مخازن التربية والتعليم «تيك أواى»
الأربعاء، 11 أكتوبر 2017 01:00 مأحمد جمال الدين
* عضو لجنة التعليم بالبرلمان: أزمة تأخر تسليم الكتاب المدرسى تحولت إلى عادة سنوية
* مسئول بقطاع الكتب ينفى وجود أى تأخيرات.. ونقص كتب الرياضيات والعلوم فى مدارس «اللغات» نتيجة تقاعس الإدارات
* تكلفة طباعة الكتب تصل إلى 2 مليار و600 مليون بزيادة قدرها 80٪ عن العام الماضى
* المخازن تبيع الكتب المدرسية مقابل مبالغ مالية.. والمدارس تواجه نقصا حادا بها
فى الوقت الذى يشهد فيه العديد من المدارس نقصا حادا فى الكتب المدرسية، والتى تبلغ تكلفة طباعتها مليارا و800 مليون جنيه بزيادة قدرها 600 مليون جنيه عن العام الماضى بحسب ما أكدته لجنة التعليم بمجلس النواب.
وفى جولة لـ«صوت الأمة» استطاعت الحصول على مقررات العام الدراسى لمختلف الصفوف من الابتدائية وحتى الثانوية العامة، من مخازن التربية والتعليم المنتشرة فى محافظتى القاهرة والجيزة.
كانت البداية مع مخزن وزارة التربية والتعليم فى محافظة الجيزة، حيث كان المقصد الأول لأولياء الأمور الراغبين فى الحصول على الكتب المدرسية، والذى وضع القائمون عليه لافتة كبيرة تعلو بوابته الحديدية الضخمة، تشير إلى منع بيع الكتب للجمهور بناء على القرارات الوزارية الأخيرة، والتى أدت إلى غضب عدد من العاملين به، معتبرين ذلك القرار «قطع أرزاق»، بحسب تعبيرهم.
وهو ما عبر عنه أحد عمال الوردية الثانية بقوله: «منذ شهور قليلة فقط، كان يُسمح لنا ببيع الكتب المدرسية للجمهور، بسبب رفض عدد من المدارس تسليم المقررات الدراسية إلا بعد دفع كامل المصروفات، ولكن بعد ظهور أزمة نقص الكتب، قررت الوزارة منع بيعها للجمهور، بس لو عاوز كتب تعالى لى وأنا مش هتأخر عنك بس يكون آخر النهار، وتابع « لو مالقتنيش اسأل على عم «م، ن» عامل الموقف، هايقضيلك اللى انت عاوزه».
فى الجولة الثانية قصدنا مخزن الوزارة فى «منطقة حلوان»، فى الوقت الذى تجمع فيه عشرات الأهالى أمام بعض المدارس فى حلوان، اعتراضًا على تأخر استلام المقررات الدراسية نتيجة عدم وصول الكتب لمخازنها وظهور أزمة النواقص داخل عدد من المدارس، فيما حصلت «صوت الأمة» على المقررات الكاملة بدءا من الصف الأول الإعدادى وحتى المرحلة الثانوية، بعد دفع 150 جنيهًا، فقط لحارس السيارات المتواجد أمام المخزن، والذى يعمل كحلقة وصل بين المشترى وعمال المخزن بالداخل، بقولهم « شوف اللى أنت عايزه وأنا أجيبهولك، كله موجود، حتى المقررات اللى ناقصة من المدارس فى 5 دقائق فقط».
لم يختلف الأمر كثيرًا فى مخزن الوزارة الثالث، بأحد الميادين الشهيرة بالقاهرة، إذ سمح لنا أحد العاملين فى المخزن بالدخول والتجول والانتقاء من الكتب حسب رغبتنا، مقابل 80 جنيهًا فقط، قائلا، «أى كتاب انتوا عايزينه هتلاقوه، غير المدارس اللى مش عارفة تسلم الكتب للتلاميذ».
وعن الموقف الرسمى، يقول عبده عبدالشافى، نائب رئيس قطاع الكتب بوزارة التربية والتعليم السابق، إن بيع المخازن للكتب جريمة يُعاقب عليها من خلال الإحالة للإدارة القانونية بالوزارة، وقد يصل الأمر إلى النقل أو العزل من الوظيفة.
وقال «عبدالشافى» فى تصريح لـ «صوت الأمة»:، إن تسليم الكتب للإدارات التعليمية يتم عبر تقديم طلب للوزارة بأصناف الكتب التى تحتاجها وعددها، ووضعها فى المخازن التابعة لها، وتوزيعها على المدارس وفق احتياجاتها.
وكشف عبدالشافى عن أن السبب الحقيقى الذى يسمح بوجود تلاعب، يرجع إلى عدم قيام بعض الإدارات التعليمية بتنفيذ توصية وزارة التربية والتعليم بجرد المخازن، لحصر محتوياتها بصفة دورية.
وفى جولة أجرتها «صوت الأمة» كانت البداية مع ولية أمر أحد طلاب المرحلة الابتدائية وتحديدا فى الصف الرابع الابتدائى، فى إحدى المدارس التابعة لحى شبرا بمحافظة القاهرة والتي قالت إن المدرسة لم تقم بتوزيع الكتب الدراسية المقررة على الطلاب على الرغم من بدء الدراسة، ودفع المصروفات المقررة، معلله سبب التأخير بعدم وصول كل الكتب على المدارس، وكذا الأمر فى حى الزيتون حيث أكد عدد كبير من أولياء الأمور من عدم تسلم أبنائهم كتب الرياضيات واللغة الإنجليزية، ولم يختلف الحال كثيرا فى مدارس حلوان.
ومن جانبه قال النائب فايز بركات، عضو لجنة التعليم بمجلس النواب، إن أزمة تأخر تسليم الكتاب المدرسى للطلاب تحولت إلى عادة سنوية مع بداية العام الدارسى، وأن ما اعلن عن الانتهاء من طباعة ما يقرب من 98 ٪ من المقررات الدراسية لا يتطابق مع الواقع الفعلى، خاصة بعد معاناة عدد كبير من أولياء الأمور من نقص المقررات الدراسية.
واقترحت ضرورة استرجاع الكتب المدرسية فى نهاية العام الدراسى ليتم توزيعها بعد ذلك على الطلبة الجدد فى السنة المقبلة كأحد الحلول لتلك الأزمة، فى ظل إهدار الملايين فى الظروف الأقتصادية التى تمر بها البلاد..
وأوضح عضو لجنة التعليم بالبرلمان، أن ميزانية طبع الكتاب المدرسى فى موازنة 2016/2017 وصلت إلى مليار و800 مليون جنيه، ومن الممكن استغلاله فى تطوير التعليم العام والفنى، مقترحا أن يتم استغلال الكتب المدرسية لمدة 4 أعوام، واصفا ما يحدث كل عام دراسى بـ «العشوائية» فى إهدار ثروة تعليمية تتمثل فى الكتاب المدرسى.
فيما أيدت النائب ماجدة نصر عضو لجنة التعليم بالبرلمان، المقترح السابق كمرحلة انتقالية لحين التطوير الشامل المتمثل فى إدخال وسائل التكنولوجيا الحديثة فى منظومة التعليم والاعتماد على بنك المعرفة.
ومن جانبه نفى طارق حمزة مدير المكتب الفنى لرئيس الإدارة المركزية لشئون الكتب، وجود أى تأخيرات أو نقص فى الكتب مشددا على أن نسبة تسليم المقررات الدراسية للإدارات التعليمية المختلفة وصلت إلى 100 ٪ بتكلفة طباعة تصل إلى 2 مليار و600 مليون بزيادة قدرها 80 ٪ عن العام الماضى.
وبسؤاله عن شكوى أولياء الأمور بخصوص نقص كتب الرياضيات والعلوم فى مدارس اللغات التجريبية والخاصة، أوضح حمزة، أن الإدارات التعليمية هى المسئولة فى المقام الأول عن تلك الأزمة، مؤكدا أن تقاعس الإدارات عن سداد ثمن هذه الكتب لذلك لم تقم الوزارة بتوريد المقررات الدراسية المتواجدة بمخازن أكتوبر فى الوقت الحالى.
وعما كشفته صوت الأمة من وجود تلاعب بمخازن التربية والتعليم وحصولها على مقررات دراسية بالمخالفة للتعليمات الوزارية قال، الوزارة لا تسأل إلا عن المخزن التابع لها فى أكتوبر فقط، أما باقى المخازن فتتبع الإدارات التعليمية المختلفة وتسأل عنها».