سليل البشاوات الأديب المعدم الجندي الفائز بـ«نوبل».. خمن من هو؟

الثلاثاء، 22 أغسطس 2017 04:00 م
سليل البشاوات الأديب المعدم الجندي الفائز بـ«نوبل».. خمن من هو؟
جائزة نوبل للآداب
بلال رمضان

نشأ لأسرة من رجال القانون والمال، وعلمه والده منذ نعومة أظفاره كيف يكون الأديب بناء ومبدعًا، وقرأ رواية «الحرب والسلام» للكاتب الروسي ليو تولستوي، وخاض بداية مشواره الأدبي ليحصل عام 1937 على جائزة نوبل للآداب.

روجه مارتين دو غار

روجه مارتين دو غار أبرز الروائيين الفرنسيين

هو الكاتب الفرنسي روجه مارتين دو غار، الذي تمر اليوم، الثلاثاء، الذكرى الـ59 على رحيله (23 مارس 1881 – 22 أغسطس 1958)، ويعد روجه من أبرز الروائيين الفرنسيين المحدثين.

دور والد روجه مارتين دو غار في حياته الأدبية

ولد روجه مارتين دو غار في نويي قرب العاصمة الفرنسية، وتوفي في بيليم في منطقة النورماندي، وهو سليل أسرة من رجال القانون والمال. ظهرت موهبته الأدبية منذ طفولته فعهده والده إلى الأستاذ لويس ميليريو عام 1896 الذي علمه كيف يكون الكاتب بناءً ومبدعاً. ولم يوفق بعد الثانوية في الحصول على إجازة في الآداب، فدخل مدرسة شارت ودرس علم قراءة الكتابات القديمة وتخرج عام 1905 مكتسباً المنهجية العلمية والمعرفة.

رواية الحرب والسلام للكاتب ليو تولستوي
 

قرأ روجه مارتين دو غار رواية «الحرب والسلام» للكاتب الروسي ليو تولتسوي، فنمت ميوله نحو كتابة الرواية، فشرع بعد زواجه عام 1906 في كتابة «حياة قديس»، سيرة ذاتية لم ينجزها؛ مما أثار مخاوفه من اضطرابات عصبية، وشكوكه في ملكته الفكرية فلجأ إلى استشارات طبية. وعندما اطمأن إلى وضعه كتب - من دون تنقيح - «الصيرورة» فتفتحت قريحته وقرر أن يعيش في الأرياف، عل الطبيعة الخلابة تزيده إبداعاً. وكتب روايته «جان باروا» وأيضاً مسرحية هزلية في إطار ريفي بعنوان «وصية الأب لولو».

كان مارتان دي غار يحب المسرح فاعتمد أسلوبه في وضع لقطات ومشاهد يربطها حوار، وعندما وجد تحفظاً لدى القراء عدل عن الاقتداء بالنص المسرحي.

«آل تيبو» رائعة روجه مارتين دو غار

تفرغ بعد عودته من الحرب العالمية الأولى – حيث كان قيماً عسكرياً عام 1920- لوضع تصور كامل لرائعته «آل تيبو» وهي رواية من ثمانية أجزاء شبهت بالنهر بتعرجاته، إذ تتقاطع فيها شخصيات وطبائع مختلفة في لوحة عن البرجوازية الفرنسية في نهاية القرن التاسع عشر، مع تحليل لمصيرها على المستويين الجماعي والفردي.

استغرقت كتابة الرواية ما يزيد على خمسة عشر عاماً (1920- 1937)، وهي تحكي قصة شقيقين مختلفين طباعاً وخُلقاً. ويطرح الكاتب موضوع الارتداد الوراثي وما يخلّفه من طبائع. فأنطوان الشقيق الأكبر الذي ورث من والده الحزم والاستقامة والكبرياء طبيب مناوب في إحدى المستشفيات، أما جاك فكان متمرداً، طائشاً ومتهوراً إلى درجة الهروب - وهو في الرابعة عشرة - من المنزل مع صديق له، فوقع في سجن إصلاح والده الذي لم يرحمه على الرغم من توسّل أنطوان للصفح عنه.

ويمضي زمنٌ ويزداد الطبيب ألقاً وشهرة وينساق جاك خلف أهوائه ويعيش قصة حب ويتطوع في الحركة الثورية، ثم يُقتل بتهمة التجسس. ومن المشاهد المؤثرة في الرواية لحظة احتضار الوالد وإسراع الشقيقين في أداء واجبهما ومراسم الجنازة لكثرة مشاغلهما.

وكذلك مشهد أنطوان في وقفة مع الذات مستخلصاً أن ذاك الإنسان الذي كان قابعاً في داخله مات منذ أن زاول مهنته، فتفكيره محاصر داخل إطار عمله. وكان الكاتب قد وصفه في أحد المشاهد عندما جاءه إلى عتبة عيادته صبيّان يستصرخه أحدهما لمساعدة شقيقه الذي يشكو خُرّاجاً، فكان ردّه للوهلة الأولى «من أرسلكما؟، ولماذا لا تتوجهان إلى مستوصف الإحسان القريب؟». وتردد أنطوان وتلعثم قبل تقديم المعالجة الضرورية. وقد أراد الكاتب أن يقول إن استقامة أنطوان زادت شخصه فقط شهرة ومنفعة، أما فعل الخير والإحسان فكان

بعيداً جداً عن تفكيره. وشخصية الكاتب غائبة لا حضور لها في الحبكة الروائية، فتأثره بالمذهب الطبيعي وصداقته المتينة التي ربطته بأندريه جيد[ر] كان لهما دور كبير في أسلوب كتابته، فهو يهدف إلى قول الحقيقة واصفاً الواقع الاجتماعي بين عامي 1920- 1940، ويطرح مسائل شغلت تفكير جيل بكامله، مثل العدالة وتعارض المشاعر والمصالح والقدر وسرّ الموت.

كان مارتان دي غار دقيقاً في وصفه علمياً في أسلوبه لايترك شيئاً للمصادفة. وكانت شخصياته وطريقة تفكيرها تتقدم على التقانات الروائية، فهدف الكلمة هو الإظهار لا الظهور وبالتالي تخلو كتاباته من الصور المجازية. وعندما أنهى الجزء الأخير من روايته مُنح جائزة نوبل للأدب عام 1937.

عندئذٍ خرج من عزلته وسافر إلى السويد والدنمارك وألمانيا والنمسا ووصل في سفرياته إلى جزر الأنتيل ومنها المارتينيك.

ومن مؤلفات مارتان دي غار أيضاً أقـصوصة «بوحٌ إفريقي» ودراما من ثـلاثة فصول «الصموت» كما جمع صوراً ريفية تحت عنوان «فرنسا القديمة» لم يشهد مارتان دي غار لحظة هدوء أو سكينة في حياته، فقد كان من ذوي الفكر اللاغُنوصي أو اللاأدري، يؤلمه عدم قدرة العقل على المعرفة، ويفكر دائماً في اعتداد البشرية بنفسها وبحتمية زوالها. دفعه هاجسه لقول الحقيقة إلى كتابة سيرته الذاتية والأدبية وما تخللهما من صعوبات وثغرات بوضوح وتواضع لا نظير لهما، وقدمها بنفسه إلى دار نشر البلياد عام 1955 قبل وفاته بثلاث سنوات.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق