حرب أكتوبر بأدوات الصحافة الإلكترونية.. "صوت الأمة" تقدم لك التجربة:
تفاصيل العبور البري لقناة السويس.. أسراب بشرية تأكل الأرض من تحت العدو
الجمعة، 06 أكتوبر 2017 09:00 م
أسراب من البشر، بدأت في موجات متتالية، تعبر قناة السويس، بدأت الأولى منها من خمس فرق مشاة وقوات قطاع بورسعيد، مستخدمة حوالى ألف قارب اقتحام مطاطي.
في تمام الساعة "1420" بدأت الموجات الأولى لخمس فرق مشاة وقوات قطاع بورسعيد فى اقتحام قناة السويس، مستخدمة حوالى ألف قارب اقتحام مطاط، وبعدها بدقائق وضع ثمانية آلاف جندى أقدامهم على الضفة الشرقية وهم يهللون بملء حناجرهم "الله أكبر"، وبدأوا في تسلق الساتر الترابى المرتفع، واقتحام دفاعات العدو الحصينة، وهم يحملون أسلحتهم الشخصية، والأسلحة الخفيفة المضادة للدبابات، وفق كلًا من اللواء حسن البدري، وطه المجدوب وعميد أركان حرب ضياء الدين زهدي في كتابهم حرب رمضان.
وفق المراجع التاريخية، في أقل من ست ساعات وبالتحديد في الساعة 1930 أتمت الفرق الخمس مشاة وقوات قطاع بورسعيد اقتحام قناة السويس على مواجهة 170 كيلومترًا، بقوة 80 ألف جندي، باستخدام قوارب الاقتحام المطاط، ووسائل العبور والاقتحام الأخرى في 12 موجة متتالية وأتمت الاستيلاء على 15 نقطة قوية للعدو، وأكملت حصار باقي النقاط القوية، كما تمكنت قواتنا من الاستيلاء على رؤوس الكبارى بعمق 2 إلى 4 كيلومتر.
ونجحت القوات في أقل من ست ساعات خط بارليف الدفاعي وحطمت حصونه التى استمر العدو يتغنى بها كل السنوات الماضية.
قبل آخر ضوء كانت أعداد كبيرة من طائرات الهليوكوبتر قد أفرغت حمولتها من رجال الصاعقة في عمق سيناء شمالًا وجنوبًا، في الشمال قاتل رجال الصاعقة في مواجهة الجيشين الثاني والثالث في عمق سيناء قتالًا مستميمتًا على الطرق والمضايق ضد مدرعات العدو التي حاولت الاقتراب لإجهاض عملية عبور قواتنا.
يقول لواء محمد عبد الغنى الجمسى رئيس هيئة العمليات بحرب أكتوبر 1973 فى مذكراته (ومن الملامح البارزة في قتال هذا اليوم ـ وطول مدة الحرب ـ أن القادة كانوا يضربون القدوة والمثل لرجالهم، يتقدمون جنودهم ، ويقاتلون معهم فى الخطوط الأمامية ، ويستشهدون بينهم و يكفى أن نعلم أن الضباط قادة الفصائل والسرايا عبروا فى الدقائق الأولى، وأن قادة الكتائب قد عبروا خلال 15 دقيقة من بدء القتال، وعبر قادة اللوءات خلال 45 دقيقة، وقادة الفرق خلال ساعة ونصف من بدء الحرب
ولذلك كانت نسبة الخسائر فى الضباط والقادة عالية عن المعدل، إلا أن الأصرار على تنفيذ المهام كان يتطلب منهم ذلك وفى سبيل النصر وتحرير الأرض تهون الأرواح.
كان من أصعب المواقف التى تواجه المشاة ، هى الفترة الحرجة التى كان عليهم أن يقاتلوا دبابات العدو لمدة 6 إلى 8 ساعات حتى تنضم إليهم الإسلحة الثقيلة من الدبابات والأسلحة الأخرى بعد عبورها على المعديات والكبارى وقد تطول المدة إذا تاخر انشاء بعض المعابر او تعطل تشغيلها.
إن قتال المشاة ضد الدبابات هو قتال غير تقليدى يتطلب مهارة وشجاعة كبيرة وكان امام المشاة بعد ظهر ذلك اليوم بالجبهة 300 دبابة إسرائيلية موزعة على طول الجبهة، وقد تمكنت قوات المشاة والصاعقة من تدمير 100 دبابة بمعاونة من نيران المدفعية الموجودة على الضفة الغربية للقناة) ـ مذكرات الجمسى.
وبحسب مراجع تاريخية، وفي الساعة الثانية وخمس وثلاثين دقيقة قامت طلائع القوات التى عبرت القناة برفع أعلام مصر على الشاطىء الشرقى للقناة معلنة بدء تحرير الأرض السليبة، واستمر تدفق الموجات عبر القناة بانتظام بفاصل حوالى 15 دقيقة بين كل موجة وأخرى حتى الموجة الرابعة حيث بدأ تناقص معدل التدفق نتيجة لإرهاق الأطقم المخصصة للتجديف فى القوارب ولحدوث بعض الأعطال فيها وتسرب المياه بداخلها.
وأدى عدم انتظام تدفق موجات العبور إلى اللجوء إلى المرونة وعدم التقيد بتسلسل العبور، ولذا اعطيت الأسبقية لعبور الأفراد والأسلحة المضادة للدبابات والمعدات التى تؤثر على سير القتال، مع استخدام بعض الناقلات البرمائية من طراز كيه 61 حمولة 3 أطنان لنقل الألغام.
وحتى الساعة الرابعة والنصف مساء تم عبور 8 موجات من المشاة، واشتد ضغط أفراد المشاة المصريين على حصون خط بارليف ونقطه القوية وكان الحصن المقام عند علامة الكيلومتر 19 جنوب بورسعيد ـ حصن لاهتزانيت ـ هو أول الحصون التى سقطت وكان ذلك فى الساعة الثالثة والنصف بعد الظهر ، وتوالى بعد ذلك سقوط باقى الحصون.
وفى حوالى الساعة الخامسة والنصف مساء أى قبل الغروب تم إبرار 4 كتائب صاعقة بواسطة الهوليكوبتر التى كانت تطير على ارتفاع منخفض فى عمق العدو فى أماكن متفرقة داخل سيناء، ونظرُا لخروج هذه الطائرات عن نطاق مظلة الصواريخ المصرية غرب القناة فقد استطاع العدو اسقاط عدد منها بحمولتها البشرية.