قراءة في المشهد اليمني
الجمعة، 22 سبتمبر 2017 06:24 م
اليمن والذي كان يومًا سعيد، يئنّ تحت وطأة التمزّق، ويتجرع مرارة الانقسام، ويرزخ تحت نير الفرقة؛ مخطئ من يظن أنّ ما يحدث في اليمن ببعيد عنّا! العكس من ذلك هو الصحيح، فنحن معنيون بالأحداث أكثر من غيرنا، بل إنَّنا في قلبها.
إنَّ ما يحدث في اليمن يستدعي منَّا استنفارًا حالّا، وردّة فعل قوية، وموقف موحَّد، وصف متراصّ.
التدخُّل العربي في اليمن، مبررًا وحالّا وضروريّا ليس فحسب لدول الخليج، بل أيضًا لنا نحن المصريين، يخطئ من يظن أن أمن الخليج منعزل عن أمن مصر!
لفهم خطورة الموقف، ينبغي على الجميع أن يوقن أنّ أمن الخليج العربي- والذي سيبقى عربيًّا- واليمن جزء لا يتجزء من الأمن القومي المصري، ما يشكل تهديدًا للأشقاء العرب هو تهديد لمصر، يسرُّنا ما يسرُّهم، يؤلمنا ما يؤلمهم، هذا عن الحقيقة والواقع، ولمن يصم الأذن، ويتعمَّد إلغاء العقل بدلًا من إعماله، نخاطبه بحسابات المكسب والخسارة.
السعودية بلد الحرمين الشريفين وقد هُددت بالسرطان الشيعي وهو يتريَّض في الجسد السُّني؛ فبعد أن قضى على العراق، وأحكم قبضته على لبنان، يحاول جنوبًا لزعزعة أمن واستقرار المنطقة وتغيير خارطتها الديمغرافيَّة.
غير خافٍ أنّ الخليج العربي بما له من مقومات وحدة الدين واللغة والتاريخ والعادات والتقاليد مع مصرنا الحبيبة، فهو أيضًا أمن اقتصادي؛ فبالنظر إلى عدد المصريين العاملين في الخليج ندرك أهميته للأمن الاقتصادي المصري؛ أيضًا الأمن العسكري، إذ بتوغُّل الاخطبوط الشيعي في الخليج، يكون على مشارف حدودنا الشرقية؛ فبالإضافة إلى كونه عَبَثًا بالتركيبة السنيَّة للمنطقة- لا مجال هنا لأن يشتم أحد رائحة عنصرية ممقوتة في كلامي- وفِي هذا خطر عظيم، إذ فيه وبه تهديد حالّ وخطير للأمن القومي المصري والعربي والإسلامي السنِّي، وإذا ما انتشر وباء المذهبيَّة وڤيروس الفرقة في الجسد العربي، فلن تقوم لنا قائمة بعد اليوم.
إضافة إلى ما سلف بيانه، فإنَّ مضيق باب المندب، وما يمثله من أهمية قصوى للاقتصاد القومي المصري، مهدَّد بالاستعمار الطائفي، إذ إنَّ أي عبثٍ به هو تهديد لقناة السويس، شريان الاقتصاد القومي المصري؛ فليس بمكنة أحد كائنًا من كان أن يفصل أمن وسلامة مضيق باب المندب عن أمن وسلامة قناة السويس.
يذكر التاريخ بكل خير، الشيخ زايد ومقولته الخالدة "النفط العربي ليس أغلى من الدم العربي"، والملك فيصل وكل الأشقاء العرب وما فعلوه مع مصر في حرب الكرامة والعزة والنصر، أكتوبر 1973، علّنا نحن العرب أن نسترجع تلك الروح، وأن نستدعي هذه الرابطة الأخوية، وأن تتوحّد كلمتنا، ويتّحد هدفنا، لتعلو رايتنا ونحفظ أمننا القومي من أن يخترق أو يهدد أو يدنّس.
آنية الوقت، وخطورة الموقف، وتفاقميَّة الوضع، وما أفرزه التقدُّم الإنساني والنمو والحضاري، تحتِّم علينا الوحدة ونبذ الخلافات؛ فلم يعد مقبولًا التغريد خارج السرب، أو التهاون في أمن أيٍّ من أفراده.
حمى الله اليمن وأسعده؛ حمى الله الوطن العربي وفِي القلب منه مصر.
وكل عام وحضراتكم بخير وصحة وتحاب وألفة.