ننشر فصلاً من رواية «مشروع روزي» لـ جرايم سيمسيون
الأحد، 20 أغسطس 2017 08:00 ص
ينشر موقع «صوت الأمة» فصلاً من رواية «مشروع روزي» للكاتب جرايم سيمسيون، والصادرة عن دار العربي للنشر، في القاهرة، ونقلها إلى اللغة العربية المترجم محمد عثمان خليفة.
فصل من رواية مشروع روزي لـ جرايم سيمسيون
بعد نحو ساعتين من مغادرة "جين" مكتبي ومعه الاستبيانات المكتملة لمشروع الزوجة، سمعتُ من يطرق الباب. كنت أعاير مقالات الطلبة بميزان دقيق، وهو نشاط ليس محظورًا، ولكن هذا الشك الذي لديَّ نتيجة أن أحدًا لا يعلم أنني أقوم بذلك. فهو جزء من مشروع غرضه تقليل مجهودات التقييم، من خلال البحث عن عمليات سهلة القياس مثل إدراج جدول المحتويات، أو الغلاف المكتوب بخط اليد في مقابل المطبوع بالكمبيوتر، وعوامل يمكن أن تعتبر مؤشرًا معتبرًا على جودة العمل ككل، بدلًا من خوض تلك المهمة المملة وقراءة العمل بأكمله.
وضعتُ الميزان أسفل مكتبي، والباب ينفتح. نظرت ناحيته لأجد سيدة لا أعرفها واقفة عنده. قدَّرت أن عمرها ثلاثون، ومؤشر كتلة جسدها عشرون.
- بروفيسور "تيلمان"؟
سؤال ساذج بالتأكيد، فاسمي معلق على باب المكتب.
- أيوة.
- بروفيسور "بارو" طلب مني إني أقابلك.
لقد دُهشت من كفاءة "جين"، ونظرت إلى السيدة بعناية أكثر وهي تقترب من مكتبي. لم تكن هناك علامات واضحة على عدم ملاءمتها. ولم أتبين أي ماكياج. قوامها ولون بشرتها يتسقان مع صحتها ولياقتها البدنية. كانت ترتدي نظارة إطارها سميك جدًّا، أعاد لي ذكرياتي السيئة مع سيدة آيس كريم المشمش، وتي شيرت أسود طويل ممزق في عدة أماكن، وحزام أسود له سلاسل معدنية. من حسن الحظ أن سؤال المجوهرات قد حُذف، لأنها كانت ترتدي أقراطًا معدنية كبيرة وقلادة مثيرة حول عنقها.
وعلى الرغم من أنني عادة لا ألقي بالًا للملابس، فإن ملابسها بدت متناقضة مع توقعاتي لما ترتديه أي أكاديمية ذات درجة عالية من الكفاءة أو المهنية في الصيف. فلم يسعني سوى أن أخمِّن أنها تعمل لحسابها الخاص أو أنها في إجازة، وتحررت من قواعد العمل، واختارت ملابسها بشكل عشوائي. هذا تخمين يريحني.
مر وقت ليس بقصير من الصمت، فأدركت أنه لا بد دوري أنا للكلام. نظرت إليها وأنا أتذكر تعليمات "جين".
- إيه رأيك نتعشى سوا الليلة؟
بدت مندهشة من طلبي:
- آه.. طبعًا. إيه رأيك نعمل العشا؟ إيه رأيك في "لو جافروش" والحساب عليك؟
- ممتاز. يبقى أحجز على الساعة 8 بليل.
- بتهزَّر أكيد.
رد غريب. ما الذي يدفعني إلى المزاح مع شخص بالكاد أعرفه؟
- بتكلم جد. الساعة 8 بليل الليلة دي مش مناسب؟
- خليني أفهم أكتر. أنت عازمني على العشا الليلة في "لو جافروش"؟
عندما أضفت هذا الرد إلى سؤالها في البداية عن اسمي، بدأت أعتقد أن هذه المرأة كانت من النوع الذي يسميه "جين" "أداة صدئة". فكرتُ في أن أتخلص من هذه الورطة، أو على الأقل المماطلة حتى أتمكن من التحقق من استمارة استبيانها، ولكنني لم أتوصل إلى أي وسيلة مقبولة اجتماعيًّا للقيام بذلك، وهكذا أكدتُ لها فحسب أنها فسَّرتْ عرضي على نحو صحيح. وعندئذٍ، دارت على عقبيها وانصرفت. لحظتها أدركت أنني نسيت أن أسألها عن اسمها.
بادرت بالاتصال بـ"جين". وظهرت الحيرة على صوته في البداية، أعقبتها بهجة. ربما لم يكن يتوقع أن أتعامل مع هذه المرشحة بهذه الدرجة من الكفاءة.
- اسمها "روزي". ودا كل اللي لازم تعرفه عنها حاليًا. عيش حياتك معاها. وافتكر قلت لك إيه عن الجنس.
من سوء حظي أن "جين" رفض تزويدي بمزيد من التفاصيل عنها؛ لأن هناك مشكلة ظهرت. فقد عرفت أن "لو جافروش" ليس لديه ترابيزة متاحة في ذلك التوقيت الذي اتفقنا عليه. حاولت أن أعثر على ملف "روزي" على جهاز الكمبيوتر، ولحظتها أدركت أهمية الصور. فالسيدة التي جاءت إلى مكتبي لا تبدو مثل صورة أي مرشحة يبدأ اسمها بحرف الراء. فلا بد أنها واحدة من الاستمارات الورقية إذن. عرفت أن "جين" غادر مكتبه، وأن موبايله مغلق.
اضطررت إلى اتخاذ إجراء غير مشروع، ولكنه أخلاقي بلا شك. وقد بررته على أساس أنه سيكون من غير الأخلاقي ألا أفي بالتزامي مع "روزي". كنت قد وجدت أن نظام الحجز الإلكتروني في "لو جافروش" عبر الإنترنت يحتوي على قسم لكبار الشخصيات، وهكذا قمت بالحجز باسم العميدة بعد تسجيل الدخول في الموقع باستخدام برنامج قرصنة غير متطور نسبيًّا.
***
وصلت إلى المطعم في الساعة 7:59 مساءً. المطعم في فندق كبير. وهكذا ربطت دراجتي بالسلسلة في ممر المدخل، حيث كانت السماء تمطر بشدة في الخارج. ولحسن الحظ أن الجو لم يكن باردًا، وأن سترتي "الجورتكس" تحميني بدرجة ممتازة. حتى إن الـ"تي شيرت" أسفلها لم يبتل.
اقترب مني أحد العاملين. وأشار إلى الدرَّاجة، ولكنني بادرته قبل أن يجد فرصة للاحتجاج:
- اسمي بروفيسور "لورانس" وأنا اتعاملت مع نظام الحجز الخاص بيكم الساعة 5:11 بليل.
يبدو أنه لا يعرف العميدة، أو ربما اعتقد أنني بروفيسور "لورانس" آخر، لأنه اكتفى بإلقاء نظرة على الدفتر الذي يحمله. أعجبتني كفاءتي، فعلى الرغم من أن الساعة قد أصبحت 8:01 مساءً، ولكن "روزي" لم تكن قد حضرت بعد. ربما هي من النوع (ب) الذي يحضر مبكرًا قليلًا، ولذلك فهي بالداخل فعلًا.
ولكن في تلك اللحظة ظهرت مشكلة.
- متأسِّف يا فندم، بس المكان له قواعد خاصة في نوعية اللبس. "دريس كود".
أعرف هذا. كان مكتوبًا بالبنط العريض في الموقع: "على السادة ارتداء سترة".
- مفيش بدلة، مفيش أكل، صح؟
- تقريبًا كده يا فندم.
ماذا يمكنني أن أقول عن هذا النوع من الشروط؟ كنت على استعداد لارتداء سترتي طوال وجودي داخل المطعم. فالمفترض أن المطعم مكيف الهواء على درجة حرارة متوافقة مع هذا الشرط.
هكذا أخذت طريقي نحو داخل المطعم، ولكن المسؤول وقف في طريقي:
- متأسِّف، واضح إن كلامي مكنش واصل لحضرتك. لازم بدلة.
- بس أنا لابس بدلة فعلًا.
- أقصد بدلة "فورمال" أكتر شوية يا فندم.
أشار المسؤول على سترته كمثال. وأنا من جانبي، ودفاعًا عمَّا سأحكيه لك مما جرى بعد ذلك، أستعين بمعجم "أكسفورد" للغة الإنجليزية (المختصر، الطبعة الثانية) في تعريف كلمة jacket: (1) لباس خارجي للنصف العلوي من الجسد.
أنوه أيضًا إلى أن هذه الكلمة مطبوعة في التيكت الذي تم تخييطه في السترة من الداخل وبه تعليمات أخرى، فهي سترة "جورتكس" جديدة نسبيًا ونظيفة تمامًا. ولكن يبدو أن تعريفه هو لكلمة سترة مقتصر على ذلك النوع الرسمي البحت.
- شرف لينا إن حضرتك تأجر بدلة من عندنا يا فندم بنفس الستايل ده.
- عندكم ستوك بِدَل؟ بكل المقاسات؟
لم أضف أن وجود مثل هذا المخزون من السترات دليل كافٍ على فشلهم في تعريف ضيوف المكان بمفهومهم الخاص عن شكل السترة، وأن الكفاءة تكمن في تحسين صياغتهم اللغوية لهذه القاعدة أو التخلي عنها من الأصل. كما لم أذكر له أنهم لا بد سيضيفون تكلفة شراء سترة وتنظيفها على الفواتير التي يدفعها الزبائن مقابل وجباتهم. فهل يعلم زبون المكان أنه يشارك في تحمل تكاليف مخزن السترات هذا؟
- معنديش خلفية عن الموضوع، يا فندم. بس أوعدك هحاول أخلي حضرتك تلاقي بدلة مناسبة.
غني عن القول إنني لم أكن مرتاحًا لفكرة أن أرتدي ملابس يختارها لي غيري، ولا أثق في مستوى نظافتها. وبقيت لبضع دقائق مستغرقًا في لا منطقية هذا الموقف. كنت متوترًا بالفعل، وأنا أستعد لثاني لقاء مع امرأة ربما تكون شريكة حياتي. والآن أجد هذه المؤسسة التي سأدفع لها مقابل أن تزودنا بوجبة طعام – مزود الخدمة الذي من المحتم أن يقوم بأي شيء ممكن حتى أكون مرتاحًا – تضيف المزيد من العوائق التعسفية في طريقي. وسترتي "الجورتكس"، هذه القماشة عالية التقنية والتي حمتني دومًا في المطر والعواصف الثلجية، صارت في موضع مقارنة غير عادلة وغير موضوعية مع سترة صوفية شكلية وحسب. أنا دفعت 1015 دولار ثمنًا لها، شاملة 120 دولار لاختيار درجة اللون الأصفر التي أريدها. أنا من حددت ملامح سترتي.
- بدلتي أحسن من بدلتك في كل حاجة. دي ضد المية، ولونها قوي حتى في الضوء الخفيف، ومريحة في تخزينها.
فتحت سوستة السترة حتى أريه الجيوب الداخلية، وأنا أردف:
- وبتنشف بسرعة، وضد بقع الأكل، وليها غطا عالراس و...
لم يتغير تعبير وجهه الجامد، حتى بعد أن ارتفعت نبرة صوتي.
- متانة فظيعة...
حتى أثبت له كلامي، أمسكت بتيكت السترة التي أحضرها المسؤول لي. من الواضح أنني لم أكن أنوي تمزيقها، ولكن هناك من بادر بجذبي من الخلف، وحاول أن يلقي بي على الأرض. وغريزيًّا، دافعت عن نفسي بتسديد لكمة محدودة، حتى أبعده عني من دون أن تقع نظارتي. ولكن مصطلح "لكمة محدودة" ينطبق على لاعب الفنون القتالية الذي يعرف كيف يقع. أما هذا الشخص فلا يعرف، وبالتالي سقط على الأرض بكل قوة.
استدرت لألقي عليه نظرة – وجدته ضخم الجثة، وغاضبًا. ومنعًا لمزيد من العنف، لجأت للجلوس فوقه.
- ابعد عني.. أنا هقتلك.
على هذا الأساس، كان من المنطقي ألا أوافق على طلبه. وفي تلك اللحظة، حضر رجل آخر، وحاول أن يجرني. كنت قلقًا من أن يبدأ الفتوة رقم واحد في تنفيذ وعيده، فلم يكن لي خيار سوى أن أبطل مفعول الفتوة رقم اثنين أيضًا. لم يتأذَ أحد بمعنى الكلمة، ولكنه كان موقفًا اجتماعيًّا غريب للغاية، وشعرت أن عقلي ينغلق.
ومن حسن حظي أن حضرت "روزي".
- "روزي"!
بادرها رجل السترة بنبرة دهشة واضحة.
واضح أنه يعرفها. نظرت له ثم لي:
- بروفيسور "تيلمان" – "دون"... إيه اللي بيحصل؟
- اتأخرتي. فيه مشكلة اجتماعية هنا.
سألها رجل السترة:
- تعرفيه؟
- أنت شايف إيه؟ يعني خمنت اسمه؟!
كانت نبرة صوتها متحفزة، وقلت لنفسي إن هذا ليس مناسبًا. مؤكد أن من الأفضل أن نعتذر وننصرف. فمن غير الممكن أن ندخل المطعم ونأكل فيه بعد كل ما جرى.
تجمَّع حولنا بعض الناس، وتوقعت حضور فتوة جديد، ففكرت في طريقة تجعلني أحرر إحدى يديَّ الممسكتين بالفتوتين الآخرين. وفي أثناء محاولتي ذلك، وجه أحدهما لكمة ولكنها استقرت في عين الآخر، فجن جنونهما بدرجة واضحة. وعلَّق رجل السترة على المشهد:
- ده ضرب "جيسون".
ولكن "روزي" سخرت منه:
- معاك حق. مسكين يا "جيسون". دايمًا الضحية.
كانت ترتدي فستانًا أسود من دون رسوم أو زركشة، وحذاءً ثقيلًا أسود له نعل عريض، وكثير من الإكسسوارات الفضية في ذراعيها. شعرها الأحمر مصفف على الطريقة السبايكي، فكأنها نوع جديد من الصبَّار. سمعت كلمة "مذهلة" وهي تقال في وصف المرأة، ولكن هذه هي أول مرة أصاب فيها بالذهول عند رؤية امرأة. لم يكن السبب هو الفستان أو الإكسسوارات وحدها، أو أي صفة بعينها في "روزي" نفسها: هو تأثيرها كله على بعضه. لم أكن متأكدًا من أن مظهرها يصنَّف على أنه جميل بالمعنى التقليدي للكلمة، أو حتى مقبول وفق معايير المطعم الذي رفضني لسترتي. "مذهلة" هي الكلمة المناسبة جدًّا لوصفها. ولكن ما فعلته كان أكثر ذهولًا. فقد أخرجت موبايلها من حقيبتها، وصوَّبته نحونا. أضاء الفلاش مرتين. وتحرك رجل السترة ليأخذه من يدها.
- اوعى تفكر مجرد تفكير تاخده من إيدي. أنا هعرف بالصور دي أخليهم ما يشتغلوش في أي مكان تاني. والعنوان... "بروفيسور يلقن فتوات درسًا".
وبينما كانت "روزي" تتكلم، حضر شخص يبدو أنه الشيف. تحدث في أذن رجل السترة، وبكلمتين لـ"روزي"، مفادهما أن ننصرف من دون أي مشكلات أخرى، فطلبت مني "روزي" أن أترك الفتوتين. وقف ثلاثتنا على قدميه منتصبًا، ووفقًا للتقاليد، انحنيت أحييهما، ثم مددت يدي نحو الفتوتين، اللذين يبدو أنهما فردا أمن. كانا يقومان بما تقتضيه الوظيفة، وخاطرا بإصابة جسدية لأجل لقمة العيش. ويبدو أنهما لم يتوقعا مني هذه الخطوة، ولكن أحدهما ضحك وصافحني، ثم قلده الآخر. نهاية جيدة للموقف، ولكن لم تعد لديَّ رغبة لتناول الطعام في هذا المطعم.
أخذت درَّاجتي ومشينا في الشارع. توقعت أن تكون "روزي" غاضبة مما جرى، ولكنني وجدتها تبتسم. سألتها عن معرفتها برجل السترة.
- كنت شغَّالة هناك.
- اخترتي المطعم لأنك تعرفيه؟
- ممكن تقول كدا. كنت عايزة أغيظهم. لكن مش بالطريقة دي أبدًا.
كانت تضحك.
أخبرتها أن حلها للموقف كان رائعًا.
- أنا شغَّالة في بار. مش مجرد بار... "ماركيز أوف كوينسبرى". فبتعامل طول الوقت مع ناس وقحة.
علّقت بأن قلت لها أنها لو كانت وصلت في الميعاد لكانت استخدمت مهاراتها الاجتماعية، وعندئذٍ لم يكن أي عنف قد وقع.
- كويس إني اتأخرت. جودو دا، صح؟
- آيكيدو.
مع عبورنا الشارع، جعلت الدرَّاجة بيني وبين "روزي":
- أنا شاطر في الكاراتيه بردو، بس الآيكيدو كانت الأنسب في الموقف دا.
- إنك تتعلم الفنون القتالية موضوع صعب جدًّا، ومحتاج وقت، مش كدا؟
- بدأته وأنا عندي سبع سنين.
- كم مرة بتتدرب؟
- تلات مرات في الأسبوع، إلا إذا كنت عيان، أو في الأجازات الرسمية، أو وقت السفر لمؤتمرات.
- وايه سبب حبك ليها؟
أشرت إلى نظارتي.
- آه.. انتقام العباقرة.
- أول مرة ألجأ ليها عشان أدافع عن نفسي من أيام المدرسة. أنا بتدرب على اللياقة البدنية أساسًا.
كانت أعصابي قد ارتاحت بعض الشيء، وأتاحت لي "روزي" أن أدس في الكلام سؤالًا من أسئلة الاستبيان:
- بتتدربي بشكل منتظم؟
ضحكت:
- على حسب معنى كلمة منتظم. أنا أقل واحدة لياقة بدنية في العالم.
- التدريب مهم جدًّا عشان نحافظ على الصحة.
- بابا كان بيقولي كدا. هو مدرب خاص. جابلي عضوية في جيم في عيد ميلادي. في الجيم بتاعه. كان حابب دايمًا نتدرب "ترايثلون" مع بعض.
- لازم تسمعي كلامه.
- بعد إيه، أنا قربت على التلاتين. عديت مرحلة إني أمشي ورا كلام بابا. اسمع، أنا جعانة. تعالى ناكل بيتزا.
لم أكن مستعدًا لفكرة المطعم مرة أخرى الآن. فقلت لها إنني أنوي العودة إلى أجندتي الأصلية لهذا المساء، هي أن أطهو في المنزل.
- عندك أكل يكفي اتنين؟ لسة العشا عليك.
كلامها صحيح، ولكن يومي شهد حتى الآن العديد من الأحداث التي لم تكن في الأجندة الأصلية بالفعل.
- ماتخافش. مش هعلَّق على طبخك. أنا نفسي مابعرفش أطبخ.
لم أكن أفكر في أن تنتقد الطهي. ولكن افتقارها إلى مهارات الطهي كان الخطأ الثالث حتى الآن، على أساس استبيان مشروع البحث عن زوجة، بعد حضورها المتأخر وعدم لياقتها البدنية. ومن المؤكد أن هناك خطأ رابعًا: فعملها جرسونة في بار لا يتسق مع مستوى فكري معين أصر عليه. فلا جدوى من الاستمرار معها.
ولكن قبل أن أبدي لها كل هذه الأسباب، وجدتها تستوقف تاكسي من النوع الميني فان، الذي يمكن أن يسع مكانًا لدراجتي.
- أنت ساكن فين؟