السويد تستضيف أسبوع المياه العالمي الأحد

الجمعة، 25 أغسطس 2017 07:23 م
السويد تستضيف أسبوع المياه العالمي الأحد
السويد

تبدأ بعد غد الأحد، بالعاصمة السويدية ستكهولم فاعليات أسبوع المياه العالمى ٢٠١٧، الذى ينظمه معهد ستوكهولم الدولى للمياه بصفة دورية سنوية فى هذا الوقت من كل عام منذ عام ١٩٩١ ، وتقام فاعليات الاسبوع فى هيئة مؤتمر عالمى ، وتستمر مناقشاته حتى الأول من شهر سبتمبر المقبل ، ويعقد هذا العام تحت شعار "المياه والنفايات : الحد وإعادة الاستخدام" ، وسيشارك فيه 3 الآف شخص يمثلون 130 دولة ، و 300 منظمة دولية هذا العام ، بالإضافة لروساء عدد من الدول ، وتشمل الموضوعات المطروحة للمناقشة والمدرجة على جدول أعماله عدد من الموضوعات الهامة المتعلقة بتوفير المياه فى ظل الشح المائى المتوقع عالميا مستقبلا ، ومن أبرز تلك الموضوعات سبل تنفيذ ورصد أهداف التنمية المستدامة ، والصرف الصحى والصحة المرتبطة بمياه الصرف الصحى ، والتمويل والإدارة المتكاملة للمياه الحضرية ، والأغذية المتصلة بالتغذية والمياه فيما يتعلق بالنزاعات والدول الهشة .

ويشكل المؤتمر محفلاً عالمياً لاستعراض التقدم المحرز فى مجال المياه ، وبناء القدرات وتعزيز الشراكات على مستوى العمليات الدولية المتصلة بالمياه والتنمية ، علاوة على أنه يعتبر منبراً فريداً لعرض ومناقشة القضايا المائية فى مناخ يتيح فرص التواصل العالمى بين المشاركين، وتسعى جميع الجهات المعنية بموارد المياه فى العالم للتنافس ضمن فعاليات هذا المنتدى.

وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن تجاوز سكان الأرض المليارات السبعة ، ورغم أن ثلثى كوكب الأرض من المياه ، فإن المياه العذبة الموجودة فى الكوكب لا تزيد نسبتها على 3 % ، أى أن 97 % من إجمالى المياه على الأرض عبارة عن مياه بحار ومحيطات مالحة غير صالحة للاستهلاك البشري.

ليس هذا فحسب ، فإن النسبة المتبقية من المياه العذبة ، أى نسبة 3 % ، لا يمكن الوصول إليها مباشرة ، ذلك أن ما نسبته 68 % من تلك المياه محتجزة على شكل جبال وأنهار جليدية ، و30 % عبارة عن مياه جوفية ، ويعنى ذلك أن 1 % فقط من المياه العذبة عبارة عن مياه سطحية ، وتشكل البحيرات ما نسبته 87 % من تلك المياه و11 % منها على شكل سبخات ومستنقعات ، فى حين أن 2 % فقط من تلك 1 % عبارة عن أنهار.

وفى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ، تعانى الدول العربية من شح للمياه ، وتكاد تستغل معظم ما لديها من مياه سطحية إلى جانب تلك التى يتم تحليتها بواسطة محطات تحلية المياه ، وكان تقرير منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "فاو" ، أكد تصنيف المنطقة العربية على أنها من أفقر المناطق مائياً على صعيد الكوكب حيث أن حصتها من المياه سنوياً لا تتجاوز دون 3% بقليل من المعدل العالمى العام.

وأشار التقرير إلى انخفاض حصة الفرد على صعيد الإقليم منذ عام 1960 إلى ما لا يتجاوز 600 متر مكعب سنوياً بعد أن كانت 3500 متر مكعب ، أى فيما أصبح يعتبر "فقر مائى مدقع" حسب التصنيفات الرسمية للأمم المتحدة ، ولأن التوقعات تشير إلى زيادة عدد السكان فى تلك المنطقة من 400 إلى 500 مليون نسمة بحلول عام 2050 ، فإنه من المؤكد استفحال مشكلة انخفاض نصيب الفرد من المياه العذبة ما لم تتخذ الإجراءات اللازمة بالسرعة الممكنة.

ويشير تقرير الأمم المتحدة عن تنمية المياه فى العالم لعام 2017 ، والصادر مؤخرا تحت عنوان "المياه المستخدمة : مورد غير مستغل" ، إلى أنه يمكن لمياه الصرف الصحى - بعد معالجتها - أن تثبت فعاليتها فى تلبية الطلب المتزايد على المياه العذبة والمواد الأولية الأخرى.

وذكر السيد غاى رايدر رئيس لجنة الأمم المتحدة المعنية بالموارد المائية ومدير عام منظمة العمل الدولية، أن المياه تعد أحد الموارد الحياتية الهامة ، ونظراً لأن مقدار المياه العذبة محدود حول العالم ، فى حين يتزايد الطلب عليها ، فإنه يمكن للجميع المساهمة فى بلوغ الهدف الإنمائى المعنى بتقليل كمية مياه الصرف الصحى غير المعالجة من جهة ، وزيادة معدل إعادة استخدام المياه الصالحة للشرب بحلول عام 2030 ، ويترتب هذا الأمر على الإدارة وإعادة التكرير الحريصتين للمياه المتدفقة فى المنازل والمصانع والمزارع والمدن.

ودعا رايدر ، الجميع إلى التقليل من الفضلات ، وأن نزيد من معدل معالجة مياه الصرف الصحى من أجل تلبية الحاجات المترتبة على تزايد عدد السكان وهشاشة النظم البيئية ، وبدورها أشارت إيرينا بوكوفا المديرة العامة لليونسكو ، فى تصديرها للتقرير ، يظهر تقرير تنمية المياه فى العالم لعام 2017 ، أن الإدارة الجيدة للمياه المستخدمة تعنى بتقليل التلوث فى المصدر وبإزالة الملوثات من مجارى مياه الصرف الصحى وإعادة استخدام المياه المعالجة واستخراج المواد الثانوية المفيدة ، وزيادة تقبل المجتمع لمبدأ استخدام هذه المياه ضرورى من أجل إحراز التقدم.

وذكر التقرير المخاوف البيئية وصحية ، حيث ما زال هناك نسبة كبيرة من مياه الصرف الصحى التى تلقى فى البيئة المحيطة دون جمعها ومعالجتها ، ونلاحظ هذه الظاهرة على وجه الخصوص فى البلدان منخفضة الدخل ، التى تعالج ما يقارب 8% من مياه الصرف الصحى الناتجة عن الاستخدام المنزلى والصناعى ، وذلك مقارنة ب 70% فى البلدان مرتفعة الدخل ، ونتيجة لذلك ، فإن مناطق عديدة فى العالم تلقى المياه الملوثة بالبكتيريا والنترات والفوسفات والمذيبات فى الأنهار والبحيرات لينتهى بها المطاف لاحقاً فى المحيطات ما يعود على البيئة والصحة العامة بآثار سلبية.

ومن المتوقع أن تزداد كمية مياه الصرف الصحى الواجب معالجتها على نحو ملحوظ فى المستقبل القريب لا سيما فى مدن العالم النامى والتى تشهد زيادة سكانية سريعة ، ووفقاً لمعدى التقرير ، تعد مشكلة مياه الصرف من أكبر التحديات المرتبطة بازدياد عدد التجمعات السكانية العشوائية (الأحياء الفقيرة) فى العالم النامى ، حيث أن مدينة مثل لاجوس فى نيجيريا تنتج 1.5 مليون متر مكعب من مياه الصرف الصحى يومياً ، وينتهى المطاف بمعظم هذه الكمية دون معالجة ويلقى بها فى بحيرة لاغوون فى لاجوس ، وإذا لم يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة فى أسرع وقت ممكن ، فمن المتوقع أن يتدهور هذا الوضع أكثر فأكثر نظراً إلى أنه من المتوقع أن يتجاوز عدد سكان المدينة 23 مليون نسمة بحلول عام 2020.

إن التلوث الناجم عن الجراثيم الموجودة فى الفضلات البشرية والحيوانية، يلحق الضرر بقرابة ثلث الأنهار فى أمريكا اللاتينية وآسيا وأفريقيا، ما يعرض حياة ملايين الأشخاص للخطر ، فعلى سبيل المثال ، شهد عام 2012 ، حوالى 842 ألف حالة وفاة فى البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل ، بسبب المياه الملوثة والخدمات الصحية غير الكافية ، كما أن التقصير فى معالجة المياه يساهم فى انتشار الأمراض الاستوائية مثل حمّى الضنك والكوليرا. كما أن المذيبات والهيدروكربونات الناتجة عن النشاطات الصناعية والتعدين ، بالإضافة إلى إنتاج المغذيات مثل النيتروجين والفسفور والبوتاسيوم من النشاطات الزراعية المكثفة يسرع تحمض المياه العذبة والأنظمة البيئية البحرية الساحلية واتخامها بالمغذيات ، ويقدر حجم الأنظمة البيئية البحرية المتأثرة بهذه الظاهرة بحوالى 245 ألف كيلو متر مربع أى ما يعادل حجم المملكة المتحدة ، وتصريف مياه الصرف الصحى بهذا الشكل يعزز انتشار الطحالب السامة ، ويساهم فى انخفاض معدل التنوع البيولوجي. وبالتالى فإن زيادة الوعى بوجود الملوثات مثل الهرمونات والمضادات الحيوية والمنشطات والمثبطات فى مياه الصرف الصحى تشكل جملة جديدة من التحديات حيث أن تأثير هذه المواد على البيئة والصحة غير واضح بشكل كامل بعد.

كما أن التلوث يقلل من وفرة إمدادات المياه العذبة التى تعتبر شحيحة بالفعل بسبب تغير المناخ ، وعلى الرغم من ذلك، يساور القلق معظم الحكومات وراسمى السياسات على وجه الخصوص بسبب التحديات المتعلقة بإمدادات المياه ولا سيما عندما تكون شحيحة ونادرة ، وبنفس الوقت نتغاضى عن الحاجة إلى إدارة المياه بعد استخدامها ، ومع ذلك ، فإن هاتين القضيتين مترابطتان من حيث المبدأ ، فإن جمع ومعالجة مياه الصرف الصحى واستخدامها السليم أساس للاقتصاد الدائرى والتنمية الاقتصادية المتوازنة والمنصفة مع استخدام مستدام للموارد ، وهكذا فإن هذه المياه تشكل موردا ًغير مستغل ، حيث يمكن أيضا إعادة استخدامها مرات عديدة.

وأضاف التقرير ، إلى أنه من المتعارف عليه أن المياه المستعملة تستخدم غالباً لأغراض الرى الزراعى ، كما هو الحال فى 50 بلداً حول العالم، أى ما يمثل قرابة 10% من الأراضى المروية ، ولكن ما زالت البيانات غير كاملة فى عديد من المناطق وعلى رأسها أفريقيا ، ولكن هذه الممارسة تثير بعض المخاوف الصحية لا سيما عندما تحتوى المياه على الجراثيم التى يمكن أن تلوث الجسم ، وبالتالى فإن التحدى يتمثل بالتحول من الرى العشوائى إلى الاستخدام المخطط والسليم كما هو الحال فى الأردن منذ عام 1977 حيث تستخدم 90% من المياه المستعملة لأغراض الري.

أما فى مجال الصناعة ، فإنه يمكن إعادة استخدام كميات كبيرة من المياه. فعلى سبيل المثال، يمكن استخدام هذه المياه لأغراض التدفئة والتبريد عوضاً عن تصريفها فى البيئة المحيطة ، ومن المتوقع أن يتضخم سوق معالجة المياه الناتجة عن قطاع الصناعة بنسبة 50 %. كما ويمكن للمياه المستعملة المساهمة فى زيادة إمدادات ماء الشرب ، ولكن هذه المسألة ما زالت ممارستها هامشية ، ومن المدن التى تستعمل المياه لهذا الغرض ، نذكر مدينة ويندهوك عاصمة ناميبيا، حيث تقوم بذلك منذ عام 1969. ولمواجهة النقص المتكرر بمياه الشرب ، قامت المدينة بإنشاء بنية تحتية لمعالجة ما يصل إلى 35% من المياه المستعملة والتى تستخدم لاحقاً فى استكمال مخزون مياه المشرب.

وجدير بالذكر أن سكان سنغافورة وكاليفورنيا (الولايات المتحدة) يشربون مياه مكررة ولم يصابوا بأذى. وقد تواجه هذه الممارسة رفضاً من الناس الذين قد تبدو لهم فكرة شرب أو استخدام مياه كانت ملوثة من قبل غير مطمئنة ، وبالتالى فإن نقص الدعم العام أدى إلى عدم نجاح مشروع إعادة استخدام المياه لأغراض الرى وتربية الأسماك فى مصر فى التسعينيات ، ويمكن لحملات التوعية المساعدة فى قبول الناس لهذا النوع من المشاريع من خلال الاستشهاد ببعض الأمثلة الناجحة مثل تجربة رواد الفضاء فى محطة الفضاء الدولية حيث يستخدمون نفس المياه المكررة منذ أكثر من 16 عاماً.

وكشف التقرير، إلى أن المياه المستخدمة والرواسب مصدر للمواد الخام، إلى جانب دور المياه المستخدمة فى توفير مصدر بديل وآمن لمياه الشرب ، فإنها توفر أيضاً مصدراً للمواد الخام ، وبفضل تطور تقنيات تكرير ومعالجة المياه ، يمكن الحصول على بعض المغذيات مثل الفسفور والنترات من مياه الصرف الصحى والرواسب وتحويلها إلى سماد. وإنه يمكن تلبية ما يقارب 22 % من الطلب العالمى على الفسفور الذى يعد مصدراً معدنياً محدوداً ومستنفداً ، من خلال معالجة الفضلات البشرية ، وقد قامت بعض البلدان بالفعل مثل سويسرا بسن قانون ينص على الاستخراج الإلزامى لبعض المغذيات مثل الفسفور. ويمكن استخدام المكونات العضوية الموجودة فى مياه الصرف الصحى فى إنتاج الغاز العضوى والتى قد تساعد فى تمكين مصانع معالجة المياه ، ومساعدتها على التحول من أبرز مستهلكى الطاقة لتصبح غير منتجة لغاز ثانى أكسيد الكربون بل منتجة للطاقة ، ففى اليابان، قررت الحكومة استخلاص 30% من الطاقة الحيوية من مياه الصرف الصحى بحلول عام 2020. وفى كل عام تنتج مدينة أوساكا 6500 طن من الوقود الصلب من قرابة 43 ألف طن من رواسب مياه الصرف الصحي.

ويجب ألا تكون هذه التقنيات بعيدة عن منال البلدان النامية حيث أنه هناك حلولا قليلة التكلفة لمعالجة المياه واستخراج الطاقة والمغذيات ، قد لا تكون هذه الحلول كافية بعد لمعالجتها لدرجة أن تصبح صالحة للشرب ولكنها كفيلة على الأقل بتوفير مياه نقية ومستدامة لاستخدامات أخرى مثل الري. كما أن مبيعات المواد الخام المستخرجة من مياه الصرف الصحى قد تقدم مصدر دخل إضافى من شأنه تغطية تكاليف الاستثمار والتكاليف التشغيلية لمعالجة مياه الصرف الصحي.

ويقدر عدد السكان الذين لا يمتلكون مرافق صحية متطورة اليوم بحوالى 2.4 مليار نسمة. وبالتالى فإن التقليل من هذا الرقم وذلك تماشياً مع الهدف الإنمائى السادس المعنى بضمان توافر المياه وخدمات الصرف الصحى فى خطة عام 2030 للأمم المتحدة، ويتطلب تصريف كميات أكبر من مياه الصرف الصحى ما سيتطلب معالجتها بأسعار مقبولة. وجدير بالذكر أنه تم تحقيق بعض التقدم فى هذا المجال. ففى أمريكا اللاتينية مثلا، تضاعفت جهود معالجة مياه الصرف الصحى منذ أواخر التسعينيات وتغطى ما يتراوح بين 20% و30% من مياه الصرف الصحى التى تجمع فى شبكات الصرف الصحى فى المدن، ولكن ذلك يعنى أيضاً أن حوالى 70% إلى 80 % من هذه المياه تبقى بدون معالجة ، وبالتالى فإنه ما زال هناك المزيد من العمل بهذا الخصوص. وسيجرى اتخاذ خطوة ضرورية بهذا الخصوص مع انتشار الوعى بقيمة الاستخدام السليم للمياه المعالجة وما ينتج عنها كبديل عن المياه العذبة.

فى الوقت نفسه ، كشفت دراسة إلى النظر فى التهديد المتزايد لصحة الناس من تناول الخضروات التى تم رويها بمياه الصرف الصحى غير المعالجة وذلك قبل أيام من انعقاد الأسبوع العالمى للمياه فى مدينة ستوكهولم . وذكرت الدراسة إلى إن كمية الأراضى الزراعية المروية بمياه الصرف الصحى غير المعالجة أكبر بكثير مما كان يعتقد سابقا. حيث تشير نتائج دراسة نشرت فى رسائل البحوث البيئية إلى الآثار الخطيرة على صحة سكان المدن فى البلدان النامية. واستخدمت الدراسة طرق النموذج القائمة على نظم المعلومات الجغرافية لتطوير أول تقدير مكانى صريح للمدى العالمى للأراضى الزراعية المروية المتأثرة بتدفقات المياه المستعملة الحضرية، بما فى ذلك استخدام المياه المستعملة المباشرة وغير المباشرة.

ووجدت الدراسة أن المنطقة المتضررة من المياه المستعملة غير المعالجة تبلغ حوالى 30 مليون هكتار، أى بزيادة قدرها 50 % عن التقديرات السابقة. كما وجدت الدراسة أيضا أن 65 % من الأراضى الزراعية المروية فى المصب تقع على بعد 40 كيلومترا من المناطق الحضرية، مع ارتفاع مستويات الاعتماد على تدفقات المياه المستعملة ، وكانت معظم هذه الأراضى الزراعية فى حوالى 70 بلدا مع مستويات منخفضة من معالجة مياه الصرف الصحي، مما يعرض 885 مليون مستهلك فى المناطق الحضرية ، فضلا عن المزارعين وبائعى الأغذية لمخاطر صحية خطيرة. وتعد هذه البلدان الخمسة وهى الصين والهند وباكستان والمكسيك وإيران هى المسؤولة عن معظم هذه الأراضى الزراعية.

وتوفر هذه الأرقام نظرة ثاقبة للدور الرئيسى الذى تلعبه المياه المستعملة فى تلبية احتياجات المياه والغذاء للسكان فى جميع أنحاء العالم، فضلا عن الحاجة إلى الاستثمار فى كل من معالجة مياه الصرف الصحى وفى ممارسات أكثر أمانا لحماية البيئة والصحة العامة. وأشار باى دريشسيل وهو باحث من المعهد الدولى لإدارة المياه ، إلى أننا لم ننظر إلى مياه الصرف الصحى فحسب، بل نظرنا إلى مياه الصرف الصحى التى تدخل الأنهار والجداول، حيث يتم تخفيفها إلى حد ما ولكنها لا تزال خطيرة بشكل كبير عندما يتعلق الأمر بحقول المزارعين.

وأضاف باى دريشسيل ، أنه يمكن الحد من المخاطر الصحية التى يتعرض لها المستهلكون من خلال الرى الأكثر أمانا وزيادة النظافة فى الأسواق. كما يمكن للناس أن يغسلوا الخضروات بشكل فعال حتى يتمكنوا من التخلص من معظم المواد المسببة للأمراض، ولكن فى البلدان التى تشتد الحاجة إليها، لا يوجد وعى بالمخاطر ، فلا يعرف الناس شيئا عن البكتيريا ، إن مياه الصرف الصحي، إذا تمت معالجتها بشكل صحيح، هى فرصة عظيمة، ولكننا بحاجة إلى إيجاد طرق لاستخدامها دون المخاطرة بسلامة الأغذية.

وتقول السيدة بيرغوى لاميزانا خبيرة فى إدارة موارد المياه فى الأمم المتحدة للبيئة، إلى أن المياه المستعملة تعد من بين الأصول التى يمكن استغلالها إذا توفرت السياسات الصحيحة والتكنولوجيات والحوافز المالية ، ولكن فى الوقت نفسه، يجب زيادة الوعى بين أولئك الذين يتعاملون مع إعادة استخدام مياه الصرف الصحى لمنع الإصابة بالأمراض وتحقيق أقصى قدر من المنافع ، وأضافت أن تصريف المياه المستعملة يؤثر بشكل كبير على الناس والمسطحات المائية. ونحن نضع تقديرات للتلوث الشديد الذى يسبب الإصابة بالأمراض- التى تعزى أساسا إلى نقص العلاج الصحى - ويمكن العثور عليه فى ثلث الأنهار الواقعة فى البلدان النامية، مما يؤدى إلى آثار مباشرة تؤثر على الصحة.

ويتطلب الهدف 3.6 من أهداف التنمية المستدامة تخفيض نسبة المياه العادمة غير المعاجلة عالميا إلى النصف بحلول عام 2030. ولتحقيق ذلك، يجب على البلدان منخفضة الدخل والبلدان ذات الدخل المتوسط المنخفض أن تحقق تخفيضات أعلى فى المياه العادمة غير المعاجلة مقارنة بالبلدان ذات الدخل المرتفع، والبلدان ذات الدخل المتوسط الأعلى ، وبافتراض تحقيق الهدف الـ 6 من أهداف التنمية المستدامة فى عام 2030، سيظل هناك 15 % من المياه العادمة غير المعالجة فى بلدان شرق آسيا ، و31 % فى بلدان أمريكا الوسطى والبحر المتوسط ، و36 % فى البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، و46 % فى البلدان المنخفضة الدخل ، ويشير هذا المسار إلى أن رؤية عالم خال من مياه الصرف الصحى غير المعالجة قد يستغرق فترات أطول ، وما يصاحب ذلك من أضرار بالبيئة والصحة وآثار على التنمية المستدامة.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق