حلمي البلك.. الفدائي الذي أذاع بيان حرب أكتوبر (بروفايل)

 

في مقر إذاعة صوت العرب بـالقاهرة حضر رئيسها الأستاذ "حلمي مصطفى البلك"، منذ صباح باكر ليوم السادس من أكتوبر من عام 1973، كانت الأجواء عادية تماماً في محيط مبنى ماسبيرو، لم يكن أحد يتوقع أن هناك خطوات جادة من الجيش المصري لعبور قناة السويس.. مرت ساعات الصباح سريعة جداً.

 

إلى أن جاء الساعة الثانية و10 دقائق بالضبط رن الهاتف، الخاص برئيس إذاعة صوت العرب، "بيان عاجل للقوات المسلحة"، لم يجد رئيس صوت العرب "حلمي البلك" مفراً من أن يُذيع البيان رقم 1 للقوات المسلحة، فمنذ التحاقه بإذاعة صوت العرب عام 1958 محرراً ومذيع نشرات الأخبار، كان يحرر نشرة الأخبار بنفسه ثم يقرؤها.

بيان رقم 1

 

"هنا القاهرة.. جاءنا الآن البيان التالي من القيادة العامة للقوات المسلحة، قام العدوُ في الساعة الواحدة والنصف من بعد ظُهر اليوم، بمهاجمة قواتنا بمنطقتي الزعفرانة والسخنة، في خليج السويس بواسطة عدة تشكيلات من قواته الجوية، عندما كانت بعض من زوارقه البحرية، تقترب من الساحل الغربي، من الخليج، وتقوم قواتنا حالياً بالتصدي للقوات المغيرة.. هنا القاهرة"..

 

لم يدرك "البلك" وهو يُذيع بيان رقم 1 من القوات المسلحة أنها الحرب قد بدأت، لكن الساعة دقت الثانية و35 دقيقة "بيان أخر للقوات المسلحة"، طلب رئيس الإذاعة من زميله مذيع نشرات الأخبار وقتها يحيى عبد العليم بإذاعته.

 

"هنا القاهرة جاءنا الآن من القيادة العامة للقوات المسلحة البيان التالي بيان رقم 2، رداً على العدوان الغادر الذي قام به العدو، ضد قواتنا تقوم حاليا بعض من تشكيلاتنا الجوية، بقصف قواعد العدو وأهدافه العسكرية في الأراضي المحتلة.. هنا القاهرة"..

 

ماذا يحدث بالضبط؟.. هل هي الحرب بدأت فعلاً؟..

دقت عقارب الساعة الثالثة بالظبط.. بيان ثالث للقوات المسلحة.. ، حلمي البلك يُسرع لإذاعته "هنا القاهرة جاءنا الآن من القيادة العامة للقوات المسلحة البيان التالي.. إلحاقنا للبيان رقم 2 نفذت قواتنا الجوية، مهامها بنجاح، وأصابت مواقع العدو بإصابات مُباشرة، وعادت جميع طائراتنا إلى قواعدها سالمة عدا طائرة واحدة.. هنا القاهرة".

 

في هذه اللحظة أدرك "البلك" بحسه المخابراتي وحماسه الوطني أن الحرب قد بدأت، وأخذ يراقب عقارب ساعته مُتلهفاً للبيان الرابع والخامس والسادس، من أجل استعادة سيناء.

 

ففي خلال عمله بـ"صوت العرب" قام بعمل وطنى جليل أثناء حرب الاستنزاف حيث قام بالاتفاق مع السلطات المعنية بتوجيه رسائل شفوية "مُشفرة للفدائيين داخل الأراضي المحتلة في سيناء عن طريق برنامج "الشعب في سيناء"- الذي كان يُقدمه آنذاك- ، وذلك لقيام الفدائيين بتنفيذ عمليات في عمق سيناء ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي.

بيان رقم 4.. 

 

في الثالثة والنص.. "هنا القاهرة.. جاءنا الآن من القيادة العامة للقوات المسلحة البيان التالي.. البيان رقم 4 حاولت قوات معادية الاستيلاء على جزء من أراضينا غرب القناة وقد تصدت لها قواتنا البرية وقامت بهجوم مضاد ناجح ضدها بعد قصفات مُركزة، من مدفعيتنا على النقط القوية المُعادية، ثم قامت بعض من قواتنا باقتحام قناة السويس، مُطاردة العدو إلى الضفة الشرقية، في بعض مناطقها ولا زال الاشتباك مُستمر على الضفة الشرقية لقناة السويس.. هنا القاهرة".. أذاع هذا البيان يحيى عبد العليم مُذيع بصوت العرب.

 

وجاء البيان الخامس وأذاعه حلمي البلك في الساعة الرابعة و6 دقائق، وأعلن قيام قواتنا المسلحة بعبور قناة السويس واقتحام خط بارليف المنيع.

 

"حلمي البلك" تولى عدة مناصب قيادية منها محررا للأخبار بالشئون السياسية في إذاعة صوت العرب من عام 1958، ثم نائبا لمدير إذاعة صوت العرب ثم مديرا لها عام 1971، ولكفاءته التحق بالتلفزيون المصري إلى جانب عملة الإذاعى كما اختير عضواً بالمجلس الشعبي لمحافظة سيناء عام 1971، فهو من مواليد 9 أغسطس من سنة 1934 في بلدة العريش.

 

وفى عام 1985 تم تعينه نائبا لرئيس شبكة صوت العرب ثم رئيسا للشبكة عام 1987، وبعد ذلك نائبا لرئيس قطاع الإذاعة عام 1991 ثم رئيسا لها في 8 نوفمبر 1991م وحتى 7 أغسطس من عاما 1994، كما اختير مستشارا بمجلس الشعب عام 1995 والجدير بالذكر أنة عمل كمراسل إذاعي لدى كافة الدول العربية.

 

جوائز وتكريم

قدم عدة برامج عبر أثير الإذاعة من بينها "شعب لن يموت، الشعب في سيناء، بادية العرب، حوار مع مستمع، أل البيت، قالوا عن محمد صلى الله عليه وسلم معالم عربية"، ولاقى برنامجه " يا عرب" شُهرة واسعة خلال فترة الاحتلال الإسرائيلي لسيناء.

 

وأيضا قدم مجموعة من البرامج التلفزيونية من بينها برنامج السينما والحرب، وربي زدني علما، والعالم بين يديك، وندوة للرأي وجوار مع التائبين.

 

نال" البلك" تكريم خاص من محافظة شمال سيناء، ونال العديد من شهادات التقدير والأوسمة والجوائز وحصل على درع محافظات مصر كلها، كما نال تكريم خاص من وزارة الداخلية لجهوده البارزة في محاربة التطرف والإرهاب، وتقديرا من محمد صفوت الشريف وزير الإعلام الأسبق بمنحه العديد من الجوائز وشهادات التقدير، ومنحته حكومة الكويت درعاً تقديراً لدورة البارز في أثناء حرب الخليج ، ووسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى من الرئيس الأسبق حسني مبارك.