حكم تاريخي.. براءة فتاة خنقت والدها وأحرقت جثته في المنصورة
الثلاثاء، 10 أكتوبر 2017 02:40 م
فى حكم يُعد تاريخيًا من المستبعد أو المستحيل أن يتكرر مرة أخرى داخل أروقة المحاكم المصرية، ما يُعتبر نموذجاَ لتحقيق العدالة، تداول رجال القانون والمتخصصون حكماَ بإعفاء فتاة قتلت والدها حرقا من العقوبة .
لعقوق الوالدين عقوبات مغلظة:
جرائم عقوق الوالدين لها عقوبات مشددة ومغلظة فى القانون المصرى تصل إلى الحد الأقصى فى العقاب حسب الجريمة "ضرب - عاهة مستديمة - شروع فى قتل - إشعال حريق عمدي"، وغير ذلك من جرائم يرتكبها العاقون فى حق آبائهم، إلا حالة واحدة فقط أعفى فيها القانون الابنة من العقاب حال العقوق أو حتى قتل الأب، ألا وهى (الاعتداء على شرفها من قبل "أصلها" والدها-كما ورد على الحساب الشخصى للدكتور محمد صادق، باحث دكتوراه القانون الجنائي بجامعة القاهرة.
ملابسات الواقعة :
"صوت الأمة" تنشر حيثيات الحكم الصادر من محكمة جنايات المنصورة الذى ردت فيه المحكمة على بشاعة الأب وسلوكه، رغم انتهاء الحال به كمجني عليه مقتول ومحرّق الجسد على يد ابنته، بينما وجدت المحكمة الرأفة للابنة القاتلة وعاقبتها بالحبس لمدة سنة واحدة مع إيقاف تنفيذ العقوبة على مدار 3 سنوات، لا يتم خلالها حبس الابنة ليوم واحد طالما لم ترتكب جريمة أخرى.
الفتاة ضغطت على عنق والدها بقطعة قماش
نسبت النيابة فى القضية للمتهمة "عفاف.ع.أ"، 22 سنة، أنها قتلت والدها المجني عليه عمدا بأن قامت بالضغط على عنقه برباط "قطعة قماش" قاصدة، بذلك قتله فأحدثت به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته ثم سكبت الكيروسين "الجاز" على جثته وأشعلت النار فيها بقصد إخفاء معالم جريمتها، وذلك بعدما تعدى عليها جنسيا وذبح شرفها.
الظروف القاسية ساقت الإبنه دفعاَ لقتل أبيها
المحكمة فى حيثيات الحكم التاريخى، قالت إنها تضع موازين القسط وهى بصدد تقرير العقوبة بعد أن أحاطت بوقائع الدعوى عن بصر وبصيرة، وباتت كل نفس بما اكتسبت من الجرم والإثم رهينة، لتأخذ المتهمة بقسط وافر من الرأفة عملا بالمادة 17 عقوبات، وذلك لما وقر في عقيدتها أنها أحيطت بظروف قاسية ساقتها دفعا مغلوبة على أمرها لمقارفة الجريمة بعد أن حسرها اليأس وحصدها الإحباط وتحطمت إرادتها وظلت تقاوم حتى جاءت اللحظة التي استوى فيها عندها الموت والحياة وانهارت لديها كل المعاني والقيم النبيلة، وما كان حصاد جريمتها إلا أبا مجردا من كل مشاعر الأبوة النقية الجميلة، وراعيا تحول إلى ذئب ليتربص للفتك برعيته.
الأب يغتصب ابنته
وأضافت المحكمة أن المتهم طمحت به الشهوات وعصفت به جنون الرغبة المدمرة، فألقت به في أتون الخطيئة فخلط بين الحلال والحرام، واستبد به شيطانه فسلب منه دينه ويقينه فبات كوحش كاسر انفلت من عقاله، وشيطان مريد يستبيح الحرمات ويسعى في الأرض فسادا لا يعرف للأعراض حرمة ولا للحرمات قداسة.
الأب ذبح بجرمه أجمل القيم الإنسانية
وتابعت المحكمة: "ولم تكن ضحيته إلا إحدى محارمه، وأضحى غارقا في غيه وشهواته، ونسى أنه الأب والحامي للعرض والقدوة والملاذ، وانحل رباط الدم الذي يربطه بها ويجرى في عروقها إلى ماء مهين، فخرج عن الناموس الطبيعي لفطرة البشرية، وذبح بجرمه أجمل القيم الإنسانية، يأكل لحم بيته حيا وينهش عرضه في جرأة غير مسبوقة، فيها تظاهر على شريعة السماء، وتمرد على قانون الأرض".
الأب يموت فى مخدع الزنا
واستطردت المحكمة فى حيثياتها: "لقد من الله عليه بالبنات والبنين، فبدل نعمة الله عليه كفرا وأحل لنفسه وقومه دار البوار، فمات في مخدع الزنى والفجور مخنوقا مطوقا بمني الرذيلة، لقد أراد الله أن يفضح ستره ويذيع بين الناس جرمه، ليكون عبرة لأولى الأبصار، واستحالت حياة المتهمة معه إلى مشاهد متوالية منذ الصنف الأسود والفجور والشذوذ والمعاناة حتى الموت.
وقف تنفيذ العقوبة
وأكدت المحكمة، ولتلك الظروف جميعها ولما أحاط بالدعوى من ملابسات ولما رأته المحكمة من جانب المتهمة أنها لن تعود لجريمتها التي سيقت إلى التردي فيها دفعا، واستحسانا من المحكمة في استعمال حقها في المساءلة والعقاب، ونزولا على اعتبارات الملاءمة وحسن التقدير، وسترا لتلك النفوس العارية التي تحتاج لمن يسترها، وتضميدا لتلك الشروخ العميقة التي عصفت بتلك الأسرة وتحتاج لمن يرحمها، ومن ثم فإن المحكمة تأمر "بوقف تنفيذ العقوبة" عملا بنص المادتين 55/1، و56/1 عقوبات لعل المتهمة تتوب إلى بارئها وتتطهر من رجس الخطيئة وتستقيم من بعد على الطريقة المثلى، مع إلزامها المصروفات الجنائية عملاً بنص المادة 313 أ.ج – ولتطوى صفحات تلك النفوس العارية التي احترقت في أتون الشهوات.
... ولهذه الأسباب
وبعد الاطلاع على المواد سالفة الذكر حضوريا بمعاقبة "عفاف.ع.ا"، بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وإلزامها المصاريف الجنائية وأمرت "بوقف تنفيذ العقوبة" لمدة ثلاث سنوات تبدأ من يوم الحكم.