معهد واشنطن: إدارة ترامب تضغط على القاهرة لتبني سياساتها.. وقرار وقف المساعدات الأمريكية لمصر «مبهم»
السبت، 26 أغسطس 2017 11:36 ص
وصف معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، القرار الأمريكي بخصوص وقف المساعدات الاقتصادية إلى مصر، بـ«المبهم»، باعتبار أن العلاقات المصرية الأمريكية تشهد حالة من الدفء والتوافق السياسي.
في تحليل سياسي، نشره المركز للباحث إريك تراجر، زميل واجنر في معهد واشنطن، بعنوان: «قرار واشنطن المبهم بشأن المساعدات إلى مصر»، اعتبر الباحث، أن القرار الأمريكي كان بمثابة المفاجأة للقاهرة.
يقول إريك تراجر: «كان قرار واشنطن في 22 أغسطس بإرجاء أو إلغاء مساعدة تناهز قيمتها 300 مليون دولار إلى مصر بمثابة مفاجأة للقاهرة»، متابعًا أن الحكومة المصرية كانت تعتقد وجود توافق دافئ بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ونظيره المصري عبد الفتاح السيسي، وأن ذلك كان كافيًا لضمان علاقات ثنائية وطيدة تشمل المساعدات العسكرية الأمريكية بعد سنوات من عدم اليقين في ظل الإدارة الأمريكية السابقة.
ومع ذلك، تعكس التغييرات على مستوى المساعدات السياسات البيروقراطية والمحلية المعقدة التي تنطوي عليها السياسة الأمريكية تجاه مصر، والتي عجزت إدارة ترامب عن معالجتها في هذه الحالة، الأمر الذي أسفر عن نتيجة مربكة تتعارض على الفور مع الأولويات الأخرى للإدارة الأمريكية.
أوضح الباحث، أن القرار بوقف المساعدات تجاه القاهرة، يؤكد وجود صراعات داخل المؤسسة الأمريكية، حول ثلاث حزم منفصلة من المساعدات المقدمة لمصر، حيث تمّ إلغاء اثنين منها.
كان القرار الأول منها، تعيد الإدارة الأمريكية برمجة مساعدة عسكرية بقيمة 65.7 مليون دولار من السنة المالية 2014، وأوقف الكونجرس، تلك المساعدات بموجب قانون يسمى «ليهي»، بزعم أن الجيش المصري استخدم المعدات الأمريكية في عمليات سيناء التي أسفرت عن وقوع خسائر بشرية كبيرة.
يضيف الباحث: في أبريل 2016، أيّد تقرير مكتب المحاسبة الحكومي الأمريكي، بعنوان «على الحكومة الأمريكية تشديد مراقبة الاستخدام النهائي والتحقق من احترام حقوق الإنسان في مصر»، مخاوف الكونجرس بشأن غياب التدقيق الكافي في مدى احترام مصر لحقوق الإنسان قبل منحها مساعدات عسكرية أمريكية، ولذلك قررت إدارة ترامب أنها لن تكون قادرة على معالجة هذه المخاوف قبل نهاية سبتمبر، حين تنتهي عندئذ هذه المساعدات.
الحزمة الثانية، وفق كاتب المقال، بخصوص مساعدات اقتصادية بقيمة 30 مليون دولار من أجل معالجة أولويات إقليمية أخرى غير محددة حتى الآن، وتعكس هذه الخطوة المخاوف المستمرة داخل الحكومة الأمريكية والكونجرس فيما يتعلق بسجل مصر في مجال حقوق الإنسان.
وأكد كاتب المقال، أن الكونجرس الأمريكي، كثف من الضغط على الإدارة الأمريكية لوقف أي مساعدة اقتصادية، خاصة بعد إقرار الرئيس السيسي لقانون المنظمات غير الحكومية في مايو الماضي.
ورغم ذلك عملت الإدارة الأمريكية على تحقيق سيطرة مباشرة بشكل أكبر على الحزمة الثالثة، التي تنطوي على 15% من 1.3 مليار دولار من المساعدات العسكرية الأمريكية السنوية لمصر، ما يعادل 195 مليون دولار.
وأوضح الباحث، أن الكونجرس اشترط صرف هذه المساعدات من خلال قيام وزير الخارجية الأمريكي، بالتصديق على قيام مصر باتخاذ خطوات فعالة نحو تحقيق الديمقراطية وحقوق الإنسان، لكن إدارة ترامب تنازلت عن هذا الشرط المتعلق بالتصديق لأسباب تتعلق بالأمن القومي، وبالتالي حافظت على المساعدات المتاحة بدلا من ترك صلاحيتها تنتهي في 30 سبتمبر.
وتابع: لكي تتلافى الإدارة الأمريكية تلك الشروط، وضعت شروطًا جديدة لاستخدام تلك المساعدات، بحيث يتم إنفاذها من قبل وكالة التعاون الأمني الدفاعي، التي تدير المساعدات العسكرية الأمريكية، والتي يجب أن توافق على أي نفقات للمعونة إلى مصر.
وأكد الباحث، أن الشروط الأمريكية على الـ 195 مليون دولار مبهمة، حيث تحدثت عن ثلاث مجموعات من المخاوف لكنها عجزت عن تحديد ما إذا كان يجب تذليل بعضها أو جميعها، فهي قد حثت القاهرة على إظهار تقدم في قضايا المجتمع المدني، من خلال تحسين قانون المنظمات غير الحكومية الجديد أو حل محاكمة المنظمات غير الحكومية لعام 2013، التي استهدفت أربع منظمات غير حكومية تمولها الولايات المتحدة.
وقال الباحث، إن الإدارة الأمريكية تريد أن تتبنى القاهرة الجهود الأمريكية لإعادة تركيز التعاون العسكري على مكافحة الإرهاب، وأيضًا هناك أمور حساسة، فواشنطن تضغط على مصر للتوقف عن استضافة العمال الكوريين الشماليين، ووقف تقديم فوائد اقتصادية أو عسكرية لكوريا الشمالية، كما أكّد الرئيس ترامب، خلال مكالمته الهاتفية، مع الرئيس السيسي في 5 يوليو، وفق الكاتب.
واعتبر الباحث، أن طبيعة الشروط الأمريكية عشوائية، وتعكس حالة من الفوضى في عملية صنع السياسات، بدليل أن خفض المساعدات يأتي قبل أسابيع من الموعد المقرر لاستئناف الولايات المتحدة والقاهرة مناورات «النجم الساطع» المشتركة التي تجري مرة كل عامين، والتي أعيد تصميمها بناءً على حث واشنطن من أجل التركيز على مكافحة الإرهاب بعد توقّف دام أربع سنوات.