"فى المشمش واللي اخدته القرعة" أمثال مصرية.. وراء كل "مثل" حكاية
الإثنين، 25 سبتمبر 2017 02:49 م
المصري معروف بخفة دمه، يستطيع أن يوصل مشاعره أو رد فعله بكلمات طريفة، قد لا يعرف مرجعيتها ولكنه يعلم جيدًا متى يستخدمها ولا تخلو أغلبيتها من الحكم، أقوال وأمثال محفورة في عقول كافة المصريين أيا كانت طبقتهم الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، خاصة بهم وكأنها "سيم" بينهم لا يعلمها إلا من عاش فى مصر وتعامل بقرب مع أهلها.
فى المشمش
كثيرا منا يقول "فى المشمش" وتستخدم في المماطلة في عمل شئ معين أو صعوبة أو استحالة تنفيذه نظرا لأن المشمش من الفواكه قصيرة العمر جدا في الأسواق لدرجة أنه من الممكن عرضه فى الأسواق لمدة شهر فقط فى كل عام وممكن الكثير منا لا يلاحظ وجوده لسرعة اختفاءه.
فكانوا قديما عندما يسأل المواطن عن الضرائب يردوا قائلين "فى المشمش" والمقصود بها موسم المشمش المقبل، أى "ربنا يسهل فوت علينا السنة الجاية ودا لو لاحظت موسم المشمش".
ويعتبر هذا الاستخدام الدارج للمقولة الشعبية إلا أن هناك قصة ثانية ذكرها أحمد أمين في كتاب "قاموس العادات والتقاليد والتعابير المصرية" ويعتبر فكاهي أكثر منه يكون اصل المثل فعلا، وقصته أن "أحد الأغنياء فقد ثروته كلها ومبقاش لاقي مكان يروحه وفي واحد فقير أخده عنده في البيت الفقير اشترى في أول يوم مشمش لأولاده وزوجته والراجل اللي كان غني أكل منهم 3 مشمشات بس ففضل مشمش كتير للزوجة والأولاد فتاني يوم الراجل الفقير اشترى عنب وعزم على الراجل اللي كان غني فالراجل قعد ياكل عنقود ورا التاني لدرجة إن الفقير خاف ما يتفضلش حاجة لولاده ومراته، فقاله: كل حباية حباية، فرد عليه الغني وقاله :لاااااا ده في المشمش، ودا لأن حبة المشمش كبيرة وفيها بذرة وصعب تأكل اكتر من واحدة لكن العنب ممكن تأكل عنقود مرة واحدة".
دموع التماسيح
دائما ما نرى شخص يدعى أنه يبكى وتنجرف الدموع من عينيه ويكون المتواجدين يعلمون أن الدموع مزيفة فيقولون "دى دموع التماسيح"، الأمر وما فيه ان التمساح عندما يتحفز للانقضاض على فريسته تتكون لدية طاقه هائلة وباعتبار ان جلد التمساح مكون من طبقات سميكة من أصداف صلبه فهذا يعني انه لا غدد تعرق فى جلده لإفراز العرق المتشكل فى جسمه نتيجة الطاقة، ولذاك فان كل العرق الذي يفرزه جسمه في مثل هذه الحالة يخرج من مكان واحد لا يوجد غيره وهو عيناه، ولذلك فإننا نجد التمساح وخاصة عندما يأكل يفرز كميه كبيرة من الدمع والعرق، وهناك عنصرا ثانويا يساعد على زيادة خروج الدموع من عيني التمساح أثناء تناوله للطعام، وهو عندما يفتح فكه الطويل فان منطقه المفصل فى هذا الفك تضغط على الغدة الدمعية فتتساقط الدموع بغزارة ويظهر التمساح وكأنه يبكي، ولذا يطلق هذا التشبيه على أولئك الذين يذرفون الدموع الكاذبة.
وقد قدم الكاتب “إدوارد توبسيل” تفسيرًا لذلك، فقال: "ليست هناك الكثير من الحيوانات المتوحشة التي يمكنها البكاء، لكن هذه هي طبيعة التماسيح، حيث تتظاهر أنها في محنة لجذب الفريسة وخداعها أنها في مأمن". وقد أشار توبسيل إلى القصة القديمة التي تبكي فيها التماسيح أثناء وبعد افتراسها للإنسان.
ومنذ ذلك الحين أصبح بكاء التماسيح كناية عن التعاطف السطحي، كما أصبح يُستخدم لتعليم التوبة الصادقة، من قبل شكسبير والذي استخدمه أيضًا ليُعبّر عن الحزن الكاذب.
في عام 2007 أثبت عالم الحيوانات “كنت فليت” أن التماسيح تتنهد خلال تناولها الطعام، لكن ولأنها تتغذى وهي في المياه جعل ذلك دراسة الدموع وقت الطعام صعبًا، فقد تمت الدراسة على فصيلة قريبة من التماسيح وهي الكيمن والقاطور، حيث تتناول هذه الفصائل طعامها على اليابسة.
وقد وثق "فليت" عملية تناول الطعام لسبعة من هذه التماسيح في حديقة تماسيح فلوريدا، ولاحظ أن هناك خمسة منها بكت قبل وأثناء تناول الطعام وبعده
وتقوم نظرية "فليت" على أن تلك الحيوانات تحرك فكها بقوة، فالحركة القوية للهواء في الجيوب الأنفية للتماسيح تؤدي لصب الدمع في عيونها، والتي لا تدمع فقط إنما تترغرغ، كما شاهد "فليت" أن بعضها قام بالبكاء عند توقع وجبات الدجاج والسمان والبسكويت.
استُخدم مصطلح دموع التماسيح لوصف المصابين بشلل الوجه عند نزول الدمع أثناء تناول الطعام، وغالبًا ما يستخدم الأطباء "دموع التماسيح" عند الإشارة لحالة الدماع وهي فيضان الدمع على الوجه بدلا من أن يتوجه من خلال مساره الطبيعي في القناة الدمعية الأنفية.
"اللى خدته القرعة تاخده أم الشعور"
يبدو أن الأمثال الشعبية قديمًا لم تركز على المواقف أو الصفات الخاصة بالأشخاص فقط، لكنها كانت تركز أيضًا على العلاقات الاجتماعية والأسرية، ولاشك أن علاقة الرجل بالمرأة كانت و مازالت تربة خصبة لإنتاج الحكم والأمثال والأقوال المأثورة، ونتج عن علاقة الزوجين مجموعة من أبرز الأمثال التى نتداولها حتى الآن لعل أبرزها "اللى خدته القرعة تاخده أم الشعور"، فكثيرًا ما نستمع إلى هذا المثل حاليًا فى التجمعات العائلية وخاصة عندما يكون محور الحديث "رجل".
وترجع حكاية المثل الشعبى "اللى خدته القرعة تاخده أم الشعور" إلى امرأة جميلة تزوجت من رجل فقير قبيح المنظر ولم يحسن معاملتها وتحملت معه فقره وعيوبه وسوء معامتله لها، وذات يوم أخبرها إنه سيتزوج من فتاة آخرى شابة وفائقة الجمال، حزنت زوجته كثيرًا على أيام عمرها التى أضاعتها معه وشبابها وجمالها اللذان اختفيا بسبب المعيشة الضنك التى رأتها معه، وقالت له "اللى خدته القرعة تاخده أم الشعور" لتأكدها أن زوجته الجديدة ستلقى نفس مصيرها وسيتغير حالها وجمالها قريبًا.
من حفر حفرة لأخيه وقع فيها
من أشهر الأمثال العربية لما يدل عليه من قيمة إنسانية تحذر الإنسان وتعظه بأن لا يغدر بأخيه الإنسان لأن في ذلك مضرة لكليهما.
وعن قصة هذا المثل فيقال أن هناك أخان أحدهما تاجر كبير غنى، والآخر أعمى فقير، وكان الأخ الغني قد اعتاد أن يجلس بالقرب من باب دكانه يتسامر مع مجموعة من أصدقاءه التجار، وكان أخاه الفقير الأعمى يمر من أمامهم كل يوم، يضرب الأرض بعصاه، وعندما يلتفت التجار والناس يخجل أخاه الثري منه ومن حاله، وقرر أن يتخلص منه في ذات يوم، فاستدعى خدمه وطلب منهم أن يقوموا بحفر حفرة كبيرة عندما يسدل الليل ستاره، وعندما يمر الأعمى من باب الدكان في طريقه لصلاة الفجر يقع في الحفرة، ثم يأتي الخدم ويلقون عليه التراب ويدفنوه، وبالفعل قام الخدم بحفر الحفرة، وعندما حان وقت صلاة الفجر قام الرجل الغني وخرج من منزله ومر من أمام الدكان ناسيا أمر الحفرة، فوقع فيها، ولم يميزه الخدم في الظلام، وظنوا أنه الأخ الأعمى فسارعوا وطمروا الحفرة بالتراب وفي الصباح لم يأتي الرجل الغني لفتح الدكان، ووقف العمال والخدم في بابها ينتظرونه، وإذا بالرجل الأعمى يأتي من بعيد يضرب الأرض بعصاه، دهش الخدم ونظروا في وجوه بعضهم البعض، وقال أحدهم: "حفر حفرة لأخاه فوقع فيها"، ويقال أن هذه الجملة أصبحت مثلا عربيا يدل على أن الغدر والخيانة، والانتقام تلقي شرورها على صاحبها.
جه يكحلها عماها
هناك روايتين قيلا حول هذا المثل أولها يحكى أن رجل كان يشك فى حب زوجته له لأنها لا تتحدث أو تضحك معه، فذهب لامرأة عجوز ليخبرها عن أمره، فنصحته بوضع أفعى مغلق فمها بإحكام على صدره وهو نائم، وبالفعل قام بتنفيذ ما نصحته به، حتى تفاجأ بصراخ زوجته وبكائها عليه وهى تحاول إيقاظه بعدما ظنت إنه مات، فتأكد من حبها له ونهض سريعًا ليخبرها إنه لم يمت، فلما علمت الزوجة بالأمر غضبت كثيرًا وأقسمت إنها لن تعود إليه وتركته، ومن هنا أطلق المثل "جه يكحلها عماها".
أما الرواية الثانية وهى الأكثر تداولًا فتعود إلى أسطورة تقول أن فى أحد قصور الأثرياء قديمًا تواجد قطة وكلب ربطت بينهما علاقة صداقة كبيرة بحكم تربيتهما معًا، وكان الكلب معجبًا بجمال عينى القطة، التى سألها عن جمالها ذات مرة فأخبرته أن عيناها بها كحل، ولما سألها الكلب كيف لكِ ذلك فأحضر الكلب الكحل ليضعه فى عينى القطة لكن مخلبه غار فى عينها ففقعها ثم أطلق المثل "جه يكحلها عماها".
بيدن فى مالطا
قال مؤرخون "عندما تم الفتح الإسلامي لجزيرة مالطا عام 902 لم يجبروا أحدا على الدخول في الدين الإسلامي، فكان يرفع بها الأذان ولا يستجيب أحد للصلاة لديانتهم بالدين المسيحي، فأصبح هذا المثل يطلق على كل من يتكلم مثلا ولا نعيره اهتماما، أو تكون محاولاتنا للإصلاح لا فائدة منها أو أن الإصلاح جاء متأخرا.
واستخدمت كتب التاريخ أيضا جملة "بعد خراب مالطا"، وقال مؤرخون إن أصلها جاء عندما احتل نابليون بونابرت وجيشه الفرنسي جزيرة مالطا، عام 1798م، لمدة عامين هدم فيها كل مبنى وقصر كان أو كنيسة، وسرقوها واستولوا على كل شيء فيها، وهرب أهلها إلى جزيرة صقلية، ومع تحرير الإنجليز لها عام 1800م، بقيادة السير إلكسندريال، عاد أهلها إليها "بعد الخراب".
ومع تكرار الأحداث مرة أخرى عندما قامت الحرب العالمية الثانية وكانت تحت الاحتلال الإنجليزي، ألقت ألمانيا وإيطاليا، خصوم إنجلترا، القنابل على الجزيرة حتى خربتها وهرب أهلها مرة أخرى، وعادوا بعد نهاية الحرب ولكن كالعادة "بعد خراب مالطا".
قاعد زى قرد قطع
هناك قصة لزعيم القرود بعد أن مرض ووثب عليه قرد آخر وانتزع منه الزعامة فقد فضل أن يغادر مملكة القرود واتخذ من فرع شجرة مقراً له وجلس فيها وحيداً ومنها جاء المثل الشعبي (قرد قطع) والمقصود به القرد المقطوع رغم أن عادة القرود ألا تنقطع أبداً عن بقية القرود.