«هنا» لمحكمة الأسرة: بعد 4 سنوات زواج «أنا لسه بكر رشيد»
الجمعة، 01 سبتمبر 2017 02:50 ممنال عبد اللطيف
«أرض غير ممهدة.. منازل متهالكة.. محال أقرب في الحجم إلى ترب الموتى.. عقارات صغيرة.. شقق ضيقة لا تتسع لفردين».. أنها تشبيه أقرب لترب الموتى -الحارات والأماكن الشعبية- التي يعيش بها محدود الدخل.
وفي إحدى تلك العقارات الصغيرة، تجلس «هنا»، فتاة تخطت العقد الثالث، في منزل مكون من غرفتين، أثاثه متهالك ومتكسر، جدرانه أًصابها التشقق وتنتشر المياه على كافة بقاعه، ويحتوي في مدخله على «أنتريه» -كنبة عربي- له قدم مكسورة وضع مكانها قطعة خشب، بالإضافة إلى الوالد والوالدة و8 فتيات، أصغرهما تخطت العقد الثاني.
فقدت «هنا»، التي تخطت الـ33 عامًا، الآمل في أن تجد فارس الأحلام، خاصة وأن الظروف المادية للوالد لا تمكنه من تزويج فتياته الصغيرات، وبدأت تشعر أن مصيرها سيكون مع أحد أصحاب المهن أو من يقطنون النواصي -الصنيعية وتجار المخدرات- على رغم من أنها فتاة متعلمة وحاصل على مؤهل عالي.
بدأت فتاة العقد الثالث، تسير إلى عملها ذهابا وإيابا، مثقلة القدمين، تترقب مصيرها المحتوم، مدركة أنها لن تجد من يقترب منها في مستواها العلمي- رغبة في زواجها.. وبعد فترة افقدت «هنا» الآمل، طرق باب منزلهم، شابًا مفتول العضلات، يدعى «عبد الحميد»، مدرس تربية رياضية بإحدى المدارس.
جلس «عبد الحميد»، البالغ من العمر 35 عامًا، مع والد «هنا»، فيما تكدست الـ8 فتيات، في الغرف الصغيرة، حتى يرحل الضيف، إلا أن فترة الجلوس طالت ووصلت نحو ساعة، والغريب في الأمر أنه لم تكن محددة الموعد.. وبعد مرور الساعة طرق الأب باب الغرفة المتكدسة، ثم قال: «هنا الاستاذ عبد الحميد عايز يتزوجك».
تملك الصمت فتاة العقد الثالث للحظات، وبدأت البسمة تعتلي وجهها: «أخيرًا هتزوج، وكمان راجل محترم، كنت متأكدة يا رب أن نصيبي هيكون حلو».. ثم تمالكت نفسها مرة أخرى، ثم أومأت برأسها: «أنا موافقة»، تبسم الأب وخرج ليبشر فارس الأحلام، الذي داعب أفكار فتاته في لحظات معدودة.
3 أشهر- كانت تلك هي المدة التي استغرقها الزوج الملهوف لتجهيز منزل الزوجية الذي سيجمعه بـ«هنا»، الفتاة التي تحمل من الرقة والأخلاق الأوصاف، ما حلم به «عبد الحميد»، وظل يبحث عنه كثير.. إلا أن الرياح دائما ما تأتي بما لا تشتهي السفن.
وعلى غرار كل ما شهدتها محاكم الأسرة وإدعاءات بأن نساء تخشى ألا تقيم حدود الله، عاشت «هنا»، مع مدرس التربية الرياضية -بكرًا رشيدًا- دون أن تتفوه بكلمة أو تخبر أحدًا، حتى لا تجرح مشاعر زوجها الحبيب.
لجأ الزوجين إلى الأطباء أكثر من مرة، إلا أن الزوج يعاني من عيبًا خلقيًا يمنعه من إقامة علاقة مع زوجته أو الإنجاب، وعلى الرغم من ذلك، لم يسأل أحد الزوجة عن أسباب تأخر الإنجاب، إلا وقالت: «ربنا لسه مئذنش».. وظلت تحاول أن ترفع الهموم عن كاهل زوجها، وتحفي عيبه أمام الجميع.
ولكن الحال لم يتوقف عند هذا الحال، فقد بدأ «عبد الحميد»، في إهانة زوجته والاعتداء عليها بالضرب، بالإضافة إلى استخدام الفاظ نابية في التعامل معها.. وكانت الزوجة دائما ما تلتمس العذر لزوجها، فالعيب الذي يعاني منه قد يجعل أي رجل على غير عادته، خاصة وأنه فقد أعز ما يملك.
ولكن حدث ما لم تتوقعه «هنا»، وجعلها تلجأ إلى محكمة الأسرة، فبعد فترة من سوء المعاملة لفتاة العقد الثالث، علمت أن «عبد الحميد»، تزوج عليها فتاة جديدة، ولم يتمكن مرة أخرى من إقامة علاقة معها، وهو ما دفعها إلى الدخول لمحكمة الأسرة.
«4 سنين تحملت زوجي، ولم أشكو من عيبه، ولم يعلم أحد حتى الآن أنني بكرًا رشيدًا، وبالرغم من ذلك لم يذكر زوجي ما فعلته لأجله، وتزوج عليا فتاة أخرى».. بهذه الكلمات خرجت «هنا»، عن صمتها أمام محكمة الأسرة بالزنانيري.
وما كان للزوج إلا أن حاول تكذيب إدعاءات الزوجة كاملة في محاولة منها، لنجدته صورته -ورجولته- أمام الأهل والأصحاب. من جانبها طالبت المحكمة بتقريرًا طبيًا مفصلًا عن حالة الثنائي، وما إن كانت «هنا» لا تزال بكرًا رشيدًا.