المدارس الخاصة تُنهي حلم طه حسين

الخميس، 28 سبتمبر 2017 05:46 م
المدارس الخاصة تُنهي حلم طه حسين
حسن شرف يكتب

قبل عقود طويلة قال عميد الأدب العربي طه حسين (1889-1973)، إن التعليم كالماء والهواء، وفسرها الجميع على أن حسين وكان يعمل وزيرا للمعارف (التعليم) كان يريد للتعليم أن يصبح حقا وواجبا على الدولة تجاه رعاياها،‏ فالتعليم كالماء‏‏ بمعنى أنه يجب أن يتاح لجميع المواطنين وليس فقط للقادرين‏.
 
وكان طه حسين ينادي بمجانية التعليم حتى يصل إلى كل القرى والنجوع وأبناء الفلاحين‏،‏ حتى يحصل الجميع على فرص متكافئة يصل فيها النابغون إلى أعلى الدرجات بغض النظر عن نشأتهم أو ظروف أسرهم‏.
 
الآن وبعد قرن وعقدين من ميلاد عميد الأدب العربي، فقد تبخر حلمه وسقط كحبات الماء في الأرض البور، حيث إن حال التعليم في مصر لا يسر عدو ولا حبيب، خاصة أن المدارس الحكومية التي تقدم التعليم المجاني أصبحت في خبر كان، لا تقدم تعليما ولا تربية، ويتخذها المدرسين طريقا للوصول إلى الطلاب لابتزازهم في مراكز الدروس الخصوصية.
 
وقبل سنوات أصبحت المدارس الخاصة، ملجأ لأبناء الطبقة الوسطى وأصحاب الدخول المرتفعة، للهروب من كابوس المدارس الحكومية، حتى باتت هي الأخرى نارا تكويهم بسبب الارتفاع المستمر للمصروفات الدراسية، وعدم قدرة أولياء الأمور على مواجهة شبح المصروفات والدروس الخصوصية، وأصبح التعليم في مصر فقط لمن لديه القدرة المالية- حتى هؤلاء يشتكون ابتزاز المدارس الدولية، وهو ما فعلته الفنانة إيمي سالم، بعد أن وجهت رسالة استغاثة لرئيس الجمهوية.
 
المدارس الخاصة والدولية تتحدى قرارات الوزير المتتالية والخاصة بعدم رفع المصروفات إلا بنسب محددة تحددها الوزارة، ومع بداية هذا العام استغاث عدد كبير من أولياء الأمور من استغلال بعض المدارس لهم، وكشف بعضهم عددا من المدارس المخالفة وهي "مدرسة رجاك بطريق الاسماعيلية، مدارس نرمين إسماعيل، مدرسة الإبداع الدولية للغات،  طلائع الكمال الاسلامية بأرض الجولف، مدرسة النزهة الاسلامية، مدرسة أون هليوبليس، مدرسة أخناتون بالتجمع الخامس، المدرسة المصرية للغات بالتجمع الخامس، مدرسة مودرن سكول مصر الجديدة".
 
وأوضح أولياء الأمور أن الزيادات تترواح من 30% إلى 45% على الرغم من أن الزيادة الرسمية المقررة من الوزارة 11% للمدارس التي تقل مصروفاتها عن 2000 جنيه، 8% للمدارس التي تقل مصروفاتها عن 3000 جنيه، وزيادة 6% للمدارس التي تقل مصروفاتها عن 7000 جنيه.
 
وزير التربية والتعليم الدكتور طارق شوقي، قال إن التعليم الخاص إرث كبير، مؤكدا أنه تم حل مشاكل وتعمل الوزارة على حل الباقي، مشيرا إلى أن الوزارة تقوم الآن بإعداد قانون تنظيمي جديد للمدارس الخاصة والدولية.
 
ترك الأمور دون تنظيم سيؤدي بالتأكيد إلى كارثة كبيرة لن يسلم منها أحد، وبالتالي يجب التوقف كثيرا أمام تصرفات المدارس الخاصة والدولية، والانتصار لدولة القانون، وعلى مجلس النواب أن يهتم في دورته المقبلة التي تبدأ يوم الاثنين المقبل بإصدار قانون يحكم المدارس الخاصة والدولية، وتغليظ العقوبات على المتلاعبين، ومن الممكن بحث آلية ما تضمن عدم قدرة المدارس على ابتزاز المواطنين، سواء برفع المصروفات، أو اللجوء إلى خدمات أخرى مثل الباص والملابس وخلافه.
 
ليعود حلم طه حسين مجددا إلى الأذهان، ويبقى التعليم في مصر حق للجميع، لعله يخرج من بين فقراء هذه الأمة عميدا جديدا للأدب العربي، أو زويل آخر فيحصل على نوبل.
 
استقيموا يرحمكم الله 
 
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق