أيه اخبار العدو؟''، رد عليه قائد الاستطلاع أن العدو بعيد عن مركز القيادة".. يتابع لـ صوت الأمة.
 
ويستطرد: لكني قلت له أن هناك 5 أفراد إسرائيليين وطيارة هليكوبتر طراز بل 205، على مقربة منا، وهو بيبص (ينظر) في النظارة لاحظ الطائرة الإسرائيلية تصعد وتظهر عليها نجمة داوود، بعدها أنهال قائد الجيش على قائد الاستطلاع بالضرب ونهره بشدة، وأمرهم على الفور بنقل مركز قيادة الجيش من منطقة عبيد إلى بعد 50 كم في منطقة الروبيكي (الواقعة على طريق العاشر من رمضان) بعدها بساعات قام العدو بتدمير مركز قيادة الجيش الثالث القديم''، يكمل قناوي
 
معاناته
بعد مرور 44 عام على حرب أكتوبر، يعمل البطل ''عبد المنعم قناوي'' سائقا لسيارة ميكروباص أشتراها بالتقسيط في منتصف الثمانينيات، فهو يحب القيادة بطبعه لكنه وبعد انتهاء حرب أكتوبر، مثله مثل كثير من زملاءه الأبطال، لم يجدوا مكانا لهم في ''عالم التزييف".. هكذا كان تعبيره.
 
وبرغم مرض السكر الظاهر على فمه، والانزلاق الغضروفي الذي يجعله غير متزن في مشيته يصر ''قناوي'' على اقتياد سيارته الميكروباص حتى الأن، كي يستطيع أن يتحصل بعض النقود التي تساعده على المعيشة، بجانب معاشه الشهري المقدر ب 450 جنيه.
 
''قناوي'' أصيب بـ 3 جلطات أحداهما في المخ، عُولج منهم على نفقة الدولة، لكن كل مرة، يصاب لابد أن يتحرك زملاءه القدامى في المقاومة والشيخ حافظ سلامة كي يتوسطوا له عند المحافظ وحينما يعلم المحافظ أنه من الفدائيين يصدر أمر بعالجه.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق