ولي العهد الأردني: تكلفة الأزمة السورية تستنزف أكثر من ربع الموازنة
الجمعة، 22 سبتمبر 2017 09:12 ص
اعتبر ولي العهد الأردني الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، أن العالم يقف على مفترق طرق مفصلي وعلى أعتاب ثورة صناعية رابعة تعيد تعريف طريقة تفاعل البشر مع بعضهم البعض.
وقال الأمير الحسين - في كلمة الأردن في اجتماعات الدورة الثانية والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، مندوبا عن العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، وفقا لبيان صادر اليوم عن الديوان الملكي الهاشمي - إن الأردن واجه عبر التاريخ الصدمات الخارجية الواحدة تلو الأخرى، إلا أن العقدين الأخيرين كانا في غاية الصعوبة؛ حيث تحيط الصراعات به من عدة جهات؛ لاسيما الحروب في غزة والعراق وسوريا وليبيا واليمن، فضلا عن تحمله تبعات الأزمة المالية العالمية وأزمات الطاقة.
وأضاف أن "كل هذه الأحداث تركت أثراً عميقاً وملموساً، إذ أوصِدت الطريق إلى العراق، الذي يشكل أكبر سوق لصادراتنا، وتوقفت التجارة مع سوريا، مما أفقدنا أهم منافذنا التجارية إلى تركيا وأوروبا، كما تضرر قطاعا السياحة والاستثمار بسبب انعدام الاستقرار في المنطقة على الرغم من الجهود الحثيثة التي بذلناها لنحول دون ذلك".
وأشار إلى أن الأردن، الفقير بالموارد، يعد أحد أكثر دول العالم استضافة للاجئين، حيث يستضيف 3.1 مليون لاجئ سوري، بالإضافة إلى ملايين اللاجئين الفلسطينيين ومئات الآلاف من العراقيين، وآخرين من ليبيا واليمن.
وأكد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، أن التكلفة المباشرة للأزمة السورية تستنزف أكثر من ربع موازنة الأردن، ويمتد أثرها إلى مجتمعاته المحلية، حيث يعيش 90% من اللاجئين السوريين، مما يفرض ضغوطات متزايدة على قطاعات الإسكان، والغذاء، والطاقة، والرعاية الصحية، والتعليم، والعمل بالمملكة.
وشدد على أن الأردن لم يتردد في جهوده الإصلاحية على الرغم من الأثر الصعب لبعضها على شعبه، قائلا "كلما ازداد الحمل ثقلاً، ازددنا إصرارا على التقدم بثبات أكبر" لافتا إلى أن هذه الظروف الصعبة لم تمنع الأردن من أن يستمر في المساهمة الإيجابية لتحقيق الخير للعالم أجمع.
ولفت ولي العهد الأردني إلى ضرورة تحسين البيئة الاستثمارية بشكل جذري وتحسين النزاهة والمسائلة وتطوير نظام التعليم ودعم الرياديين الشباب، من أجل تخفيض نسبة البطالة وتوفير فرص العمل للشباب ولأجيال المستقبل.
وأكد تمسك الأردن بالتزامه بحل عادل وسلمي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي يستند إلى حل الدولتين، رغم ضعف التفاؤل، كما أنه مستمر بالنهوض بواجب الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف، لافتا إلى أن الحفاظ على الوضع التاريخي والقانوني القائم في المسجد الأقصى المبارك - الحرم القدسي الشريف أساس تحقيق السلام في الإقليم وفي العالم، انطلاقاً من مكانة المدينة في الأديان السماوية.
وقال الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، إن عزيمة الأردن لم تنثن في الحرب الدولية ضد الإرهاب وفي حرصه على نشر القيم الحقيقية للإسلام الحنيف، منوها بأن قوات حفظ السلام الأردنية ساهمت في حماية المدنيين الأبرياء في هاييتي، ودارفور، ووصولاً إلى تيمور الشرقية، وأن صوت الأردن يبرز عالياً في الدعوة إلى الاعتدال والانفتاح على جميع المكونات الاجتماعية وإدماجها.
وأكد ولي العهد الأردني أنه قلما تجد بلداً يتحمل على مستوى الفرد هذا الكم الهائل من الصدمات الخارجية أو يساهم في السلام والأمن العالميين مثل الأردن، مشيرا إلى أن الأردن لطالما قام بفعل الصواب، المرة تلو الأخرى، لكنه تساءل عن رد العالم إزاء ذلك، مؤكدا أن الكلام الطيب لا يدعم الموازنة، ولا يبني المدارس، ولا يوفر فرص العمل.
وتسائل: كيف لدولة صغيرة مثل الأردن، تكافح في وجه صعوبات قاهرة كهذه، أن تستمر في معاناتها، وأن توفر ملجأ للملايين من اليائسين والمحتاجين، لافتا إلى أن الواقع المؤلم هو أن اقتصادات الحرب آخذة بالازدهار لمنفعة القلة، بينما تستمر الاقتصادات الحقيقية في المعاناة مما يجلب الضرر على الجميع.
وقال إن الضمير العالمي في "وضعية الصامت"، مؤكدا أنه حان الوقت لكسر حاجز الصمت، والبحث عن إجابات لهذه الأسئلة، لإطلاق جهد دولي يحمل إنسانيتنا المشتركة إلى بر الأمان.