دراسة أثرية: حكام مصر خصصوا أوقافا لكسوة الكعبة المشرفة حتى عام 1962
الثلاثاء، 22 أغسطس 2017 02:30 م
أكدت دراسة أثرية للدكتورة منى عبد المهيمن مفتشة آثار بالإدارة العامة لشئون مناطق الوجه البحرى وسيناء بوزارة الآثار أن كسوة الكعبة كانت شرفا تولته مصر حتى عام 1962، موضحة أن السلاطين والملوك عنوا بصناعة كسوة الكعبة المشرفة والعمل علي إرسالها كل عام إلى الحرمين الشريفين وخصصوا أوقافا مصرية لهذا الغرض.
وقالت الدكتورة مني، اليوم الثلاثاء، إنه فى عهد الخليفة العزيز بالله الفاطمى (365هـ / 975م) كسيت الكعبة المعظمة بكسوة بيضاء اللون، وفى عهد الحاكم بأمر الله (386هـ / 996م) كسيت الكعبة بالقباطى البيض، وفى العصر المملوكى حرص سلاطين المماليك على إرسال كسوة الكعبة سنويا وكانت تتضمن مقام سيدنا إبراهيم عليه السلام وأيضا لوقوعه بجوار الكعبة وستر ضريح الرسول (صل الله عليه وسلم)، وكانت تصنع من الحرير المذهب النفيس".
وأضافت أن كسوة الكعبة المشرفة فى العصر المملوكى كانت من حرير أطلس، سوداء حالكة شعار العباسيين ومبطنة بالكتان، وكان يكتب عليها آيات الحج مطرزة بكتابة بيضاء فى النسيج ذاته وفى أعلاها مكتوب بالتطريز اسم السلطان ثم تحولت الكتابات إلى اللون الذهبى منذ عصر السلطان الظاهر فرج بن برقوق وحتى الآن.
ومن جانبه، عرض الدكتور عبدالرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بوجه بحرى وسيناء بالوزارة معالم هذه الدراسة المهمة، مشيرا إلى أن الكسوة كانت تصنع فى دار الطراز بالإسكندرية وعند مشهد الإمام الحسين (رضى الله عنه) بالقاهرة أيضا، وكان لها إدارة خاصة لصنعها تسمى (نظارة الكسوة) ويشرف عليها ناظر الكسوة.
وقال "إن أول من كساها من ملوك مصر بعد زوال الدولة العباسية هو الظاهر بيبرس عام (661هـ / 1262م) حيث كسى الكعبة وسير قافلة الحج من البر عن طريق سيناء بدلا من صحراء عيذاب، وظل السلاطين من بعده يرسلون الكسوة، حيث كان سلاطين المماليك يرون أن هذا شرف لا يجب أن ينازعهم فيه أحد حتى لو وصل الأمر إلى القتال، لافتا إلى أنه كانت ثمة محاولات لنيل شرف كسوة الكعبة من قبل اليمن وفارس والعراق ولكن سلاطين المماليك لم يسمحوا لأحد أن ينازعهم فى ذلك".
وأضاف ريحان أن الملك الصالح إسماعيل بن الملك الناصر محمد بن قلاون أوقف فى عام 751هـ وقفا خاصا لكسوة الكعبة الخارجية مرة كل سنة، وهذا الوقف كان عبارة عن ضيعة تسمى (بيسوس)، وهى الآن عبارة عن ثلاث قرى (أبيسوس، وسندبيس، وأبو الغيث) بمحافظة القليوبية، وكان يتحصل من هذا الوقف على 8900 درهم سنويا، واستمر كذلك حتى أضاف السلطان سليمان القانونى فى عهده 7 قرى أخرى حتى تفى بإلتزامات كسوة الكعبة المشرفة، مؤكدا أن سلاطين دولة المماليك استمروا فى إرسال الكسوة كل عام بشكل أكثر تنظيما حتى آخر سلاطينها طومان باى عام (922هـ / 1516م).
ولفت إلي أن ملك الدولة التيمورية شاه رخ بن تيمورلنك طلب عام (834هـ / 1430-1431م) أن يسمح له السلطان برسباى بكسوة الكعبة فرفض على أساس أن امتياز تقديم الكسوة يعود منذ القدم لحكام مصر الذين أقاموا أوقافًا خاصة لهذا الغرض وكذلك حرصت الدولة العثمانية على إرسال المحمل والكسوة كل عام وكذلك قوافل الحج، حيث كانت تشرف على أربعة قوافل حج رئيسية هى قافلة الحج الشامى وتضم حجاج بلاد الشام والجزيرة وكردستان وأذربيجان والقوقاز والقرم والأناضول والبلقان وحجاج أسطنبول نفسها، وكان عدد أفرادها يتراوح ما بين 30 ألفا و35 ألفا، وقافلة الحج المصرى وتضم حجيج مصر وشمالى أفريقيا، وقافلة الحج العراقى وتضم حجاج العراق وفارس، وقافلة الحج اليمنى وتضم حجيج اليمن والهند وماليزيا وأندونسيا وغيرها.
وأشار إلى توقف إرسال الكسوة مؤقتا فى عهد محمد على باشا بعد صدام سياسى مع الوهابية فى عام 1222هـ / 1807م ثم عادت مرة أخرى عام 1228هـ، وقد أسست دار لصناعة الكسوة بشارع (الخرنفش) بحى الجمالية بالقاهرة عام 1233هـ / 1812م مازالت قائمة حتى الآن واستمر العمل بها حتي عام 1962، إذ توقفت مصر عن إرسال كسوة الكعبة المشرفة لما تولت المملكة العربية السعودية شرف صناعتها.