الطفل ما بيتولدش برزقه.. اعقلها وتوكل
الأحد، 01 أكتوبر 2017 02:00 ص
"يغلبك بالمال.. اغلبيه بالعيال"، "اللى ملهوش ولد.. ملهوش سند"، "العيال عزوة"، جميعها أمثال شعبيه، توارثتها أجيال بعد أجيال، ولا نعلم قائلها من الأساس، لكنها مازالت نصائح أساسية تلقيها كل أم على مسامع ابنتها فى ليلة زفافها، كوسيلة للسيطرة على الرجل وعدم تعدد الزوجات، وبإضافة بعض «البهارات» التي تضفي عليها الحس الديني، كقول "الطفل بيجي برزقه وخليها على ربنا"، لا يمكن أن تجادل أم قررت أن تقنع ابنتها بأن كثرة الإنجاب هو طوق النجاة الوحيد لها.
وبالنظر إلي الواقع، سنجد أن مصر تحتاج إلى ثلاثة أضعاف معدلات التنمية، ليشعر الناس بالتنمية الحقيقية أمام الزيادة السكانية الكبيرة، ذلك ما أكدته الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط، موضحة أن مصر بحاجة إلى التوعية بمخاطر الزيادة السكانية، مضيفة أن العادات الموروثة بـ"أن الطفل بيولد برزقه" لابد من التنبيه بخطورة تلك الأمور، مشيره إلى أن أعداد التعداد السكانى التى أعلن عنها "الإحصاء" أصابتها بنوع من الإزعاج، خاصة أرقام الوحدات السكنية المغلقة، وأرقام الأرامل من الفتيات عند عمر 12 عاما، والتى تبلغ نسبتهم 6%.
حديث وزيرة التخطيط، جاء معتمدا على ما أثبتته الإحصائيات التي أعلنها اللواء أبو بكر الجندى رئيس الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، حول عدد السكان فى 2017 والذي سجل 94 مليونا و798 ألفا و827 نسمة، مقابل 72 مليونا و713 ألف فى عام 2006، وبلغ معدل النمو السكانى 2.56% سنويا، ويعتبر معدل النمو السكانى خلال الفترة من 2006 إلى 2017 المقدر بـ2.56% أعلى من معدل النمو خلال الفترة من 1996 إلى 2016، التى سجل معدل نمو السكان سنويا خلالها 2.04 %.
وبمنظور ديني، فقد نفي جابر طايع يوسف، رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف، أن يكون الدين هو السبب فى الزيادة السكانية بمزاعم البعض بالتفسير بعض آيات القرآن الكريم، قائلا:" لو كان الدين هو السبب فى الزيادة السكانية لكانت الدول مهبط الرسالات هى أكثر الدول عددا للسكان، وهذا غير حقيقي على أرض الواقع، ومن هنا يتثنى لنا أن نؤكد على أن الدين ليس السبب فى ذلك، وأن الوزارة قدمت العديد من الخطب وفى هذا الصدد سواء خطب الجمعة أو الدروس اليومية".
وأكد رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف، أن تحديد النسل مطلب شرعي، وعلى الإنسان أن يفكر في تحديد مصير طفله قبل أن يفكر في إنجابه، مشددا على ضرورة وضع آلية للقضاء على هذه الأزمة والمحاسبة في العام المقبل على النتائج التي تم التوصل إليها.
كما أكد الدكتور مجدى عاشور المستشار الأكاديمي لفضيلة مفتى الجمهورية، على مشروعية تنظيم النسل وتقليل عدد أفراد الأسرة بصورة تجعل الأبوين والدولة والمجتمع أكثر استطاعة للقيام برعاية الأبناء والنشء رعاية متكاملة، دون إرهاق أو حرج أو احتياج غير كريم، مشددًا على أن هذه الرأى هو ما عليه معتمد الفتوى منذ عقود، خاصة إذا وجدت الحاجة الشخصية أو الضرورة المجتمعية التى تقتضى ذلك بصفة مؤقتة أو دائمة.
ولفت مجدى إلى أن العبرة فى قضية السكان بالكيف وليس بالكم؛ فقد أرجع الشرع الشريف اختيار الحكم فيها إلى تقدير الزوجين وولاة الأمر والجهات المختصة خاصة أن تلك الجهات هى المنوطة بدراسة الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والقضايا السكانية للدولة ورسم خططها التنموية والمستقبلية على كافة الاتجاهات بناء على ما تقرره الإحصائيات والأبحاث المتخصصة.
وأشار عاشور إلى أن تنظيم النسل من خلال وسائل منع الحمل طريقة قد استعملها الصحابة رضى الله عنهم فى عهد النبى صلى الله عليه وآله وسلم ولم ينكر عليهم، من أجل الخوف من كثرة الأولاد والاحتراز من الحاجة إلى التعب والمشقة فى اكتساب أسباب المعيشة، بل أحيانًا كثيرة من أجل استبقاء المرأة لجمالها وحسن زينتها، وأحيانًا أخرى بهدف المحافظة على حياتها خوفا من أخطار الحمل.
ومن الناحية القانونية، فقد وجد عدد من أعضاء مجلس النواب، في إعداد قانون لتحديد النسل وسيلة لمساعدة الدولة فى حل مشكلة الزيادة السكانية، فقد أعدت النائبة غادة عجمي مشروع قانون يلزم كل أسرة بإنجاب 3 أطفال على الأقصى، ومعاقبة الأسر المخالفة منذ صدوره برفع الدعم عنهم نهائيا، مؤكدة أن النمو السكانى يتزايد بشكل خطير، ويسبق النمو الاقتصادى وخطوات الإصلاح بمسافات واسعة، مشيرة إلى أنه لو لم ينتبه لهذا الأمر سنصل إلى 200 مليون مواطن خلال فترة وجيزة، وهو ما لن تستطيع أى محاولة إصلاح مواجهته.