داخل أروقة الجامعة.. البحث العلمي «مسروق» أو «مُهان»
الخميس، 14 سبتمبر 2017 09:49 ممحمد أبو ليلة
ظاهرة سرقة الأبحاث العلمية انتشرت بشكل فج خلال الفترة السابقة خصوصاُ في جامعات مصر، فمنذ عام 2010 وحتى الأن سُجلت ما يقارب 10 وقائع سرقة اتُهم فيها أساتذة في خمس جامعات مصرية، بعضها سرقة لأبحاث عالمية والبعض الأخر سرقة لأبحاث طلاب أو أساتذة في جامعات أخرى.
فأمس الأربعاء اتخذت إدارة جامعة القاهرة، قرار بتحويل أحد أساتذة كلية دار العلوم لمجلس التأديب بسبب اتهامه بسرقة أبحاث علمية من أحد طلابه، ومن قبل اتخذت جامعات أخرى غير القاهرة هذا الموقف بوقف أساتذة وطلاب أحياناً اتُهموا بسرقة الأبحاث العلمية.
وتأتي هذه السرقات المتتالية على الرغم من أن عدد الباحثين في قطاع التعليم العالي فقط وصل لـ 72 ألف و914 باحث كانت أكبر نسبة منهم من جامعة القاهرة بنسبة 17.2%، وتحتل جامعة القاهرة المرتبة الأولى بين جامعات مصر في عدد الأبحاث المنشورة دوليا بعدد ألفين و582 بحث تليها جامعة عين شمس بـ ألف و582..وذلك طبقا لأخر إحصائية أعدتها منظومة البحث العلمي لـ عام 2013، حصلت صوت الأمة على نسخة منها.
عدد الباحثين
نظام «الكشف عن السرقة»
الدكتور هاني الناظر رئيس المركز القومي للبحوث سابقا يؤكد في تصريحات خاصة لـ صوت الأمة أن هناك نظام داخل الجامعات المصرية أصبح موجود منذ فترة قليلة يمنع سرقة الأبحاث ويًطبق بحزم وهو نظام «بليجريزم»، الذي تستخدمه المراكز البحثية داخل الجامعات للكشف عن أن كان هذا البحث المُقدم مسروق أم لا، قائلا «أي رسائل علمية دلوقت أو ابحاث ترقية تخضع لهذا النظام، اللي بيكشف أي سرقة وبالتالي لا يستطيع أي باحث تقديم رسالة أو بحث ترقية مزور لأنه سينكشف أمره».
ويرى أنه لولا وجود هذا النظام لما انكشفت وقائع سرقات الأبحاث التي على أساسها اتخذت جامعة القاهرة مؤخرا قرار بتحويل أحد أساتذتها بكلية دار العلوم لمجلس التأديب، بسبب سرقته لبحث من أحد طلابه.
عقوبة قانونية
وعلى الرغم من وجود قانون يُنظم حماية الملكية الفكرية للأفراد والباحثين إلا أن عدد من مواده لم يُشر بشكل مباشر عن عقوبة محددة لـ«سارقي الأبحاث العلمية»، واكتفى القانون رقم 82 لسنة 2002 الخاص بحماية الملكية الفكرية بغرامة لا تقل عن عشرون ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه، كل من قلد بهدف التداول التجاري موضوع اختراع أو نموذج منفعة منحت براءة عنه.. حسب المادة 32 من القانون.
كما أن المادة 181 من القانون ذاته أقرت بعقوبة الحبس مدة لا تقل عن شهر وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تجاوز عشرة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من قام ببيع أو تأجير مصنف أو تسجيل صوتي أو برنامج إذاعي محمي طبقا لأحكام هذا القانون أو طرحه للتداول بأية صورة من الصور بدون إذن كتابى مسبق من المؤلف أو صاحب الحق المجاور.
ويرى ضياء الدين داوود عضو اللجنة التشريعية بمجلس النواب في تصريحات خاصة لصوت الأمة ضرورة وجود تعديلات شريعية حقيقة من أجل حماية البحث العلمي في مصر من السرقة، مؤكداً أن الدول المتقدمة تُقاس بمدى اهتمامها بالبحث العلمي وتوفير كافة السبل لدى باحثيه من أجل حمايتهم من السرقة والاستفادة من أبحاثهم في خدمة المجتمع، موضحاً أن الميزانية التي وضعها الدستور المصري للبحث العلمي لم يتم تنفيذها حتى الأن.
الإنفاق على الأبحاث
فالمادة 23 من الدستور المصري أعطت الدولة مسئولية كاملة عن تطوير منظومة البحث العلمي، باعتباره وسيلة لتحقيق السيادة الوطنية من خلال رعاية الباحثين والمخترعين، ونصت المادة صراحة على أن تخصص نسبة 1% من الناتج القومي للبحث العلمي إلا أنه حتى الآن لا زال الإنفاق عن البحث العلمي لا يتخطى قيمة 0,2 % من إجمالي الناتج القومي المصري، ينما دول كإسرائيل 2,2 % من إجمالي الناتج القومي.
الدستور
14 ألف بحث مصري منشور في الخارج
وعلى الرغم من الإنفاق الحكومي الضئيل على منظومة البحث العلمي في مصر سجلت الإحصائيات الصادرة عن أكادمية البحث العلمي لعام 2013 وحصلت عليها صوت الأمة فقد بلغ عدد الأبحاث المنشورة دوليا لباحثين مصريين 14 ألف و115 بحث.
كما وصل عدد طلبات الحصول على براءات اختراع التي تم تقديمها لمكتب براءات الاختراع المصري لـ 2057 طلب أكثر من 67% منهم مقدم من شركات، لكن مكتب براءات الاختراع لم يوافق على منح براءات سوى ((465 براءة اختراع فقط))، منهم 86(( براءة اختراع)) منحت لمصريين والباقي تم منحه للأجانب، وليس من بين هذه البراءات تم منحها لجامعات في العام نفسه، وهذا يؤكد أن أداء المراكز البحثية والجامعات ضعيف بالمقارنة بالشركات والأفراد.
2014_10_21_11_26_58_498
حلول جوهرية
وُتطالب هبة عبد الرحمن، نقيب المُخترعين بضرورة وجود برنامج شراكة بين الدولة والقطاع الخاص لدعم الباحثين والمخترعين لإجراء أبحاثهم وتجارب التشغيل، مشيرة إلى أننا بحاجة لتغيير نظام المتابعة الإلكتروني بالوزارة لتسهيل البحث العلمي والاختراعات، نظرا لما يعانيه الباحثون وبالأخص من أبناء محافظات الوجه القبلي بضرورة سن قانون للاستثمار في الاختراع لأن المستثمر يحصل على مادة معروفة ولا يفكر في مادة حديثة من توفير امتيازات للمستثمر كالإعفاء من الضرائب مقابل استخدام مادة حديثة أو ماكينة حديثة.
في السياق ذاته يُطالب رئيس المركز القومي للبحوث سابقا هاني الناظر بزيادة الإنفاق بمعدل سنوي على منظومة البحث العلمي في مصر، قائلا« لابد أن نزود نسبة 0.3% كل عام على البحث العلمي، جزء منها يأتي من حكومة والقطاع الخاص»، وطالب الحكومة بوضع أليات للحصول على تلك الأموال، للإنفاق علي الأبحاث والمشاريع العلمية بما يضمن أن يصل الإنفاق على البحث العلمي في مصر 4% من إجمالي الناتج القومي بعد 10 سنوات من تنفذي هذه الرؤية، وتقديم أبحاث تطبيقية تخدم الصناعة والزراعة والصحة والبيئة وتحل مشاكل البلد في مختلف القطاعات.