في قبول النفس
الأربعاء، 04 أكتوبر 2017 06:50 ص
ينقم الكثير منَّا على حاله وماله ؛ فمن ناقم على قصر قامته، إلى آخر ناقم على قصر ذات يده، إلى ثالث ناقم على زيادة وزنه... إلخ صور النقمة التي نعهدها، والتي ألفناها في حياتنا.
البادئة اللازمة في هذا الموضوع هي التفريق بين ما هو خارج عن إرادة الإنسان واختياره وبين ما هو بيده وطوع أمره. فالمقصود بالقبول هنا هو الصنف الأول، أي ما يخرج عن دائرة الاختيار. أمَّا ما يدخل في اختيار الإنسان، فهو مدعو لتغييره إن لم يكن حسنًا، وتجويده إن كان حسنًا.
فمن يولد بداءٍ معيّن أو ممن يولد من ذوي القدرات الخاصة، عليه أن يصادق نفسه، ويصاحب قدره، ويستأنس بقضاء الله، ويأنس أمر لا مفر منه. ولعلّ قبول النفس، لا يخلو من مزايا ؛ فبالإضافة إلى كونه مطلب ديني، ووجه إيماني، فهو مفتاح السعادة والنجاح، فمن ناحية كونه منبع للسعادة، إذ إنَّ التصالح مع النفس وقبولها، يلقي بالرضا والقناعة مع الذات، وهو ما ينعكس بدوره على الحالة المزاجيّة للإنسان ويحيلها إلى نفس سعيدة مسرورة، ومن ناحية كونه مفتاح النجاح، فتلك نتيجة مترتبة على سابقتها، فمن يكون سعيدًا، قابلًا لنفسه، سيحشد كل وقته وجلّ جهده للعمل والنجاح، وبدلًا من إهدار الوقت في ندب الحظ، وشغل الذهن بما لا طائلة منه، سيتخطى تلك المرحلة إلى مرحلة الإجادة والتفوّق والإبداع.
من منَّا لا يعرف نابغة تصالح مع نفسه، فكان ذلك دافعًا للريادة ؛ فعميد الأدب العربي طه حسين، مثالًا واضحًا، ودليلًا دامغًا على صحة ما نقول. فالمكانة التي تبوءها عجز غيره من المبصرين تبوئها، وتتعدد الأمثلة...
فالسمنة والنحافة، طول القامة وقصرها، ذوو القدرات الخاصة، المصابون بالحول، أو بعيب خلقي ؛ هؤلاء جميعهم مدعوون لقبول النفس والتصالح معها وأمن جانبها.
يقع على عاتق المجتمع مسؤولية مساعدة هؤلاء على قبول أنفسهم ودمجهم داخل منظومته.
فليقبل كلٌ منَّا بنفسه، وليتصالح مع ذاته، وليصادق قدره...