تاريخ العملة المصرية من الـ "نوب نفر" وحتى الـ "بتكوين"
الثلاثاء، 26 سبتمبر 2017 06:00 م
وقف طفل فى المرحلة الابتدائية طالبا من جده الثمانينى 10 جنيهات مصروف يومه قبل أن يذهب إلى المدرسة، فقال الجد "10 جنيه دا احنا كنا بناخد "مليم" نمشى نتباهى بيه"، فرد عليه الطفل مذهولا "مليم!! مليم ايه يا جدو أنا عايز أجيب حاجات حلوة يادوب 10 جنيه هو الجنيه بيجيب حاجة وايه مليم دا؟!".
على الرغم من أن النقود بأشكالها المختلفة ظهرت بعد التخلص من فكرة المقايضة فى عهد الفراعنة وتنوعت العملات بأشكالها وقيمتها إلا أن هناك عملات مصرية لم يعرفها الجيل الحالى، كانت لها "شنة ورنة" فى عصرها، فبعد أن انتهت مصر من نظام المقايضة بالقمح والماشية تكونت لديهم فكرة المقايضة باستخدام المعادن، وذلك عند معرفتهم القيم المتفاوتة للمعادن من نحاس وفضة وذهب وقصدير وحديد، فأصبحوا يتبادلون بتلك المعادن بدلا من القمح والماشية، ولكن تختلف قيم سلعة عن الأخرى لذلك جرى تحديد قيمة السلعة ومقاضاتها بوزن العملات المعدنية، حيث تختلف أوزان العملات عن بعضها البعض وتختم بعلامة تدل على قيمتها، ومع تطور الحياة السياسية تم صك العملة باسم الملك أو الفرعون المصرى "تاخوس" وتحديدا عام 350 قبل الميلاد، وكانت تسمى العملة "النوب نفر" وتعنى الذهب الجيد أو الخالص، وهي تعد من العملات النادرة جدًا.
أما في عهد الاسكندر الأكبر، استخدم المصريون النقود في تعاملاتهم اليومية لأول مرة بالتاريخ، وكانت العملة في ذلك الوقت تحمل صورة الإسكندر، وفي عام 306 قبل الميلاد ضربت أولى النقود المصرية المستقلة من الذهب والفضة والبرونز، وهكذا استمر ضرب النقود في عهد كليوباترا، ثم العصر الروماني، ثم العصر البيزنطي، وطوال هذا التاريخ كانت العملات تحمل صورة الملك الحاكم على أحد الأوجه ثم صورة الإله الحامي على الوجه الآخر.
أما بالنسبة للنقود في الحضارة الإسلامية، فلم يصنع الرسول صلى الله عليه وسلم عملة وأقر النقود التى كانت متداولة قبل الاسلام، وهى الدنانير والدراهم ، وكانت دنانير الروم ( البيزنطيين) من الذهب ويطلق عليها « العين» ودراهم الفرس ( الساسانين) من الفضة ويطلق عليها (الورق)، إلى أن أمر عمر بن الخطاب بعد توليه الخلافة بضرب الدراهم وتعرف بالدراهم الكسرية، حيث نقش على بعضها "الحمد لله" أو "لا إله إلا الله" أو "محمد رسول الله"، وكان يزن مثقالا من الفضة، وفي خلافة عثمان بن عفان ضرب دراهم نقش عليها "الله أكبر" ثم ضرب معاوية بن أبى سفيان دراهم عام ٤١ هجرية، وضرب دنانير نقش عليها صورته وهو متقلد سيفه.
أما بعام 65 هجريًا، كانت الدراهم والدنانير باسم السيميرية، ومنع في ذلك الوقت التعامل بالعملات الرومية، وظهرت نقود فئة الفلس عام 750 ميلاديًا، كتب على أحد وجهيها "بسم الله لا إله إلا الله وحده"، وعلى الآخر "محمد رسول الله"، وبدائره كتب "ضرب هذا الفلس بمصر سنة ١٣٣ هجريًا".
وبمرور الحضارات حتى الدولة الأيوبية احتفظت العملات بقيمتها المعروفة مع تغير الشكل فقط، وذلك استمر حتى وصول الدولة العثمانية مصر وأصدرت عملة "الزر المحبوب".
أما في عهد محمد على، فقد اهتم بالإصلاح الإقتصادي، حيث أصدر قرارًا باعتبار الريال أبو طاقة "المثقوب"، والمصنوع من الفضة هو وحدة النقود، وقيمته ٢٠ قرشًا، إلى أن أقر الـ ١٠٠ قرش "جنيه مصرى ذهب خالص" كعملة تستخدم فى المعاملات الكبيرة، وذلك بعد أن حدد قيمة العملات الأجنبية في مصر.
فقد كانت العصور بالماضي تقدر الجنية المصري وكانت له قيمتة المعروفة، حيث تنوعت العملات فقد كان منها المصنوع من النحاس ومنها المصنوع من الفضة، وأخرى من النيكل كروم ، ومنها أيضا الورقي، وقد كان هذا في العام 1887، بالإضافة إلى السحتوت، والمليم، والقرش، والقرشين، والخمسة قروش، والفضة، والعشرة فضة، والورقية والريال الفضة، وربع جنيه فاروق، وخمسين قرش الجعران، والمائة جنيه التي تحمل صورة الملك فاروق.
وبعد ثورة 23 يوليو 1952 أنشئت دار سك العملة وبدأ الانتاج عام 1954 وصدرت فى مصر عملات من قرشين فضة مستديرة، ومخرومة، وكذلك عملة فئة قرش، وكذلك عملة من مليمين من الفضة كاملة ومستديرة وكذلك ربع قرش أي مليمين ونصف المليم وكانت عملة سداسية الشكل ، والبرنز أي نصف المليم وكان من العملات ذات القيمة.
ثم توالى إصدار الأوراق المالية المتداولة من فئة الخمسة قروش، والخمسة جنيهات والعشرين جنيها منذ عام 1980، وظهرت ورقة فئة 50 قرشا عام 1986 وعلى وجهها صورة للجامع الأزهر وعلى الظهر صورة للملك رمسيس الثانى مع خلفيات مزخرفة من زهور اللوتس ومركب الشمس.
وشهد عام 1993 صدور ورقة من فئة الخمسين جنيها للمرة الأولى فى تاريخ البنك المركزى، وعلى وجهها صورة لمسجد «أبوحريبة» مع مجموعة من الزخارف العربية والشرائط الزخرفية، أما الظهر فكان من نصيبه صورة لمعبد إدفو بجانبه مركب الشمس ويعلو التصميم الشمس المجنحة، ومع نهاية عام 1994 صدرت ورقة المائة جنيه الجديدة فى تصميم يحمل صورة مسجد السلطان حسن مع خلفيات وإطار زخرفى من الفنون العربية يتوسطه رأس أبوالهول بدرجات الأحمر والأخضر.
وشهد عام 2007 سابقة فى تاريخ النقد المصرى عندما صدرت عملة ورقية فئة 200 جنيه بتصميم مبتكر يحمل صورة مسجد "قانيباى أميرا خور".
وأصبحت العملات المتداولة حاليا النصف جنيه والجنيه والخمسة جنيه والعشرة جنيه والعشرين والخمسين والمائة والمائتي جنيه.
وظهر فى الآونة الأخيرة عملات تسمى بالعملات الرقمية والتى شهدت إهتماما متزايد على مدار السنوات القليلة الماضية ليؤكد أن التعاملات المالية عبر الإنترنت فى طريقها للحصول على نسبة كبيرة من التعاملات المالية الدولية فى عصر تقل فيه التعاملات النقدية المعتادة مقابل الاهتمام بمفهوم المجتمع اللانقدى.
وتعرف العملات الرقمية وأبرزها "البيتكوين" بأنها عملات افتراضية – يتم التعامل بها عبر الإنترنت إلكترونيًا وهى غير مطبوعة أو يتم سكها من قبل سلطات نقدية – ولا يوجد لها أى سلطة منظمة لها كالبنوك المركزية، وتستخدم فى عمليات شراء السلع والخدمات والتعامل على بعض الخدمات المالية الإلكترونية فى أسواق السلع الآجلة وغيرها، بالإضافة إلى قابليها للتحويل أمام الدولار واليورو بأسعار تتغير على مدار اليوم فى البورصات العالمية.
والميزة الكبرى للعملات الرقمية وأبرزها "بيتكوين" هى صعوبة تتبعها من قبل السلطات الرقابية الدولية والمحلية، وبالتالى فإن أبرز المخاطر المرتبطة بتداولها الذى يتجاوز الـ100 مليار دولار، هو إمكانية استخدامها فى تمويل الإرهاب والجريمة المنظمة وغسل الأموال عبر التحويل من الحسابات المصرفية المعتادة إلى نظيراتها الإلكترونية الإفتراضية.