فجرت النيابة الإدارية في تحقيقاتها في قضية زواج القاصرات المتورط فيها أحد أئمة المساجد بمحافظة الغربية، مفاجأة من العيار الثقيل بعد أن كشفت عن عدم وجود قانون يجرم الزواج العرفي (غير الموثق) للأطفال القصر دون سن الثامنة عشر، مؤكدة علي وجود قصور تشريعي باقتصار التجريم للزواج الرسمي لمن هم دون الثامنة عشر"القصر" .
وأوصت النيابة بضرورة وجود نص تشريعي يحظر الزواج العرفي (غير موثق) للأطفال القصر دون سن الثامنة عشر، لافتة إلى أن ذلك يؤثم كل من شارك أو ساهم فيه سواء كان من ذوي الضحية، مطالبة بتشديد العقوبة على مرتكب الجريمة متى كان من أئمة المساجد ، نظراً لما لوحظ من مشاركتهم بشكل كبير في إتمام مثل تلك الجريمة خاصة في القرى والمناطق الريفية متسترين بعباءة الدين.
كما أشارت إلي دور مؤسسات الدولة في ضرورة التوعية المجتمعية بالآثار السلبية لزواج القاصرات، وأن تتكاتف جميع مؤسسات الدولة الرسمية الدينية والاجتماعية والإعلامية وتلك المعنية بحقوق الطفل ومنظمات المجتمع المدني ذات الصلة في التوعية بخطورة تلك الجريمة الدينية والإجتماعية وآثارها المدمرة على ان تتضمن التوعية قيام المؤسسات الدينية بدورها في نزع القداسة الدينية الزائفة عن تلك الجريمة وهو الأمر الذي يستغله بعض ضعاف النفوس لاتمام تلك الجريمة والتوعية بآثارها الكارثية على الضحية وأسرتها والمجتمع بأسره.
وبينت النيابة الإدارية أنها لن تقف مكتوفة الأيدي أمام تلك الظاهرة المقيتة والجريمة البشعة التي ترتكب بحق أطفال لا يملكن من أمر أنفسهن شيئاً ، مشيرة إلى أنها جريمة يشترك فيها أهل الضحية وذويها مع أشخاص كالمتهم ممن أرتدوا في غفلة من الزمان عباءة الدين وزوراً فخانوا الأمانة الموكولة إليهم وانتهكوا الإجلال الذي يكنه لهم العامة والبسطاء بوصفهم قد تفقهوا في أمور الدين ليتحولوا إلى نخَاسين يتاجرون بالفتيات القاصرات مقابل منفعة مادية أو عينية دونما ثمة وخز من دين أو ضمير سائرين على نهج بضعة فتاوى شاذة أدلى بها ثلة من تجار الدين بغير حق فكان لها بالغ الضرر على فتيات مصر وعنوان مستقبلها.
وقالت" القول لا محل له في دولة سيادة القانون والدستور ، دولة انضمت للاتفاقيات الدولية المعنية بحماية الطفل وتضمن بنيانها التشريعي أن حدد سن الزواج بثمانية عشر عاماً على الأقل وتجريم زواج القاصرات باعتباره إحدى صور جريمة الإتجار بالبشر والاستغلال الجنسي للأطفال خاصة إذا ما أخذنا في الاعتبار أن إرادة الضحيه في مثل تلك السن الصغيرة لا تكون حرة بين ذويها وهو أحد أهم الشروط لاتمام عقد الزواج ، لما لتلك الجريمة من آثار بشعة على المستوى الشخصي أو القومي".
وعددت النيابة الإدارية الآثار السلبية المترتبة علي زواج القاصرات والتي تضر بالمجتمع، ومنها التسرب من التعليم والذي عادة ما يحدث للفتاة القاصر فور زواجها في تلك السن الصغيرة لتفقد الفرصة في غد أفضل وتواجه الحياة وهي من بعد طفلة دون سلاح العلم فضلا عن ارتفاع نسب الطلاق الناجم عن اختيار علاقة زوجية يفترض فيها الديمومة في مثل ذلك السن الصغير لفتاة قاصر دون أسس واضحة تكفل لها احتمالات النجاح لتواجه طفلة الحياة وهي تحمل مسئولية طفل آخر دون نصيب من علم أو فكر.
كما إن الانفجار السكاني وآثاره البالغة على الاقتصاد القومي والتنمية المستدامة نتيجة زواج القاصرات وانجاب الأطفال، والآثار الصحية البالغة على الضحية نتيجة زواج القاصرات في هذا السن المبكر.
ومن الكوارث التي يخلفها زواج القاصرات والتي تشهدها محاكم مصر كل يوم عدم الاعتراف بالأطفال الناتجة عن هذه الزيجة من قبل الزوج في مرحلة لاحقة وما يستتبعه ذلك من آثار مدمرة على الزوجة والأطفال الذين تمخضت عنهم تلك العلاقة دونما أن يرتكبوا ثمة ذنب ، فتدخل الضحية في منازعات قضائية عديدة في محاولة إثبات العلاقة الزوجيه ومن ثم إثبات النسب وهو ما حدث تحديداً في القضية الماثلة.