سينجر .. من ماكينات الخياطة إلى السيارات الرياضية
الجمعة، 01 سبتمبر 2017 12:00 ص
أرتبط أسم «سينجر»، في كثير من مناطق العالم بمكينات الخياطة الشهيرة التي تحمل هذا الإسم، وربما لا يدري كثيرون أن الأسم أيضا إرتبط بسيارة صنعت في ولاية نيويورك الأمريكية وكانت تلك السيارة هي الأخرى من إنتاج شركة ماكينات الخياطة الشهيرة.
أنتجت سيارات سنجر في منطقة جبل فيركمون بولاية نيويورك بين عامي 1914 و1918، ثم أنتجت السيارة في مدينة نيويورك بين عامي 1918 و1920 على يد شركة سنجر للسيارات وتحت إشراف تشارلز سنجر عميد عائلة سنجر المنتجة لماكينات الخياطة، كانت هناك العديد من السيارات الفارهة التي تنتجها الشركة وكان معظمها مزودا بمحركات ذات ست سلندرات. وفي خطوة يائسة تم تقديم بعض النسخ المجهزة بمحركات V12 في الأيام الأخيرة للشركة.
وربما السيارات المعروفة من بين الموديلات التي تحمل أسم سنجر تم إنتاجها في بريطانيا بداية من عام 1905، وكانت تلك السيارات هي الأخرى مرتبطة بماركة ماكينات الخياطة الشهيرة. فالمعروف أن جورج سينجر مؤسس الشركة عمل في بداية حياته كميكانيكي ومنتج لماكينات الخياطة في شركة نيوتن ويلسون وشركاه ثم أنتقل للعمل في شركة كوفينتري لماكينات الخياطة.
وفي وقت لاحق، ترك سينجر العمل في مجال صناعة ماكينات الخياطة وأتجه لصناعة الدراجات الهوائية، وبحلول عام 1895 تمكن من إنشاء شركة سينجر لصناعة الدراجات. وبعد قضاء عدة أعوام في مجال إنتاج الدراجات ذات العجلتين والثلاث عجلات والتي جهزت بعض طرازاتها بمحركات، دخل سينجر إلى عالم صناعة السيارات في عام 1905 وأنشأ شركة سينجر وشركاه التي قامت بتصنيع بعض سيارات ليا-فرانسيس بموجب ترخيص من الشركة الأم.
بمرور الوقت تمكنت شركة سينجر من تطوير موديلات خاصة بها وأنتجت مجموعة متنوعة من السيارات المزودة بمحركات ذات سلندرين وثلاث وأربع سلندرات. وحققت تلك السيارات نجاحا متواضعًا، وبحلول عام 1912 تمكنت الشركة من تقديم أول سيارة ناجحة لها وهي موديل HP 10 أو السيارة ذات العشر أحصنة. وفي فترة تالية، تمت إضافة موديلات أخرى وأنتعشت أعمال الشركة حتى أنها صارت ثالث أكبر مصنعي السيارات في بريطانيا في منتصف العشرينيات بعد شركتي موريس وأوستن. وفي عام 1926 قدمت سينجر موديل جونيور وتم تجهيز الموديل بمحرك ذي 4 سلندرات من إنتاج أوستن وبلغت سعته 848 سي سي.
كان المحرك مجهزا بكامة علوية وهي السمة التي ميزت المحركات المتاحة لسيارات الشركة طوال الأعوام الثلاثين التالية.
ورغم أن سينجر، قامت بإنتاج مجموعة متنوعة من الموديلات خلال عقد الثلاثينيات ونجحت كذلك في عالم السباقات، فإنها عانت من مصاعب مالية، وأعيد تنظيم الشركة وتغير إسمها إلى شركة سينجر موتورز المحدودة في عام 1936 وأمكن لها تجاوز الأزمة الإقتصادية العالمية في تلك الفترة.
في أعقاب الحرب العالمية الثانية، قامت سينجر- مثلها في ذلك مثل باقي شركات السيارات – بإعادة إنتاج الموديلات التي كانت تنتجها خلال فترة ما قبل الحرب واستمر ذلك حتى تمكنت الشركة من تقديم موديل سيدان بأربعة أبواب أطلق عليه أسم SM1500 في عام 1948 . كانت السيارة شبيهة من حيث الشكل الخارجي بتصميمات كايزر-فرايزر الأمريكية. وبدأت تلك السيارة الإنجليزية في الوصول لأسواق أمريكا الشمالية بأعداد بسيطة في بداية الخمسينيات.
وكان تصميم هيكل تلك السيارة يشبه إلى حد بعيد المظروف وكانت مجهزة بنظام تعليق أمامي مستقل ومحرك ذي 4 سلندرات بكامة علوية وسعة 1500 سي سي ووصلت قوة هذا المحرك إلى 50 حصانا.
ولكن على الرغم من الصبغة الأمريكية التي بدت على تصميم تلك السيارة، كانت مبيعاتها متواضعة في أمريكا الشمالية. ففي تلك الفترة كانت للسيارات الرياضية الإنجليزية شعبية كبيرة ولهذا كان التأثير الأكبر لشركة سينجر من خلال سيارة رياضية صغيرة أطلقت عليها الشركة لقب "رودستر" رغم أن مقصورتها كانت مجهزة بأربعة مقاعد.
في البداية ظهرت تلك السيارة بإسم "سينجر ناين" وكانت مجهزة بمحرك سعة 1047 سي سي بقوة 37 حصانا وهو نسخة من المحرك الذي إستخدمته الشركة في موديل "ناين" خلال فترة ما قبل الحرب العالمية الثانية. ورغم أن قوة المحرك كانت متواضعة غير أن الأداء كان رائعا. وفي عام 1952 ، تم إستبدال الموديل بنسخة معدلة من موديل SM1500 السيدان ولكن أنخفضت سعة المحرك من 1506 سي سي إلى 1497 سي سي كي يمكن للسيارة المنافسة في تلك الفئة بسباقات السيارات.
ووفقا للإختبارات التي أجريت على تلك السيارة التي بلغ وزنها 850 كيلوجراما، كان الأداء مماثلا تقريبا لأداء موديل إم جي TD الشهير. فكان بمقدور سيارة سينجر الإنطلاق من السكون وصولا لسرعة 100 كم / ساعة خلال 17 ثانية فقط بينما وصلت سرعتها القصوى إلى 134 كيلومترا في الساعة.
بينما كان الأداء قريبا إلى حد بعيد لأداء موديل إم جي TD غير أن موديل سينجر إفتقر إلى ذلك الطابع المميز الذي تمتع به موديل إم جي. كان لكلا الموديلين أبواب صغيرة وزجاج أمامي يمكن طيه ومصابيح أمامية منفصلة. ولكن بدت سيارة إم جي أقل إنخفاضا وأكثر رشاقة من موديل سينجر. ربما كان أهم ما تفتقر إليه سيارة سينجر هو عدم وجود عداد لدورات المحرك وهو أمر لا يبدو مقبولا في سيارة رياضية.
كان سعر كلا الموديلين يبلغ حوالي 2200 دولار ولكن تفوق موديل إم جي من حيث المبيعات بنسبة كبيرة. وتجدر الإشارة إلى أن النسخة الرودستر من موديل سينجر ظلت تباع في الأسواق الأمريكية حتى عام 1956 بينما توقف إنتاج موديل SM1500 السيدان في عام 1954 .
أما شركة سينجر موتورز، فقد إنضمت إلى مجموعة رووتز في عام 1955 وترتب على ذلك إختفاء موديلات سينجر الأصلية التي سرعان ما تم إستبدالها بنسخ من موديلات مجموعة رووتز. وأختفى أسم سينجر في عام 1970 وإن كان لا يزال أحد أفضل السيارات الرياضية الكلاسيكية حتى يومنا هذا.