تاريخ ومتغيرات
السبت، 19 أغسطس 2017 07:49 م
الجولة الافريقية التي قام بها الرئيس عبدالفتاح السيسي استدعت للذاكرة3حكايات رسمت صورة ذهنية لدي عن العلاقات المصرية الافريقية في الخمسينات والستينات من القرن الماضي الرواية الأولى.
ذكريات الاديب الكبير بهاءطاهر اثناء زيارته لدولة كينيا مع وفد تابع لمنظمة اليونسكو وخلال مروره في احدي القري النائية لفت نظره صورة معلقة للزعيم جمال عبد الناصر داخل محل صغير فسال صاحبه صورة من هذة فاجابه الرجل ممتعضا ومندهشا الا تعرف من هذا فاجابه بهاءطاهر متظاهرا بالنفي فزدات دهشة الرجل من صاحب السؤال فلم يكن يتوقع أن أحدا فى العالم لا يعرف جمال عبدالناصرمجيبا انه ابوافريقيا فعاد بهاءطاهر ليسأله من جديد من هو أبوإفريقيا فقال الرجل وهل هناك غيره إنه جمال عبدالناصرفكانت ترجمة لعشق وتقديس الافارقة لعبد الناصر.
الرواية الثانية حين زار الزعيم نيلسون مانديلا مصر لأول مرة كان اول مكان حرص علي التوجه اليه عقب نزول طائرته القاهرة هو قبر عبدالناصر الذي وقف أمامه صامتاً لعدة دقائق ثم قال لمرافقيه المصريين إنه كان يتمنى أن يزور مصر فى حياة عبدالناصر ليحظى بشرف استقباله له ورؤيته.
الرواية الثالثة بعدفوز جنوب أفريقيا بتنظيم كأس العالم 2010وحصول مصرعلى صفر المونديال عقدمؤتمر صحفي عقب فيه مانديلا علي فوز بلاده علي حساب مصر انه لوكان جمال عبدالناصر على قيد الحياة ودخلت مصر المنافسة أمام جنوب أفريقيا لإستضافة كأس العالم لكرة القدم لأنسحبت جنوب أفريقيا واي دولة افريقيةعلى الفور من الوقوف أمام مصر ولكن الظروف تغيرت الأن ومصر لم تعد مصر عبد الناصر.
وتوقفت عندهذة الجملة كثيرافمصرلم تعدعبدالناصر وكذلك افريقيا لم تعد نكروما اوهايله سلاسي الأول اوموبوتوسيسه سيكو.اختلفت مصرواختلفت افريقيا ولم يعد الظرف التاريخي كما هو.
فالمعطيات كثيرة والتحديات التي تواجه مصركبيرة منها التحديات الامنية والمتغيرات الاقليمية والدولية بمخططات واجندات جديدة.في ظل غياب ادوات التفاعل المصري مع افريقيا التي كانت تمثل جزءا أساسيا من الاستراتيجية المصرية لعبد الناصرفي الخمسينات والستينات الذي فقدنا بغيابه جزء كبيرا من التاثير الناعم في القارة الافريقية وهو ماخلق هوة واسعة يستغرق تجاوزها مجهودا كبيرا ووقتا طويلا وهما عاملان تدرك الادارة المصرية الحالية انهما ليس في صالحها حيث الحاجة ملحة والوقت تحدي اخر.
ومع غياب ادوات التفاعل المصري تنامي دور القوي الاقليمية فاسرائيل التي لم تستطع في حضوراستراتجية الزعيم ناصر الداعمة والمساند لافريقيا ان تفرض هيمنتها علي القارة نجحت بعد غيابه في تعزيز العلاقات الإسرائيليةالأفريقية والتي امتدت لغرب أفريقيا بعدأن كانت محصورة في شرقها وفتح الباب علي مصراعيه للعب دورا محوريا في ازمة سد النهضة التي لم تكتفي فيها اسرائيل بتقديم مساعدات فنية وتمويلية لاثيوبيا بل قامت بدورا هاما في رسم الاستراتجية التفاوضية لاديس ابابامع القاهرة.هذابجانب دخول قوي اقليمية اخري حلبة صراع المصالح مثل ايران وتركيا اللتان امتدت نفوذهما إلى الدول الأفريقية خاصة دول حوض النيل.اضافة الي المقاربات الدوليةللقوي الكبري التقليدية بالقارة ودخول لاعبين جدد مثل الصين.
ضغف الدور المصري وبعده عن العمق الافريقي افرز مناطق صراعات ويؤر ساخنة في عدة مناطق بافريقيا فانفرط عقد ليبيا وتقسمت السودان لشمال وجنوب متصارعين.تحدي اخر بتبني بعض انظمة الحكم سياسات معادية تجاه مصالح مصر.فالخرطوم تثيرعلامات استفهام حول تقاهمات وتقاربات مع الدوحة الداعمة والممولة للارهاب في مصرفي عددا من الملفات مثلت رؤي مشتركة بينهما كدعم ميليشيات اخوان ليبيا والسماح باستضافة عناصر من جماعة الإخوان المسلمين الهاربين من القاهرة.هذاالي جانب دورها الداعم لملف سد النهضة وانحيازها غيرالمبرر للجانب الاثيوبي علي حساب المصالح المائية المصرية رغم كونها دولة مصب مثل مصر اضافة الي ازماتها المفتعلة حول حلايب وشلاتين وحديث يثيرشجون.ولكنها المتغيرات التي لاتعترف بروابط تاريخية ومصيرية جمعتنا بالقارة السمراء فقد خفت تاثيرها بمرور الزمن واصبحت جزءا من تاريخ طويت صفحاته وان كانت مصر بقيادتها الحالية ادركت المتغيرات المتلاحقة الا ان المشهد صار اكثر تعقيدا ويتطلب ادوات اكثر فعاليةقادرة علي بعث الحياة من جديد فى العلاقات المصرية الافريقية.