«مصر والصين» شراكة تعليمية بدأت منذ 175 عاما.. 10 جامعات مصرية تضم أقسام لغة صينية وتبادل للطلاب وأعضاء هيئة التدريس.. و1615 بحثا مشتركا في 29 تخصصا مختلفا
الأحد، 03 سبتمبر 2017 07:19 م
تعد زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى الصين، التى تستمر حتى 5 سبتمبر، لحضور قمة مجموعة «بريكس»، انعكاسا ما وصلت إليه العلاقات بين مصر والصين خلال الأعوام القليلة الماضية، ولعل من بين هذا التعاون هو التبادل العلمي، والتعليم، حيث شهد تعاون مثمر خلال الأعوام الماضية.
وتعتبر مصر أول دولة عربية تقيم تعاونا تعليميا مع الصين، حيث يرجع تاريخ هذا التعاون إلى سفر العالم الإسلامى الصينى ما فو تشو (MaFuchu)، فى فترة أسرة تشينغ الملكية، إلى مصر للدراسة فى جامعة الأزهر قبل 175 سنة، وبعدها تم التعاون وإقامة مشروعات تعليمية بين الجامعات والمعاهد، وتبادل الطلاب الوافدين.
كما يوجد تعاونا تعليميا وتبادل ثقافيا من خلال معهد كونفوشيوس، لتعليم اللغة الصنية في مصر، والذي أنشئ بموجب اتفاقية بين جامعتي القاهرة وبكين عام 2007 والمجلس الوطنى الصينى لتعليم اللغة الصينية حول العالم، وأصبح جسرًا للتعاون الثقافى بين مصر والصين، حصل معهد كونفوشيوس بجامعة القاهرة على جائزة أحسن معهد حول العالم خلال العام الجاري.
وخلال شهر مايو من العام الجاري، التقى الدكتور خالد عبدالغفار، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، بعدد من قيادات قطاع الشئون الثقافية والبعثات بالوزارة مع وفد لجنة التربية والتعليم بالعاصمة الصينية بكين برئاسة ليو يوهيو، أمين اللجنة، لبحث آليات دعم التعاون بين مصر والصين وخاصة في مجال التعليم العالي.
وتم استعراض أوجه التعاون القائمة بين البلدين بخاصة مذكرات التفاهم التي وقعت أثناء زيارة نائب رئيس مجلس الوزراء الصيني لمصر العام الماضي، كما بحث الجانبان عددا من المقترحات منها، تبادل أعضاء هيئة التدريس لفترات قصيرة أو طويلة طبقا لاتفاق الطرفين بهدف دعم التعاون بين الجامعات المصرية والصينية، وكذلك التبادل الطلابي بين الطلاب المصريين والصينيين لإعدادهم وإكسابهم الخبرات والمهارات التي تمكنهم من التأهيل لريادة الأعمال باعتبارهم قادة المستقبل، وإمكانية تنظيم تبادل لوفود طلابية بين البلدين لإقامة معسكرات صيفية للمشاركة فى فعاليات ثقافية ورياضية بهدف دعم التواصل والترابط بين الجانبين.
وطالب الجانب الصيني بالاستفادة من الخبرات المصرية لسد النقص في أعداد مدرسي اللغة العربية بالصين، كما زار الوفد الصيني جامعة جنوب الوادي، وتم التباحث حول إنشاء قسم لدراسة اللغة الصينية بكلية الألسن بالجامعة، وإمكانية قيام الجانب الصيني بإمداده بالمناهج التعليمية اللازمة والأساتذة المتخصصين.
وخلال الندوة التي أقامتها جمعية الصداقة المصرية الصينية بالقاهرة، بعنوان «مستقبل التعاون العلمي والتعليمي بين مصر والصين في العام الماضي»، أكد نائب وزير التعليم العالي والبحث العلمي، الدكتور عصام خميس، عمق العلاقات بين مصر والصين، حيث إنها تزيد بكثير عن مجرد كونها علاقات دبلوماسية رسمية، فمنذ فجر التاريخ كانتا دائما في طليعة دول العالم القديم الساعية للعلم والمعرفة، والمؤسِسة للحضارة الإنسانية التي قامت باقي الأمم بالبناء عليها والنقل عنها.
وأشار «خميس» إلى أن العلاقات المصرية الصينية تميزت دائما بالاحترام العميق المتبادل، وبالرغبة الصادقة في زيادة التقارب والتعارف بين الشعبين، وتوطيد أواصر التعاون في مختلف المجالات، مؤكدا أن الاهتمام بالبحث العلمي والتطوير التكنولوجي لعب دورا محوريا في النجاح العظيم للتجربة الصينية، حيث كان التقدم العلمي والتكنولوجي هو القاطرة الحقيقية والفعلية للتنمية.
وأكد أن التعليم يعد مجالا للتعاون لا يمكن تجاهله وعاملا دافعا مهما لتطوير الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين، مع زيادة قوة الصين الوطنية الشاملة وارتفاع مكانتها الدولية، وعودة مصر إلى استقرار الوضع السياسي والانتعاش الاقتصادي.
وتابع أنه من المعروف أن تطبيق وتسويق الاختراعات في العالم لا يتعدى 3% من عدد الاختراعات، بينما استطاعت الصين أن تسوق أكثر من 30%، بسبب تسويق نتائج الأبحاث والاختراعات في شركات تتبع الجامعات الصينية.
وأضاف أن أكثر الجامعات المصرية اشتراكا مع الجامعات الصينية في النشر العلمي هي جامعة قناة السويس ثم جامعة القاهرة ثم جامعة عين شمس وجامعة الفيوم، مشيرا إلى إمكانية التعاون مع الصين مستقبلا في دعم إنشاء حدائق للعلوم وحاضنات تكنولوجية ومراكز للابتكار بمصر.
وأكد «خميس»، أن مصر نشرت أبحاثا علمية مشتركة مع الصين بلغت 1615 بحثا في 29 تخصصا مختلفا، في مجلات مفهرسة عالميا، خلال الفترة 1985 وحتى 2016، مشيرا إلى أهم التخصصات العلمية المشتركة بين البلدين وهى الفيزياء والفلك، العلوم الطبية، العلوم الهندسية، الكيمياء الحيوية والهندسة الوراثية والبيولوجي الجزيئية، الزراعة والعلوم البيولوجية، الكيمياء، علوم المواد، علوم الحاسب الآلي، الرياضيات، المناعة والميكروبيولوجي، علوم البيئة، علوم الصيدلة، الطاقة، الطب البيطري، العلوم الاجتماعية.
وأوضح أنه رغم المسافة البعيدة التي تفصل الصين عن مصر، إلا أن مصر شهدت خلال السنوات الأخيرة ما يمكن تسميته بـ«حمى اللغة الصينية»، كما بدأت بعض المعاهد والمدارس الثانوية في تعليم اللغة الصينية، لافتا إلى أن الجامعات المصرية تحرص منذ أواخر خمسينيات القرن الماضي على تأسيس أقسام اللغة الصينية، حيث بدأ تعليم اللغة الصينية في مصر سنة 1957 بكلية الألسن بجامعة عين شمس، وفي الوقت الحالي يوجد 10 جامعات مصرية أسست أقسام لغة صينية، كما أنشأت الجامعة مركز بحوث للعلوم الصينية (الصينولوجي) عام 1999.
وأكد أنه خلال السنوات القليلة الماضية بدأ التعاون العلمي مع الصين يأخذ طابعا جديدًا، يتميز بالجدية والفعالية وسرعة التنفيذ حيث تم التوقيع على عدد من الاتفاقيات والبروتوكولات ومذكرات التفاهم، والتي بدأ بالفعل تنفيذها، منها على سبيل المثال مذكرة تفاهم بين أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، ووزارة العلوم والتكنولوجيا الصينية، لإنشاء معمل، بتمويل مشترك، لبحوث الطاقة في مدينة سوهاج بجنوب مصر، وتم الاتفاق على أن تكون المرحلة الأولى للطاقة الشمسية، والثانية لطاقة الكتلة الحيوية، والثالثة لطاقة الرياح، وتستغرق كل مرحلة سنة.
وشدد «خميس»، على أهمية تعزيز التعاون مع الجانب الصيني في مجال التعليم الفني والتقني وذلك لسد الفجوة بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل، وإقامة منتدى سنوي لرؤساء الجامعات المصرية والصينية يعقد بالتبادل بين الجانبين.