عدوى الانفصال تنتقل.. مدينة كاميرونية تستعد لإعلان استقلالها عن البلاد
السبت، 30 سبتمبر 2017 11:26 م
تحولت بويا المدينة الرئيسية في المنطقة الناطقة بالانكليزية من الكاميرون إلى مدينة أشباح السبت، فيما جابتها دوريات الشرطة عشية إعلان رمزي للاستقلال عن بقية مناطق البلاد الناطقة بالفرنسية يتوقع أن يقوم به انفصاليون.
وأغلقت معظم المحلات ابوابها في بويا في جنوب غرب الكاميرون، كما خلت الشوارع من المارة وبدا حرم الجامعة مقفرا بعدما غادر السكان تخوفا من اعمال عنف.
وكانت السلطات أعلنت الخميس حظرا موقتا للتجمعات العامة في المناطق الجنوبية الغربية ومنعت السفر وفرضت لاحقا منعا للتجول في المنطقة الشمالية الغربية المجاورة الناطقة ايضا بالانكليزية.
ويشكل الناطقون بالانكليزية خمس سكان الكاميرون البالغ عددهم 22 مليونا والذين يتحدثون بغالبيتهم الفرنسية.
وتعود هذه القضية الى العام 1961 عندما اندمج كيان "جنوب الكاميرون" البريطاني السابق مع الكاميرون بعد استقلالها عن فرنسا عام 1960.
وطالما اشتكت الأقلية الناطقة بالانكليزية منذ ذلك الحين من الاجحاف والتفاوت في توزيع الثروة النفطية بين المناطق الكاميرونية.
ويعرب ابناء هذه الاقلية ايضا عن غضبهم من التمييز، خصوصا في مجالي التعليم والنظام القضائي، ويقولون ان الحكومة المركزية تفرض عليهم اللغة والتقاليد الفرنسية رغم ان الانكليزية تعد احدى اللغتين الرسميتين في البلاد.
وازداد التوتر بعد خروج تظاهرات مطالبة بالانفصال، ما ادى الى اعلان تنفيذ حملة أمنية قبل الاعلان الرمزي المتوقع لاستقلال المنطقة الناطقة بالانكليزية عن الكاميرون في الأول من تشرين الأول/أكتوبر في ذكرى الاندماج عام 1961.
وخلت أبنية تضم منازل طلاب الجامعات في منطقة موليكو التي انتشرت فيها الدوريات الأمنية.
وقال بنوا وهو خباز يتحدث بالفرنسية "استأجر غرفة قي مبنى للطلاب يحوي 130 غرفة، لكن حاليا انا الشخص الوحيد هنا".
وأضاف "ليس هناك طالب واحد، والطلاب هم شريان مدينة بويا الذي يمدها بالحياة. عندما لا يكون هناك طلاب تموت المدينة".
- "كلاب الشارع" -
تستمر الحملة الأمنية في المنطقة الجنوبية الغربية من الكاميرون من صباح الجمعة حتى صباح الاثنين.
وتشمل الحملة حظرا للتجول واغلاق المنافذ الحدودية البرية والبحرية (غرب الكاميرون يحد نيجيريا وهو ملاذ للانفصاليين)، اضافة الى تعليق النقل العام ومنع السفر والتجمعات لأكثر من اربعة اشخاص.
وحذرت السلطات ايضا من انها قد ترسل مزيدا من التعزيزات العسكرية عند الضرورة، ودعت السكان الى "التزام الهدوء".
والجمعة الماضي توجهت خمس حافلات تقل رجال امن من منطقة موليكو الى بويا مقر الحكومة المحلية حيث قال الانفصاليون انهم سيتظاهرون الاحد.
وقال حاكم المنطقة برنار أوكاليا بيلاي للاذاعة الرسمية في 22 أيلول/سبتمبر "اذا استمر الكلاب بالنزول الى الشارع لعض الناس، فسيواجهون القوات الأمنية". وكان تظاهر يومها مناصرون للاستقلال في المناطق الناطقة بالانكليزية.
ويقول السكان المحليون ان القوات الأمنية تقوم بمداهمات يوميا في بعض أحياء بويا التي يعتقد انها تأوي انفصاليين.
وامتد طابور طويل امام المتجر الوحيد الذي فتح ابوابه في محاولة من السكان للحصول على مواد اساسية قبل سريان منع التجول في التاسعة مساء، وفي أقل من نصف ساعة اختفى الخبز عن الرفوف.
وقالت اييا التي تتحدث الانكليزية وحضرت للتبضع "سأذهب الى المنزل لأكون مع عائلتي، أتيت لشراء بعض الحاجيات لانه لن يكون بامكاننا الخروج خلال اليومين المقبلين. سنصلي من أجل تدخل الهي. نريد السلام".
وانعكست الأزمة ايضا على الأوضاع الاقتصادية في المدينة.
وقال فيكتور نديسانغ مدير معهد كومبيوتر يتسع ل 150 طالبا انه لم يتقدم اي طالب للتسجيل منذ بدء العام الدراسي.
واضاف "اضطررت الى تسريح الأساتذة ال 13 في المعهد. اذا استمرت هذه الأزمة سأبيع كل املاكي واغادر".
وتصاعد التوتر ايضا في المنطقة الشمالية الغربية من الكاميرون حيث تم احراق العديد من المدارس، ما دفع السلطات الى اعلان منع تجول مسائي. وتم قطع الانترنت عن المشتركين ما جعل متابعة مواقع التواصل الاجتماعي امرا صعبا.
ويطالب معظم الناشطين الانفصاليين الناطقين بالانكليزية بالعودة الى النظام الفدرالي الذي كان معمولا به بعد الاندماج عام 1961، لكن تم الاستغناء عنه لاحقا لصالح حكومة مركزية تدير البلاد من العاصمة ياوندي. من جهتها، تدعو أقلية متشددة الى الانفصال الكامل.
ويعارض الرئيس الكاميروني بول بيا (84 عاما) الذي يحكم البلاد منذ مدة طويلة كلا المطلبين.