مبادرات «مناهضة التحرش» ضد الفتيات بالجامعة «حبر على ورق»
الثلاثاء، 15 أغسطس 2017 08:00 صعنتر عبداللطيف
جامعة القاهرة، تعد أول جامعة حكومية فى الشرق الأوسط، تتبنى سياسة لمناهضة التحرش الجنسى داخل الجامعة، والتى نصت على «إن أى شكل من أشكال التحرش الجنسى لن يتم التسامح معه فى إطار تمكين الطلاب والأساتذة من التبليغ عن حوادث التحرش بأمان وفقا لبيان صادر عن خريطة التحرش الجنسى المناهضة للتحرش».
رغم ذلك وقعت العديد من حالات التحرش بجامعة القاهرة، آخرها التسجيل الصوتى المنسوب إلى أحد الأساتذة، وهو يطلب فيه من إحدى الطالبات «وفق الاتهامات التى وجهتها منظمات حقوقية له» أفعالا مشينة محاولا اغتصابها تحت التهديد!
فى عام 2017، وقعت حالتا تحرش بجامعة القاهرة، وتمت إحالة الدكتور الأستاذ المتفرغ بقسم الاجتماع الريفى بكلية الزراعة إلى التحقيق، بعد اتهامه بالتحرش بطالبة بالكلية، كما اتهمت طالبتان من طالبات الماجستير بقسم الدواجن بكلية الزراعة جامعة أسيوط الدكتور المشرف على رسالتيهما، بمحاولته ابتزازهما جنسيا أكثر من مرة، ما يؤكد أن مبادرات مناهضة التحرش ضد الفتيات بالجامعة ظلت «حبر على ورق».
المثير أن المجلس القومى لحقوق الإنسان، كان قد اعترف بوجود حالات تحرش بجامعة القاهرة، قائلا فى بيان له عبر موقعه الرسمى: «تعتبر قضية التحرش الجنسى من الآفات التى ظهرت بشدة فى المجتمع المصرى فى الآونة الأخيرة»، فرغم القيم الأخلاقية الثابتة فى وجدان وضمير الشعب المصرى، فإن هذا الأمر قد انتشر فى أوساط المجتمع المصرى المختلفة، ومن أهمها الجامعات المصرية، ومن الضرورى أن يعمل المجلس القومى لحقوق الإنسان على مواجهة هذه الظاهرة، داخل الجامعات وفى الشارع المصرى بشكل عام، ويقترح البدء من خلال الإطار التشريعى بالنظر فى القوانين المتعلقة بالموضوع، والعمل على التفعيل، إلى جانب بحث مدى الحاجة إلى التعديل، ثم إطار نشر ثقافة حقوق الإنسان بقطاع الجامعات وبالتعاون مع الاتحادات الطلابية بالكليات والجامعات، والاعتماد على التوعية، وغيرها من الوسائل لمواجهة الظاهرة، والتعاون مع وزارة الشباب من خلال المشاركة فى برامجها التثقيفية، إلى جانب العمل على تطوير مراكز الشباب واستثمارها كنقاط تنويرية وتوعوية، وأماكن جذب للشباب يقومون فيها بممارسة الأنشطة الهادفة.
كما أن المجلس القومى للمرأة، أدان فى بيان له واقعة التحرش، قائلا: «طالع المجلس القومى للمرأة، بغضب عارم واستنكار شديد ما تداولته بعض وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعى، بشأن قيام أحد أساتذة، جامعة القاهرة، بابتزاز إحدى الطالبات، وإجبارها على التصوير عارية، معتبرة أن هذه الواقعة إن صحت فإنها تمثل ردة وانتكاسة شديدة فى قيم وأخلاقيات المجتمع المصرى، وتعبر عن تصرف شائن يرفضه كل إنسان سوى، وأنه لا يجوز بأى حال من الأحوال أن تفقد طالبة جامعية إحساسها بالأمان داخل سور الحرم الجامعى أو خارجه».
كل نماذج التحرش تعتبر نماذج مرضية مضطربة، والتحرش لا يقتصر على تلك النماذج بل يمكن أن يحدث من أشخاص عاديين فى ظروف تشجعهم على ذلك، وهذا ما نسميه «التحرش العرضى» أو «التحرش الموقفى»، بمعنى أنه سلوك عارض فى حياة الشخص أو سلوك ارتبط بموقف معين، وليس بالضرورة أن يتكرر على عكس التحرش المرضى، ففيه الفرصة للتكرار لأن وراءه دوافع متجددة تدفع الشخص للتورط فيه من آن لآخر «وفق دراسة للدكتور محمد مهدى استشارى الطب النفسى».
ويضيف الدكتور مهدى فى دراسته، أنه كون التحرش مدفوعاً باضطرابات مرضية لا يعفى صاحبه من المسئولية كما قد يظن البعض أو يتخوف، وإنما ربما يفسر لنا ما يحدث وينبهنا لإمكانية تكرار حدوثه وربما فقط يخفف العقوبة فى بعض الظروف.
وكشفت الدراسة أنواع المتحرشين، وفقا للدكتور مهدى بقوله: قد يكون المتحرش من النوع السادى الذى لا يستمتع بالعلاقات الجنسية العادية، وإنما يسعده أن يأخذ ما يريده من الطرف الآخر بقدر من العنف والإجبار والقهر، أو يكون من النوع الاستعراضى الذى يجد متعته فى استعراض أعضائه التناسلية أمام الضحية، ويستمتع بنظرة الدهشة والاستغراب والخوف على وجه من يراه، وكثير منهم تحدث له النشوة ويقذف لمجرد حدوث هذه الأشياء، كما أن هناك النوع «التحككى» الذى يجد متعته فى «الالتصاق» بالضحية فى الزحام والتحكك بها حتى يصل إلى حالة النشوة والقذف.
وأشارت الدراسة إلى أن النوع الهستيرى يغلب وجوده فى النساء، حيث تتحرش المرأة الهستيرية بالإغواء والإغراء للرجل الضحية لفظيا وجسديا حتى إذا تحرك نحوها صرخت، واستغاثت بمن حولها لإنقاذها من هذا الحيوان الذى يريد اغتصابها، والشخصية الهستيرية تفتقد للثقة بنفسها، لذلك تسعى للإغواء والإيقاع بالضحية لكى تطمئن على قدرتها على ذلك ثم تتعمد توسيع الدائرة لكى يعلم عدد من الناس كم هى مرغوبة ومطلوبة وكم هى جذابة لدرجة تخرج الناس عن شعورهم.