«بدأت الحرب».. السلفية الجهادية تدخل خط النار مع حماس
الخميس، 17 أغسطس 2017 05:38 م
يأتي استهداف انتحاري لنقطة أمنية في مدينة رفح الفلسطينية، مكملًا للصراع الدائر في قطاع غزة، وهو الأمر الذي رصدته «صوت الأمة» منذ بدايته قبل عام، حيث يشهد قطاع غزة «صراع سيطرة» ونفوذ بين حماس وتنظيم داعش مدعومًا من التيار السلفي الجهادي.
وتحركت أجهزة الأمن الداخلي منذ شهور في حملة إعتقالات واسعة طالت المئات من معتنقي الفكر الجهادي والتكفيري، وخرجت من جانب الأخير تهديدات ووعيد نراها اليوم تتحقق، في تمهيد لدخول قطاع غزة إلى منحني جديد من الصراعات المسلحة.
وأصدرت الجماعة السلفية في قطاع غزة اليوم بيانًا اتهمت فيه حماس بارتكاب ما أسمته مذابح ضد عناصر الجماعة الجهادية في غزة، قائلة «لقد سلكت حماس مسلكًا في تعاملها مع أبناء التيار الجهادي في غزة دون أن تحسب حسابًا لمآلات هذا المسلك».
وأضافت أن «هذا المسلك فقادتها عنجهيتها وكبرها إلى التمادي في وطأتها ضد السلفيين منذ توليها مقاليد الحكم بغزة، فاستهلت حكمها بتصفية 25 جهادي بعد أن نسفت المسجد فوق رؤوسهم».
ونقلت صحيفة الشرق الأوسط، خبر استهداف نقطة أمنية في مدينة رفح الفلسطينية، فجر الخميس، وأسفر عن مقتل عنصر أمني من حركة حماس التي تسيطر على القطاع.
وقال بيان للناطق باسم وزارة الداخليّة التي تُديرها حركة حماس إياد البزم: «في ساعة مبكرة من فجر اليوم أوقفت قوة أمنية شخصين لدى اقترابهما من الحدود الجنوبية لقطاع غزة فقام أحدهما بتفجير نفسه، ما أدى إلى مقتله وإصابة الآخر وإصابة عدد من أفراد القوة الأمنية أحدهم بجروح خطيرة».
وبحسب الصحيفة أعلن مصدر طبي في مستشفى «غزة الأوروبي» في جنوب قطاع غزة «استشهاد عنصر الأمن نضال جمعة الجعفري -28 عامًا- متأثرًا بجراحه الخطيرة التي أصيب بها في التفجير الانتحاري قرب معبر رفح».
وأوضحت الصحيفة، أن التفجير أسفر عن إصابة 4 أفراد أمن آخرين أحدهم جروحه خطرة.
هجمة مرتدة
نجاحات الجيش المصري في سيناء، خاصة عملية «حق الشهيد»، جعلت غربان داعش المهاجرة من القطاع الفلسطيني، تبحث عن مأوى يحميها من الضربات الموجعة، إلا أن الحصار الأمني المفروض والسيطرة على المنافذ السرية التي يتسلل منها الدعم المالي والغذائي والبشري، أحبط كل محاولات البحث عن مأوى، فما كان منهم إلا العودة مرة أخرى إلى بؤرهم في القطاع غزة، هربًا من الضربات الأمنية والتي أفقدتهم الكثير من القادة، خاصة وأن المعلومة المتداولة في تصريحات أمنية وتقارير إعلامية أثبت أن عددمن عناصر أنصار بيت المقدس كانوا ينتمون إلى الجناح العسكري لكتائب القسام.
ويؤكد ذلك، ما كشفت عنه «صوت الأمة»، أن المركز مسؤول عن توفير ملاجئ آمنة للعناصر الإرهابية المصابة والهاربة، وكذلك تقوم بتوفير خط إمداد لوجستي عبر أنفاق يصل طولها لخمسة كيلو متر داخل الأراضي المصرية.
أيضًا: بوابة «صوت الأمة» تكشف: قيادات «داعش» تهاجر إلى غزة لإدارة «أنصار بيت المقدس»
أيضًا: أنصار بيت المقدس يعلن مقتل «عبد الإله قشطة» القيادي السابق في حماس
التفجير الانتحاري الذي يعد الأول من نوعه في قطاع غزة، هو تحول جذري في أدوات الصراع بين حماس والجماعات المسلحة الجهادية وداعش، ما يعني أن الهجوم ارتداديًا ويفتح الباب حول مرحلة جديدة من الصراع بين حماس والتكفيريين.
كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، أكدت أن منفذي الهجوم من عناصر السلفية الجهادية، وذلك في بيان لها: «تزف القائد الميداني في قوة حماة الثغور نضال الجعفري الذي ارتقى إثر تفجير أحد عناصر الفكر المنحرف –السلفية الجهادية- نفسه في القوة الأمنية». ونقلت «الشرق الأوسط» عن شهود عيان أنّ الانتحاري من سكّان منطقة «تل السلطان» في رفح وهو من نشطاء جماعة سلفية تنتمي فكريًّا إلى تنظيم داعش الإرهابي.
الحادث الإرهابي، يعد كأحد أقوى ردود الفعل على حملات الاعتقال والتصفية التي تشنها حركة حماس، ضد عناصر السلفية الجهادية في القطاع، والتي ارتفعت وتيرتها تزامنًا مع تقارير تشير إلى تنامي التيار في القطاع، الذي شهد مواجهات مسلحة على الخط الحدودي، حيث أفشل عناصر أمن حماس محاولات هروب عناصر إرهابية للداخل المصري عبر الأنفاق.
أيضًا: «قطاع غزة» يدخل مرحلة العد التنازلي لمعارك السلفية الجهادية وحماس
من بين أسباب الصدام بين حماس والعناصر التكفيرية، أن الحركة أفشلت شن هجمات صاروخية على جنوب إسرائيل، وهو ما سبق وانفردت به «صوت الأمة»، حيث ذكرت أن حفاظ حماس على علاقاتها مع الجانب الإسرائيلي، كان مقابل تنفيذ عمليات ضد عناصر للسلفية الجهادية، حيث تمكن كتائب القسام مؤخرًا من تصفية عناصر للسلفية الجهادية، قبل دقائق من تنفيذ هجوم صاروخي على تل أبيب.
معطيات الأزمة
اشارات عدة سبقت العملية الإنتحارية، أكدت على تفاقم الأزمة في القطاع، لذا لم تأتي العملية مفاجئة، فعمليات التصفية التي جرت خلال الشهور السابقة، اعتبرها مراقبون بداية حقيقية لمواجهات دموية في غزة.
البداية كانت مع عمليات تصفية باركتها السلفية الجهادية في القطاع، بدعوى التشيع، غير أنها في الحقيقة كانت عمليات تهدف لتوتر الأوضاع داخل القطاع، كان الحادث الأبرز منها تصفية أنصار ممتاز دغمش، لشاب فلسطيني يسمى مثقال السالمي، أحد أفراد الأمن الوقائي بالقطاع.
الوضع زاد سوءًا بعد اعتقال أبو المحتسب المقدسي، أحد قيادات الهيكل التنظيمي للسلفية الجهادية في القطاع، بصحبته أجهزة كمبيوتر متنقلة تضمنت معلومات تفصيلية عن الخلايا العاملة في غزة، وأيضًا اعتقال مسؤول الوحدة الصاروخية عند السلفيين، ما يعني بداية حلقة جديدة في مسلسل الصراع الأيدلوجي، خاصة مع مباركة عناصر التيار السلفي للتصفية.
أيضًا: «اقتربت ساعة الصفر».. قيادات «حماس» على قوائم اغتيالات «السلفية الجهادية»
مواجهات مسلحة
من المرجح أن تشهد الأيام المقبلة عمليات عسكرية موسعة لكتائب القسام للرد على تلك العملية، في ظل حالة استنفار أعلنتها تلك الجماعات، إضافة إلى حرب إلكترونية تشنها الجماعة رصد تحركات قيادات حماس، وكان منها العملية الأخيرة صباح اليوم الخميس.
قطاع غزة يشهد تحولًا في المعاقل التقليدية للسلفية الجهادية بغزة، ما يعني الانتقال للمناطق الحدودية واستعمال تقنيات تواصل متطورة لإنهاك الخط الحدودي وتهريب وإدخال عناصر جدد، من الموالين لداعش.
ووفقًا لمصادر فلسطينية لـ«صوت الأمة»، فإن المعطيات التي سبق ذكرها، اقتضت تحرك الخلايا النائمة داخل القطاع مع عودة أمراء العنف من الغزيين إلى القطاع.
ومن أبرز المواجهات التي شهدها القطاع، كانت بداية العام الجاري جنوب رفح، بالقرب من الخط الحدودي، حين حاول أحد الجهاديين - يرتدي حزامًا ناسفًا- تفجير نفسه في نقطة أمن لوحدات الأمن التابعة لحماس، وذلك ضمن مخطط لتسهيل هروب عناصر عبر الأنفاق إلى الداخل المصري.
مصادر خاصة تحدثت مع «صوت الأمة»، كاشفة عن إشتباكات تمت داخل الأنفاق، وصلت إلى حد التفجيج والتفجير، بعد أن بدأت حماس في منع حركة الدخول والخروج من وإلى سيناء عبر الأنفاق، تنفيذًا لبعض التفاهمات الأمنية مع الجانب المصري، نتيجة مواجهة الحركة بمعلومات مؤكدة وموثقة عن دور الأنفاق في تنامي الإرهاب في سيناء، إضافة لتورط عناصر الحركة -ادعت حماس انشقاقهم- في تلك الممارسات الإرهابية، خاصة بعدما أعلن تنظيم داعش مقتلهم.