إزاي الصحة يا حكومة
الثلاثاء، 29 أغسطس 2017 01:14 م
لا أدري إلى متى ستظل الحكومة تتعامل مع «صحة المواطن المصري» على أنها مجرد قضية هامشية، وترك كل ما يتعلق بالصحة العامة عرضة للتلاعب والغش "دون رقابة" في ظل تشريعات تافهة تشجع كل منحرف ومعدوم ضمير على قتل المصريين عمدا، وتحقيق ثروات في مقابل بيع الموت مغلف في صورة غذاء لملايين الفقراء.
فمنذ شهور تناول تقرير أصدرته نقابة الأطباء البيطريين تحت عنوان «ثروتنا الحيوانية»، يحوي معلومات لا يمكن وصفها سوى بـ «جريمة» تؤكد استخدام لحوم الكلاب والحمير والفئران في صناعة اللحوم المصنعة التي تباع للمواطنين بأسعار رخيصة وزهيدة بعيدًا عن أي إشراف صحى أو بيطري، واستخدام جلود الحمير في صناعة الحواوشي، فضلا عن احتواء اللانشون المصنع في كبرى المصانع على لحوم الفئران، التي تدخل إليه عن طريق أجولة فول الصويا دون أدنى رقابة.
وقال التقرير إن أغلب المطاعم والفنادق والأندية في مصر لا تخضع لرقابة الطب البيطري، ما أفسح الطريق لانتشار العديد من الأمراض إلى المصريين، مؤكدا أن كبرى المطاعم في مصر تستخدم لحوم غير صالحة للاستخدام، وتحتوي على أوبئة ومذبوحة خارج السلخانات، نتيجة لاستمرار العمل بقانون صدر عام 1966 أقر عقوبة الذبح خارج السلخانة بغرامة 10 جنيهات، وما زال معمولا به حتى اليوم
ورصد التقرير تقديم مطاعم كبرى «وجبات دواجن ميتة» للمواطنين، إلى جانب حفظ اللحوم في براميل مخصصة لحفظ المواد الكيماوية، تتفاعل مع الدهون وتؤدي إلى تكون مواد مسببة للسرطان.
ولعل الغريب في الأمر، أن التقرير الذي تم أرسالة إلى العديد من جهات صناعة القرار في مصر، لم يحرك ساكن مسئول، ومر مرور الكرام، مثل الحديث الذي لا ينقطع يوميا عن الاف الكوارث التي تتعلق بصحة المصريين.
في الوقت الذي امتد فيه الإهمال وترك قضية سلامة الغذاء على المشاع وعرضة لاى شيء، وأخرها كارثة عربات الفول التي تنتشر في كل شارع في مصر، والتي أكدت المعلومات "يقينا" استخدام الأغلبية العظمى من أصحابها لمادة كيماوية قاتلة تسمى "الإديتا" لاختصار وقت طهي الفول من 4 ساعات إلى 45 دقيقة، وتوفير نفقات أسطوانات الغاز، غير مبالين بما قد تسببه من كوارث صحية سريعة للاف الفقراء خلال مده قصيرة، أقلها الفشل الكلوي وتدمير الكبد
للأسف أن الواقع يقول، أن الحديث عن كوارث الغذاء في مصر، أصبح شبه متواصل ولا ينقطع، في ظل غياب تام للرقابة، وتصميم على الاحتكام إلى قوانين ضعيفة تم سنها منذ الستينات من القرن الماضي، لدرجة أن بعضها مازال يعاقب على غش الذي قد يؤدى إلى الإصابة المباشرة بالسرطانات، بغرامة لا تزيد عن الـ 50 جنيها.
في الوقت الذي مازالت فيه الحكومة تصر على ترك أجهزة الضبط "الغائبة" تعمل دون سلطات تمكنها ردع المتلاعبين بصحة الفقراء، مثلما فعلت كل الدول الخليج التي سنت قوانين، ومنحت صلاحيات لأجهزة الضبط، جعلت من صحة المواطن وسلامة الغذاء "خطا أحمر" لا يتجرأ أحد على الاقتراب منه.
أعتقد أن فوضى الغذاء في مصر وصلت إلى حد أصبح مجرد السكوت عليه "جريمة" وتتطلب تحرك سريع من الحكومة ومجلس النواب لاستبدال العقوبات التافهه التي جعلت من صحة الفقراء "تجارة" لدرجة وصلت إلى أنهم قدموا لنا "لحوم الكلاب والحمير والفئران" في صورة غذاء، دون أن يحرك ذلك ساكن لمسئول.
ولله الأمر من قبل ومن بعد