روح أكتوبر.. "الجمسي" مهندس أكتوبر بـ "الكشكول" (بروفايل)
الثلاثاء، 03 أكتوبر 2017 01:52 ممحمد أبو ليلة
في يناير من عام 1974 وبينما كانت المفاوضات على أشدها بين الجانبين المصري والإسرائيلي لاتفاقية فض الاشتباك الأول، خرج رئيس الوفد المصري وقتها المشير عبد الغني الجمسي من أحدى جلسات المفاوضات دون أن يسلم على أي من أعضاء وفد المفاوضات الإسرائيلي أو تصدر عنه كلمة واحدة، وكانت هذه عادته طوال زمن المفاوضات، فأسرع وراءه قائد الوفد الإسرائيلي الجنرال "عيزرا وايزمان" الذي أصبح رئيسا لإسرائيل فيما بعد، وقال له: "سيادة الجنرال، لقد بحثنا عن صورة لك وأنت تضحك فلم نجد، ألا تضحك أبدا؟.
فنظر إليه "الجمسي" شزراً ثم تركه ومضى.. وبعدها كتب وايزمان في مذكراته عن المشير الجمسي: "لقد هزني كرجل حكيم للغاية، إنه يمثل صورة تختلف عن تلك التي توجد في ملفاتنا، ولقد أخبرته بذلك".
كشكول الجمسي
قبل حرب أكتوبر وتحديداً في يناير من عام 1972 تولى" الجمسي" رئاسة هيئة عمليات القوات المسلحة، كانت هيئة العمليات في عهد تضع الخطط لتنفيذ عبور قناة السويس واقتحام خط بارليف، وأوكل إليه تحديد الفترة الزمنية المناسبة لبدء الحرب على إسرائيل، فكتب الجمسي كل اقتراحاته ودرساته عن الخطة وتوقيتاتها في كشكول دراسي خاص بابنته الصغرى؛ فلم يطلع عليه أو يقرؤه أحد إلا الرئيس المصري أنور السادات والسوري حافظ الأسد خلال اجتماعهما لاتخاذ قرار الحرب،
قبل حرب أكتوبر وتحديداً في يناير من عام 1972 تولى" الجمسي" رئاسة هيئة عمليات القوات المسلحة، كانت هيئة العمليات في عهد تضع الخطط لتنفيذ عبور قناة السويس واقتحام خط بارليف، وأوكل إليه تحديد الفترة الزمنية المناسبة لبدء الحرب على إسرائيل، فكتب الجمسي كل اقتراحاته ودرساته عن الخطة وتوقيتاتها في كشكول دراسي خاص بابنته الصغرى؛ فلم يطلع عليه أو يقرؤه أحد إلا الرئيس المصري أنور السادات والسوري حافظ الأسد خلال اجتماعهما لاتخاذ قرار الحرب،
واختار الجمسي في كشكوله توقيت الحرب بعناية بالغة.. الساعة الثانية ظهرا من يوم السادس من أكتوبر 1973 الموافق العاشر من رمضان عام 1393، وهو أنسب توقيت ممكن للحرب، نظرا لوجود 8 أعياد يهودية وموافقته لشهر رمضان، ولأن التنسيق بين الجيشين المصري والسوري كان من أصعب مهام الحرب، ويحتاج إلى قائد من طراز فريد؛ لم يكن هناك أفضل من الجمسي.
الثغرة
الجمسي الذي ولد يوم 9 سبتمبر من عام 1921، عاش أصعب لحظات حياته عندما كان رئيس لهيئة عمليات القوات المسلحة، في فترة "ثغرة الدفرسوار"، حينما حدث خلاف شهير بين السادات ورئيس أركان حرب القوات المسلحة الفريق سعد الدين الشاذلي الذي تمت إقالته على إثرها ليتولى الجمسي رئاسة الأركان، فأعد على الفور خطة لمحاصرة وتدمير الثغرة وأسماها " شـامل" إلا أنها لم تنفذ نتيجة صدور وقف إطلاق النار.
أثناء ثغرة الدفرسوار اختاره السادات قائدا للمفاوضات مع الإسرائيليين بعد الحرب، ووقت هذه المفاوضات كان وزير الخارجية الأمريكية هنري كسينجر حاضراً وأخبر "الجسمي"، بموافقة الرئيس أنور السادات على انسحاب أكثر من 1000 دبابة و70 ألف جندي مصري من الضفة الشرقية لقناة السويس، فرفض الجمسي وسارع بالإتصال بالرئيس أنور السادات الذي أكد موافقته؛ وكان صدام القرار الاستراتيجي والعسكري للجمسي الذي لم يجد لنفسه بُد سوى تنفيذ الأوامر.
بعد الحرب رُقي الجمسي إلى رتبة الفريق أول مع توليه منصب وزير الحربية عام 1974 وقائد عام للجبهات العربية الثلاث عام 1975، وواصل أثناء توليه للوزارة استكمال تدريبات الجيش المصري؛ استعدادا للمعركة التي ظل طوال حياته يؤمن بها، وكان قرار السادات بألا يخرج كبار قادة حرب أكتوبر من الخدمة العسكرية طيلة حياتهم تكريما لهم، إلا أن السياسة أفسدت هذا التكريم؛ فقد تزايدت مساحة الخلاف بين الجمسي والسادات بعد مبادرة الأخير بالذهاب إلى إسرائيل عام 1977.
وتطورت الأحداث بما أدى لخروج الجمسي من وزارة الحربية عام 1978، واختلف الناس حول أسباب هذا الإبعاد، ولكن ظل السبب الأرجح هو رفض الجمسي نزول الجيش إلى شوارع مصر لقمع مظاهرات 18 و19 يناير من عام 1977 الشهيرة، فأسرّها السادات له، وكان قرار قبوله التقاعد بناء على طلب الجمسي، وتغير اسم وزارة الحربية إلى وزارة الدفاع.
وفي عام 1979 رُقي الجمسي إلى رتبة المشير، وحين خرج للحياة المدنية كان أول قرار له هو رفض العمل بالسياسة، إلى أن توفي في 7 يونيو من عام 2003 عن عمر ناهز الـ 82 عاماً.