القاعدة الأمريكية الجديدة فى «مهاباد» الإيرانية

الأحد، 24 سبتمبر 2017 06:44 م
القاعدة الأمريكية الجديدة فى «مهاباد» الإيرانية
عبدالفتاح على يكتب:

ما أن انسالت كلمات التهديد والوعيد من فم الرجل تجاه كوريا الشمالية، حتى ألقمة «الطفل المجنون» تجربة صاروخية تلو الأخرى، دفعت العالم المجتمع على مواجهته إلى التراجع والبحث عن طريق عودة.
 
عودة لإيران (التى تكسب على الدوام) لمقدمة الأحداث، وترك السعودية (التى تخسر على الدوام) فى الخلف، وحيدة فى مواجهة قبائل اليمن، التى كانت بالنسبة لتخلفهم فى مقام الأم «المرضعة».
 
جاء حراك 15 سبتمبر، فارتعدت فرائص نظام قرر الانقلاب على موروثاته، فأخذ يعتقل باليمين واليسار، الصديق والعدو، القريب والبعيد، لا يرى سوى «قطر» وحشا كاسرا، تلك التى لا ترى من على الخارطة سوى بعدسة مكبرة.
 
ويبدو أن الدوحة نجحت تماما فى أن تنفذ إلى الأذن الوسطى للشقيقة الخليجية الكبرى، فناطحت واستفحلت، وأذاقت الحالم بحكم مديد قبل أن يحكم، ويلات القلق الذى لم يكن يعرفه من قبل.
 
هنا المأزق الحقيقى، الذى من أجله جيّشت القوات الإعلامية المسلحة فى البلدان الأربعة، (زائد ولاية فى الصومال)، للقضاء على قطر، دون أى تفكير فى إجابة السؤال، كيف ستقضى على كائن هو فى الأصل افتراضى؟. 
 
من الخطيئة أن يعتقد الحالم بحكم مديد أن الحراك انتهى، أو أن الإجراءات الاحترازية التى اتخذت، قد قضت عليه، لأن العكس هو الصحيح، فقد أصاب كبد الهدف، وأظهر «السراب» فى بحر الرمال المتجمد.
 
من يعرف الطبيعة السعودية، سيدرك، أن ما حدث «ربيع» حجازى، لأن اهتزاز حصاة فوق جبل، لا يعنى أن رياح أتت عليه، فقد يكون الجبل يفكر الآن فى الحركة، وهى الخطوة الأولى فى طريق الألف صدمة. 
 
على بعد كيلو مترات، وبعد يومين من تدشين الحراك، أعلنت صحف إسرائيلية عن إنشاء قاعدة عسكرية أمريكية دائمة فى صحراء النقب، غرب مفاعل ديمونة وجنوب بئر سبع.
 
القاعدة التى كانت «سرية» وباتت علنية، قيل إنها ستكون مقرا لكتيبة دفاع جوى، بالقرب من معسكر دفاع جوى إسرائيلى فى منطقة نفاتيم، للدفاع عن مفاعل دولة تعيش فى محيط من الأعداء، ضد صواريخ حزب الله (الإيرانية).
 
تبعد القاعدة عن حدود حزب المقاومة اللبنانى، 240 كم، فى حين أنها تبعد عن الحدود الأردنية «الآمنة» 50 كم، وهى نفسها المسافة مع قطاع غزة «المستأنس»، لكن المسافة تقل كثيرا بين القاعدة والحدود المصرية، 40 كم فقط.
 
كذب من قال إن أمريكا تسعى للترفع عن الانغماس فى وحل العرب، فالأفعال أصدق أنباءً من التصريحات، والميزانية العسكرية المتزايدة لن تنفق على مشاريع تنموية، ولا على إغاثة اللاجئين.
 
وكما تجيد واشنطن دور المترفعة فى أزمة قطر، التى تدعى وقوعها تحت حصار محيط من الأعداء، تلعب واشنطن دور الرافضة لاستفتاء كردستان العراق، رغم أنه سلاحها «الماضى» لإشعال رغبة الانفصال فى إيران، ولإقرار واقع الاستقلال عن سوريا، وتكوين دولة «ثانية» فى نفس محيط الأعداء، لكن على ضفة أخرى منه.
 
فى الدولة الأولى باتت هناك قاعدة، وفى الدولة الثانية هناك قاعدتان، إحداها الأكبر فى العالم، وفى الدولة الثالثة «المزعومة» حتى الآن هناك قاعدتان، إحداها فى جنوب أربيل العراقية، والثانية فى جنوب كوبانى السورية، والعدد مرشح للزيادة فى مهاباد الإيرانية، وفى ديار بكر التركية.
 
ليس لدى واشنطن مانع من أن تتمزق سوريا والعراق، وحتى تركيا فى مقابل أن تتفتت إيران، لستة أجزاء على الأقل، عربى وتركى وبلوشى وبختيارى وفارسى وكردى.
 
تمزيق الممزق، وتفتيت المفتت، وتقطيع المقطع، عدوى لن تتوقف، وما كنا نراه محالا، بات وشيكا جدا، فقط هى البداية، والكل ضمن القائمة، فقط الترتيب سيحدده إلحاح المصلحة الأمريكية.

هل ستقاوم روسيا والصين؟
هذا سؤال ساذج للغاية، فهل قاومت بريطانيا وفرنسا وروسيا القيصرية، سايكس بيكو الأولى، بالطبع لا، لأنهم مَن وضعوا الحدود، ورسموا الخريطة، وقزموا المنطقة.
 
تم الاستفراد بالصغير من قبل، وتحققت المصالح القديمة، الآن سيتم الاستفراد بالأصغر، كى تتحقق المصالح الجديدة.
دولة كقطر نموذجية، وحاكم كتميم مثالى، لا يحتاج إلى خيوط كبيرة وطويلة لتحريكه، وليس بوسعه مجرد التفكير فى مقاومة الطوفان القادم، فهل سيلجأ الآخرون لجبل التفكير، ويعصمهم من الغرق.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق