معركة رأس العش.. ملحمة لم تهدأ نيرانها بعد
الخميس، 05 أكتوبر 2017 03:42 م
نشرت الصفحة الرسمية للقوات المسلحة العقيد تامر الرفاعى، إحدى بطولات الجيش المصرى التى تجسدت فى معركة رأس العش.
تمثل رأس العش أهم نقطة قوية أقامها العدو عند كم 10 شمال القناة وتمثل القفل الشمالى لخط بارليف على القناة كما أنه يؤمن القطاع الشمالى والطريق الأوسط إلى سيناء ويمثل نقطة إنذار رئيسية بالإضافة إلى أنه جهز كمركز قيادة متقدم للقطاع الشمالى لسيناء.
تقع هذه النقطة الحصينة فى مواجهة الموقع الأول لقواتنا المسلحة وهى امتداد لملاحة بور فؤاد التى تصل من القناة وحتى بحيرة البردويل، والتى لا تصلح فى معظمها لسير الحملات والمناورات للقوات، حيث إن المنطقة الصالحة للتحرك فيها بعرض لا يزيد على 300 متر شرق القناة.
أقام العدو العديد من التجهيزات الهندسية، التى تمثلت فى ثلاث نقط قوية كاملة ومتصلة مع بعضها بخنادق ومواصلات تتعاون مع بعضها البعض بالنيران والأسلحة لصد أى هجوم لقواتنا على أى نقطة منه، يصل عمق الموقع إلى 500 متر وبمواجهة 350 متر على القناة ومحاط بحقول ألغام مختلط بعمق 100 إلى 150 متر وتزيد مسافة الألغام شمالا وتكون النقطة مثلث مقلوب رأسة فى اتجاه الجنوب وقاعدته فى اتجاه الشمال مقسم إلى ثلاثة قطاعات مربوطة بشبكة وقد زود الموقع بالعديد من الدشم الحصينة ومواقع للهاون وصواريخ أرض أرض ومصاطب للدبابات وحفر للأسلحة الخفيفة.
وقد كلفت إحدى كتائب المشاة بالهجوم والاستيلاء على الموقع لما لها من خبرات وذلك لمشاركة أفراد الكتيبة فى معارك الاستنزاف وقيامهم بعمليات خاصة وإغارات على هذا الموقع تحديداً، والإعداد والتدريب الحى على ميادين وأرض مشابه حتى أتقن كل فرد المهمة والواجب الموكل إليه لينفذ المهمة المطلوبة منه بنجاح.
وقد بنت القيادة خطة الاستيلاء على الموقع بإعادة تجميع الكتيبة والأسلحة والمعدات خلال يومى الرابع والخامس من أكتوبر1973، واستغلال التمهيد النيرانى وأسلحة الرمى المباشر ونيران الدبابات على النقطة الحصينة فى حين تقوم السرية الثانية للكتبية باقتحام قناة السويس من الغرب فى اتجاة القطاع الجنوبى للموقع لمهاجمته والاستيلاء عليه وفى نفس الوقت تقوم السرية الأولى للكتيبة مدعمة بسرية دبابات عدا فصيلة ومعها (2) دبابة دقاقة بمهاجمة القطاع الشمالى الغربى، والاستيلاء عليه بعد فتح عدد من الثغرات فى حقول الألغام بواسطة الدقاقات وأفراد المهندسين ودفع فصيلة من قيادة اللواء، لإجراء هجوم خداعى فى اتجاه القطاع الشمالى الشرقى للموقع، وفى نفس توقيت هجوم السرية الأولى والسرية الثانية.
وتحتل السرية الثانية الموقع الأول وتقدم المعاونة النيرانية للسرية الأولى أثناء إقتحامها الموقع ويتم تعاون القوتين فى استكمال الإستيلاء عليها بالتعاون مع نيران المدفعية والهاونات ووسائل الدفاع الجوى.
انطلقت الشرارة الأولى لحرب العزة والكرامة فى الساعة الثانية يوم السادس من أكتوبر1973، بدأت القصفة الأولى للمدفعية على النقطة القوية للموقع فى الساعة الثانية والخمس دقائق على المزاغل وأبراج المراقبة لتعميتها، وفى نفس الوقت بدأ تحرك الهجوم الخداعى بعدد (15) قارب اقتحام وبقوة فصيلة من قيادة اللواء للتحرك شمال شرق الموقع، وفى الساعة الثانية وأربعون دقيقة عبرت السرية الأولى الحد الأمامى لدفاعاتنا يتقدمها (2) دبابة دقاقة لفتح الثغرات والدبابات المدعمة لها وعلى مسافة (400) متر من الموقع الحصين احتلت إحدى فصائل السرية ومعها الدبابات وأسلحة الرمى المباشر بالإضافىة إلى (4) مدافع المدعمة للسرية إحدى السواتر الترابية للعمل كقاعدة نيران لستر باقى السرية المشكلة كمجموعات اقتحام، وفى نفس الوقت تحركت مجموعات المهندسين ومعها (2) دقاقة لفتح الثغرات وحقول الألغام.
وفى الساعة الثالثة تم احتلال قاعة نيران السرية الأولى وبدء المهندسون فى فتح الثغرات وعبور الموجات الأولى لمجموعات اقتحام السرية الثانية، ووصلت مجموعتى الاقتحام للشاطىء الشرقى للقناة وتغلبت على الساتر ونزلت فى خنادق النقطة الجنوبية وبدأت فى اقتحامها للنقطة، إلا أن إحدى دبابات العدو تمكنت من احتلال إحدى المصاطب للساتر الترابى وبدأت فى توجيه ضربات نيرانية فى اتجاه باقى مجموعات اقتحام السرية الثانية أثناء عبورها للقناة، كما احتلت دبابة أخرى للعدو إحدى المصاطب على الساتر الترابى أمام الملاحات وبدأت تنتج نيران مؤثرة على مجموعات المهندسين التى تقوم بفتح الثغرات شمال الموقع فأصيبت الدقاقات ولم يتمكن المهندسين من فتح الثغرة.
ومن الساعة الثالثة وحتى السابعة مساءً، دار قتال شرس وتراشق بالمدفعية بين قواتنا المهاجمة وقوات العدو، التى تحصنت داخل الدشم وأخذت تستعمل كافة أسلحة الموقع وإمكانياته لإيقاف تقدم قواتنا، وقد تمكنت قواتنا من دفع مجموعة اقتناص دبابات واستطاعت تدمير الدبابة التى تعوق عبور مجموعات السرية الثانية، كما تم سحب الفصيلة الخاصة التى تقوم بأعمال الهجوم الخداعى من اتجاه البحيرات لتعزيز موقف السرية الثانية والاشتراك معها فى اقتحام النقطة الجنوبية من الخلف، أما السرية الأولى فقد قرر قائد الكتيبة إيقاف تقدمها مع التمسك بموقعها التى وصلت له واستنزاف قوات العدو داخل الموقع واختيار نقاط الضعف فى النقطة لتعديل خطة الهجوم طبقاً لذلك.
وفى الساعة العشرة مساء يوم السادس من أكتوبر استولت السرية الثانية على القطاع الجنوبى وأعطى قائد اللواء أوامره بدفع سرية صاعقة ليلاً عبرت القناة من اتجاه السرية الثانية للاشتراك معها فى مهاجمة الموقع من الجنوب وفوجئ العدو بالهجوم الواسع من كل الاتجاهات وأدرك أن القوات المصرية قد أطبقت عليه من كل جانب فاندفع يطلق نيراناً مذعورة فى كل اتجاه.
وفى فجر يوم 7 أكتوبر.. وفى الساعة الثالثة فجراً أكملت السرية الثانية وسرية الصاعقة والفصيلة الخاصة حصار الموقع من جميع الجهات بعد أن دفعت مجموعة اقتناص دبابات تمكنت من تدمير الدبابة، التى كانت تحتل موقع الملاحات وفى نفس الوقت تم سحب قوة السرية الأولى إلى الموقع الأول لقواتنا على أن تقوم بمعاونة مجموعات اقتحام السرية الثانية والصاعقة بالنيران أثناء استكمال اقتحام الموقع وقد استمر عمليات التسلل واقتحام وتطهير دشم العدو، فسقطت الواحدة تلو الأخرى حتى الساعة الرابعة والنصف من نفس اليوم فى قتال متلاحم داخل الخنادق وخنادق المواصلات فى الموقع الحصين.
فى حين اختفت باقى قوات العدو داخل الدشم المحصنة وأغلقت أبوابها الصلب وأخذت تطلق النيران من الفتحات فى كل اتجاة على قواتنا المتقدمة داخل الخنادق بعد القضاء على المقاومة المعادية التى واجهتها وفى الساعة الخامسة تمكنت مجموعات الاقتحام من التسلل إلى فتحات الدشم وألقت بقنابلها اليدوية بداخلها لإجبار الأفراد على الخروج وتمكنت مجوعات التدمير من نسف مداخل الدشم واقتحامها وتدميرها وتطهيرها من قوات العدو وحاول أفراد العدو الباقين الهروب من الموقع بدبابة وعربة نصف جنزير، إلا أن مجموعات الاقتناص لاحقتها وأطبقت عليها وتم تدميرها بأفرادها ولم يتبقى إلا (27) فردا تم أسر من بقى منهم حياً وتم رفع العلم المصرى عالياً خفاقاً على الموقع بعد أن انتهت إلى الأبد غطرسة العدو فى رأس العش وتقدمت قواتنا بخطوات واثقة على أرض سيناء الحبيبة.