«كيد النسا».. السبب في الاختراق الكامل لمعبد كهنة الإخوان
الثلاثاء، 12 سبتمبر 2017 06:25 م
من الممكن أن يقودك خبر بسيط في إحدى وسائل الإعلام، لطرف خيط في طريق الكشف عن المطبخ الذي تعد فيه المؤامرات، فكان خبر خضوع القيادي الإخواني «ع. ع» للتحقيق بتهمة التورط في تدشين شبكة لــ«تبادل الزوجات»، في تركيا، بعد توافر معلومات لشرطة «تقسيم» بإسطنبول، كاشفا عن الصراعات الدائرة داخل تنظيم جماعة الإخوان الإرهابية، وكان المدخل الرئيسي إلى المطبخ الإخواني.
بعد أن لعب «كيد النسا» دورا بارزا في كشف النقاب عن تفاصيل حجم التمويلات التي توفره لهم قطر وتركيا، ومدى تحركات أعضاء الجماعة في أمريكا وأوروبا، ورجالهم في الكونجرس ومجلس العلاقات المصرية الأمريكية، ونيويورك وواشنطن وبوسطن ولندن وجنيف وبرن وزيوريخ ومونتريال وتورنتو وبرلين ودبلن، وزياراتهم لسفارات 80 دولة في أنقرة، ومراسلتهم لـ50 من رؤساء الدول ورؤساء الحكومات ووزراء الخارجية بالاتحاد الأوروبي والأمريكتين، ولقاءاتهم ببرلمانات أمريكا وبريطانيا وفرنسا وبلجيكا والدنمارك، ولقاءات وفودهم بـ132 بعثة دبلوماسية دائمة بالأمم المتحدة، وبأعضاء مجلس الأمن، باستثناء مصر بالطبع، وتحضيراتهم لدعوات تظاهر واعتصام وحملات للمعلمين والدعم وما أسموه بـ«الإخفاء والقتل».
طرف الخيط
كان طرف الخيط الأول في قضية تبادل الزوجات، وتفاصيل الشبكة وأعضائها، ذكر أسم السيدة «ف. م»، لبنانية الجنسية، وزوجة أحد الكوادر الإخوانية اللبنانية، والتي اتضح أنها تسكن بالقرب من مقر إقامة القيادى المتهم بتبادل الزوجات «ع. ع»، وجاء ذكر إسم السيدة في تحقيقات الشرطة باعتبارها وزوجها المسؤولين عن القضية، بعد إنكار «ع. ع» صلته بالقضية، وذكر أن الاتهام الموجه له كيدي وملفق له من خصومه من قيادات الإخوان، بسبب تأييده للمجلس الثوري في خلافه مع المكتب الإداري، وشعور أبرز قيادتين للجماعة في تركيا بمساعٍ من أعضاء المجلس «م. ع» و «و. ش» للإطاحة بهما لصالح «ج. ح»، القيادي بالبرلمان الإخواني وممثل مصريي تركيا بالمجلس الثوري، وأن السيدة «ف. م» وزوجها يؤيدان خصومه، ورغم علمه بهذا كانت تجمعه بهما صداقة أسرية، فكان يزورهما هو وزوجته في منزلهما القريب من منزله، وهناك قابل أشخاصا كثيرين يُرجح أنهم المقصودون بالاتهام.
اختراق معبد الكهنة
وعن طريق المعلومات التي وردت في تحقيقات شرطة «تقسيم»، تم التوصل إلى السيدة «ف. م»، والتي قررت الحديث عن القضية خشية القضاء على سمعتها وزوجها، ونفت علاقتها بما يتردد عن قضية تبادل الزوجات، وأكدت أن الأمر بالكامل صراعات سياسية داخل معبد كهنة الإخوان في تركيا، وروت أن زوجها «أ. ا» عضو بالجماعة الإسلامية، الفرع اللبناني لجماعة الإخوان، ومقرب من أمينها العام عزام الأيوبي.
وكانت تصله نسخة من كل المعلومات والخطط ومحاضر الاجتماعات وتسجيلات صوتية ومرئية من اجتماعاتهم، وتفاصيل تحركات الكوادر الإخوانية داخل تركيا وخارجها، والملاحظات والاتهامات المالية والإدارية الموثقة بحق بعضهم، عن طريق مجموعة بريدية إلكترونية دشنها «م. ح» وضم لها عددًا من رجاله وداعميه لإطلاعهم بشكل تفصيلي دائم على مجريات الأمور، وكان زوجها هو العضو الوحيد غير المصري بينهم، كما أن المتهم «ع. ع» كانت تربطهما به علاقة أسرية جيدة، علم بأمر التسجيلات والمعلومات التي تصل لزوجها، عبر أحد أعضاء المكتب الإداري، الذي نقل له أن زوجي يحتفظ بوثائق تدينه ماليا وسياسيا، فزارنا في أحد الأيام وأثار الأمر وكأنه يعاتبنا لأننا لم نحفظ حقوق الصداقة، وتشاجر معنا وغادر المنزل غاضبا، وبعدها بأيام فوجئنا بقضية تبادل الزوجات وإقحام إسمينا فيها.
كيد النسا
لم تكن قضية تبادل الزوجات بالأمر الخطير داخل تركيا، لكن تفسير السيدة اللبنانية عن القضية، كان يشير إلى أن هناك سببا أكبر من كونها صراعات سياسية بين قيادات الجماعة الإرهابية، وكان لغريزة الأنثى و «كيد النسا»، محركا قويا لثأر السيدة اللبنانية ثأرا لإهانتها وذكر إسمها في قضية مخجلة، وحكت كل ما تعرفه، ودللت عليه من خلال ما لديها من إميلات ومنطوق محاضر الاجتماعات ورسائل التوجيهات والتكليفات والرسائل المتبادلة بين عناصر الجماعة، لتكتشف أنك أمام كنز ضخم من التفاصيل والمعلومات الدقيقة من داخل معبد كهنة الإخوان.
تمويل الدعوة مظاهرات 11/11 بـ10 ملايين دولار
بدأت السيدة اللبنانية، حديثها عن الدعوة لتظاهرات11/11 العام الماضي، وفشل الإخوان في الحشد لها، رغم أن الجماعة تبنت الدعوة ووقفت وراءها بقوة، وقالت إنه بحسب محضر اجتماع لقيادات المكتب الإداري والمجلس الثوري، برئاسة أمين عام الجماعة، مؤرخ بالخميس 17 أغسطس 2017، وعُقد في قاعة SURiÇi بفندق «أكغون إسطنبول»، «أُثير موضوع تظاهرات 11 نوفمبر»، وخلال مناقشة الأمر وجه المجلس الثوري اتهاما للمكتب الإداري للجماعة بالفشل والتقصير والتلاعب بالميزانية المخصصة لتنشيط الدعوة للتظاهرات.
وأن فسادًا ماليًا شاب عملية توجيه المخصصات المالية لإنتاج الوسائط السمعية والبصرية الخاصة بالترويج للدعوة، والإنفاق على المطبوعات وجماعات الحشد على الأرض، وإن أكثر من 3 ملايين دولار خصصتها الجماعة، استجابة لطلب المكتب الإداري في ضوء ما قال: إنها مطالب للشُّعَب والمكاتب الإدارية داخل مصر، أُنفقت بشكل غامض ولم يؤت ثماره، ما يُرجح أن هناك فسادًا وتلاعبًا، لكن «أ. ع» رد مدافعًا بأن المكتب طلب تخصيص 10 ملايين دولار للحشد على نطاق جغرافي ونوعي واسع.
ولكن الأمين العام، الذي يتولى الإشراف المالي على أنشطة الجماعة لم يستجب بسبب الضغوط المالية، التي تشهدها الإخوان، وهو نفس السبب الذي دعى في وقت سابق لمطالبة فروع الجماعة في قطر ودول عربية أخرى بتوفير تمويل إضافي 10 مليارات ريال، ما يعادل 2.7 مليار دولار تقريبا، خاصة بعد تقليص الحكومة التركية دعمها للجماعة بنسبة تفوق 60٪، وأصبح الاعتماد الأكبر على الموارد الذاتية وما يوفره نائب المرشد إبراهيم منير ومجموعة عمل رجل الأعمال الراحل يوسف ندا عبر استثمارات الإخوان الدولية.
إلا أن هذا المورد يواجه أزمة هو الأخر بسبب تصاعد نسبة المبالغ المخصصة للإنفاق على عناصر الجماعة في السودان وقطر وبعض الدول الأوروبية، وإعالة أسر المسجونين في مصر، وكان ردّ المكتب الإداري لإخوان الخارج على اتهامات التقصير وتعليلها بالضغط المالي زاد الأمور حدّة، إذ لم يبد أنه كان مقنعا، فتدخل «ج. ح» عضو المجلس الثوري.
وقال إن الأمر يرتبط بسوء الإدارة لا وفرة الموارد، وإن كوادر الجماعة الوسيطة وشبابها لا حديث لهم إلا عن الفساد المالي، مدللا بما كتبه عضو الجماعة عز الدين دويدار عبر صفحته على فيس بوك، متهمًا أمين عام التنظيم ومجموعته بسرقة 20 مليار جنيه من صندوق الدعم المالي، وعدم رد الأمين أو أي من قيادات الأمانة العامة ومسؤولي المكتب الإداري على الاتهامات.
الملف الأحمر
أثار اتهام «ج. ح» للمكتب الإداري وأمين عام الجماعة بسرقة 20 مليار جنيه من أموال صندوق الدعم غضب «أ. ع»، وأخرج ملفا أحمر اللون، كان يبدو مكتنزا بالأوراق، وبينما كان يبادر بفتح ملفه لإقامة الحجة على الخصوم والرد على اتهامات الفساد وتبديد الميزانية، كان يردد: «الإخوة اللى بيقولوا فيه فساد وسرقات، ده ملف 11/ 11 الكامل من وقت اجتماع المكتب الإداري يوم الخميس 21 يوليو 2016، قبل الدعوة بأربعة أشهر تقريبا، 3 ملايين دولار إيه اللى بتقولوا اتسرقوا وما اتصرفوش، إحنا اشتغلنا من 15 سبتمبر لـ15 نوفمبر، شهرين شغل في كل مكاتب وشُعَب ووحدات مصر بـ3 ملايين دولار بس، وإللى مش مصدق الكلام، آدي الأرقام»، وكلها موجودة في الملف الأحمر دا.