حاسبو إعلام نكاح المِيتة والبهائم
الثلاثاء، 19 سبتمبر 2017 11:38 ص
احتدت الأراء حول إطلاق البعض من شيوخ الأزهر لعدد من الفتاوى التي أعتبرها البعض شاذة، حتى أن البعض من المواقع الصحفية هاجمت مطلقي الفتاوى بضراوة، الأمر الذي وصل إلى اتخاذ جامعة الأزهر قرارا بتحويل الدكتور صبري عبد الرؤف مطلق فتوى جواز نكاح الزوج لزوجته الميتة، وتحويل الدكتورة سعاد صالح، إلى التحقيق بسبب إطلاقها فتوى جواز معاشرة البهائم.
ولا ينكر أحدا أن مثل هذه الفتاوى تثير الفتن والقلاقل في مجتمع وصلت نسبة البطالة فيه 12% وتعدت نسبة الفقر فيه مستوى 40% كما بلغت نسبة الجهل والأمية 29%، الأمر الذي يضرب المجتمع في مقتل، حيث يتلقى هذه الفتاوة الشاذة من أساتذة وعلماء في الأزهر، وليسوا مقيمي شعائر دينية في مساجد أو زوايا، لم يكن خطورة إطلاق مثل هذه الفتاوى الشاذة من أفواه هؤلاء العلماء الأجلاء، بل يكمن في كونها بالفعل موجودة في كتب التراث وصحيح البخاري، وهو ما تعلمه جامعة الأزهر علم اليقين، وتقوم بتدريسه للطلبة على مدار سنوات دراستهم داخل أروقة الجامعة العريقة كمناهج تعليمية!! .
لا تظلموا الإسلام بفتاوى وردت في كتب التراث، فقد قال رسول الله صل الله عليه وسلم في خطبة الوداع «ما أن تركت فيكم لا تضلون به من بعدي ألا وهو كتاب الله وسنة رسوله»، إذا لم يورد في كتاب الله عز وجل وسنة رسولة فتوى إرضاع الكبير ولا نكاح الحمير ولا انتهاك حرمة جثث الموتى، بل وردت هذه الفتوى في كتب تراثية اُعتبر كتابها مرجعا دينيا، وكانت مسائل فقهية سألها رجالا خرجوا لتوهم من عصر الجاهلية التي كانت تجيز وئد البنات ثم دخلوا الإسلام بجاهليتهم، فكان وجوبا على شيوخ الإسلام إنذاك الرد على مسائلهم الفقهية حتى وإن كانت غريبة وشاذة.
كثيرا ما طالب شباب من الباحثين الإسلاميين بتنقية كتب التراث من مثل هذه المسائل الفقهية التي وردت في صحيح البخاري وغيره من كتب الصحاح، حتى لا تتولد أجيال من الفقهاء تأثروا بمسائل فقهية عبثية، كانت تجاري زمانها، بينما القرأن نزل لكل العصور وجاوب على كل المسائل، إلا أن كبار علماء الأزهر رفضوا تنقيح التراث واعتبروا الأمر وكأنه تار شخصي مع الشباب ورفعوا قضايا حسبة وازدراء أديان على المطالبين بالتنقيح والتنقية، لتكميم أفواههم ليتوبوا عن دعوتهم لحماية المجتمع من الوقوع فريسة في شباك فتاوى كانت تصلح لزمانها.
الأمر الأصعب من صعوبة وقع الفتاوى الفقهية التي وردت على السنة علماء الأزهر، هو إصرار وسائل الإعلام وفي مقدمتها القنوات الفضائية لإثارة مثل هذه القضايا الخلافية شرعا، ولا أخفيكم سرا أن إنشاء القنوات الفضائية لم يعد صعبا على أحدٍ فبحفنة من الأموال تستطيع إنشاء قناة فضائية وهو ما يسمى في الحقل الإعلامي بــ«قنوات بير السلم»، فلا تعتمد على فريق عمل إعلامي محترف وليس لديها وجوه إعلامية معروفة تضمن تحقيق عائد مادي جيد من الإعلانات لضمان استمرار بثها، فلجأت إلى حيلة داهية ببيعها لساعات الهواء لأي شخص يريد الظهور على شاشتها حتى وإن لم يكن له أي علاقة بالعمل الإعلامي وأسسه ومبادئه ورسالته السامية، ووصل سعر الساعة في تلك القنوات المجهولة إلى تأجير ساعة البث بــ1800 جنية مع إمكانية إعادة بث الحلقة مرة أخرى في اليوم التالي، ففتحت الشاشات أما بعض مذيعين مطرودين من قنوات أخرى لسوء سمعتهم !!.
تخيلوا يا سادة أن كل من هب ودب، يدخل يتنا بكل سهولة ويسر حتى وإن كان الباب مصفحا لا يخترقه الرصاص، إلا أن قنوات بير السلم هي اللص المحترف الذي يدخل البيت في حضورك وبرغبتك دون أي مقاومة منا، إلا إذا أدركنا خطورته وتصدينا له بقوة، فتجاهلنا لتلك القنوات المجهولة بمذيعيها اللزجين يوقف مسيرتهم في سرقة عقولنا وتضخم جيوبهم بأموالنا وعلى حسابنا.
لست هنا في معرض دفاع عن مطلقي فتاوى نكاح البهائم والمِيتة وإرضاع الكبير، لأنهم فعليا أقروا بما جاء في كتب الصحاح والتراث، بل أنا بصدد الدعوة إلى وقف بث تلك القنوات التي تستبيح أعراض مجتمع به ما به من سلوكيات مشوهة وعادات بالية ولا ينقصه تشويه الدين، لتصبح جريمة معاشرة البهائم أمر يجيزه الدين ويقف أمامه القانون عاجزا في تجريمه لأنه بفتوى شرعية من الأزهر!!! لذا حاسبوا من تعمدوا إضعاف القوى الناعمة التي كانت تمتلكها مصر، وحاسبوا من تأمروا بأموالهم على تشويه المجتمع، وأخيرا حاسبوا الإعلام قبل أن تحاسبوا مشايخ نكاح الميتة والبهائم.