"الإلحاد" و"المثلية".. انفلات أخلاقى أم ثورات اجتماعية؟
السبت، 30 سبتمبر 2017 11:00 م
ثمَّة متغيرات اجتماعية فرضت نفسها على الواقع المصرى خلال الآونة الأخيرة، وأثارت جدلا واسعا حول أحقية الفرد فى حرية الرأي والتعبير عن شخصه وهويته من جهة، والالتزام بالمعايير والمورثات والقيم الأخلاقية- وثقافة عموم المصريين من جهة أخرى.
المناقشات في مجملها دارت بين "الرفض و التأييد"، و"الإدانة و الإنصاف"، إلا أنها فى نهاية الأمر لم تناقش القضايا من زاوية المتغيرات الاجتماعية التي تطرأ على الشعوب فى المراحل الانتقالية بين عصر وعصر، حامله بين طياتها طبائع وسمات جديدة لنمط وطريقة وأسلوب حياة الأفراد داخل الشعوب.
- إعدام المثلين
لعل آخر تلك القضايا التي فرضت نفسها، وأثارت جدلا حتى اللحظة الحالية، "قضية المثلية الجنسية"، أو "الميل الجنسي المختلف"، بعد رفع عدد من الشباب والشابات "علم الرينبو" متعدد الألوان الذي ترمز دلالته عند المثليات والمثليون وثنائيو الميول الجنسي والمتحولون جنسياً إلى معنى "مثلى وافتخر"، خلال حفل أقيم بالتجمع الخامس لفريق مغمور نسبيًا عُرف باسم " مشروع ليلي" اعترف أحد أفراده من قبل، لوسائل الإعلام أنه مثلى الجنس، الأمر الذي دفع بعض الحاضرين بالحفل لرفع العلم للتضامن معه من ناحية، أو إعلان هويتهم وميلهم الجنسي من جهة أخرى.
ليتحول الأمر عقب الحادث إلى منصات قضائية تبُرأ، وتدين. فيما تجلى الأمر بشكل واضح الدلالة على مواقع التواصل الاجتماعي، وبرامج التوك شو، التي وصلت إلى حد المطالبات باعتقالهم، وإعدامهم، كما طرد المدافعين عن فكرة تواجد المثلين بين أفراد المجتمع ما دام لا يرتكبون جرائم اعتداء على حريات الآخرين، أو يتحرشون- من منصات البرامج على مرأى ومسمع المتابعين.
حالة الذعر من تفشى الظاهرة أثرت بطبيعة الحال على التحليلات التي تجاهلت إشراك علم النفس فى القضية ليكون شاهدا ومرجعا على التفسير الجنسي للسلوك الإنساني، وهى مدارس متعددة، لا تذهب نحو الإدانة والتبرئة، بقدر ما تسعى نحو تفسير السلوك في إطار فهم أبعاد الشخصية ونشأتها ووظائف هروموناتها، وتقويم السلوك حال ارتباطه بتنشأة خاطئة للأفراد وهى كثيرة داخل المجتمع المصري، أو حال تعلقها باختلال الهرومانات، وهى قضية كشفت الأيام الماضية عن تفشيها، وعلاجها من خلال وسائل الطب وليس بتقويم السلوك الأخلاقي الديني.
- الإلحاد في عصر الإخوان
الإلحاد أيضا من القضايا الشائكة الحساسة، التي لا توجد إحصائيات واضحة حيال عددهم في مصر، ولكن يمكن التكهن والتوقع من خلال عدد الصفحات الالكترونية التي انتشرت خلال الفترة الماضية على الفضاء الاجتماعي وتحديدًا، أيام المخلوع محمد مرسى، بسبب سياسات تطويع الدين لتحقيق أغراض ومكاسب "شخصية سياسية" في زيادة أعداد الملحدين في مصر، فضلا عن انفتاح المجال العام، أبان 25 يناير، التي سمحت بطرح كل وجهات النظر، فى ظل غياب واضح للرقيب، أو لشكل الدولة بمعناها التقليدى، ولكن ما يمكن أن يؤول عليه ونلمسه في هذا الصدد تقرير مركز التحالف الدولي الإلحاد الذي أوضح وقت حكم الإخوان أن ما يزيد على 333 مصريًا سجلوا بياناتهم كملحدين.
ودارت أيضًا حينها المناقشات التي لم تكن موفقه في مجملها حول تحريم الإلحاد فقط والإنذار بسوء الخاتمة والمصير، برز رجال الدين على شاشات الفضائيات حينها بشكلهم التقليدي، متحدثين بطريقة نمطية مرجعين أسباب الإلحاد إلى غياب أسس التربية السلمية، وضعف ووهن الإرشاد الديني، دون التطرق في المقابل إلى تجمد الخطاب الديني، على الرغم من التوجهات الدائمة للدولة ممثلة في شخص رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسى، بضرورة تطوير الخطاب الديني بما يتناسب مع متغيرات الواقع والعصر.
- موضة خلع الحجاب
ناقش عدد من علماء الاجتماع والمفكرين قبل ثورة 25 يناير، أسباب سيطرة الداعية عمرو خالد على عقول قطاعات واسعة من الشباب والشابات، وتأثيره الطاغي على الفتيات، وتحديدًا فى لبس الحجاب الذي عُرف بالأوساط الشبابية باسم حجاب عمرو خالد وبنطال عمرو دياب، سخريًة من المظهر المنتشر للفتيات خلال تلك الآونة.
عمرو خالد بحسب تفسيرات الكتاب والمفكرين، ظاهرة لا تستند إلى منطق وعلم، بقدر ما تعتمد على لغة وأسلوب ومظهر ومصطلحات جديدة، أثرت بطبيعة الحال في قطاعات واسعة من الشباب، ثم خفت وهج النجم شيئًا فشيئيا ومتواريا عن الأنظار، مخلفا وراءه ظاهرة سرعان، ما انتهت بعدها بسنوات فأعداد الفتيات اللائي تحجبن خلال تلك الآونة، هن أنفسهن اللائي تخلين عنه، الأمر الذي اغضب رجال الدين أيضا، دون أن يتطرقوا إلى المتغير المجتمعي بعد ثورة 25 يناير.