زيادة الاحتياطى النقدى.. والاستثمارات المباشرة.. وخفض الواردات

ثلاثة مؤشرات على تعافى الاقتصاد المصرى

الإثنين، 14 أغسطس 2017 09:00 ص
ثلاثة مؤشرات على تعافى الاقتصاد المصرى
سحر نصر وزيرة الاستثمار والتعاون الدولى
ماجدة خضر

* اقتصاديون: زيادة الاحتياطى تسهم فى رفع التصنيف الائتمانى  وخبراء يؤكدون أهمية أن تكون مصادر الاحتياطى من موارد حقيقية

* د. أمنية حلمى: أى استثمار جيد ومهم لكن الأهم هو نوعية الاستثمار هل له بعد تنموى ؟ وهل يوجه للمناطق الأكثر احتياجا؟

* د.سعيد عبدالمنعم: التحدى الحقيقى هو قدرة البنك المركزى على استخدام هذا الاحتياطى لإحداث استقرار فى سعر الصرف

*زيادة الاحتياطى النقدى وزيادة الاستثمارات المباشرة وخفض العجز التجارى جميعها عوامل نجاح للاقتصاد المصرى

تعتمد الحكومة على ٣ مؤشرات لتبرهن على تعافى الاقتصاد أولها تحقيق قفزة فى حجم الاحتياطى النقدى بالعملة الأجنبية بنهاية شهر يوليو الماضى، ليصل إلى 36.03 مليار دولار، وهو أعلى مستوى له منذ 7 سنوات، مقابل 3. 31 مليار دولار فى نهاية يونيو الماضى.
 
والمؤشر الثانى هو زيادة قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة لتصل إلى 7.8 مليار دولار وفقا لتصريحات وزيرة الاستثمار والتعاون الدولى سحر نصر وذلك خلال العام المالى ٢٠١٦ - ٢٠١٧. بينما المؤشر الثالث هو تراجع العجز فى الميزان التجارى بعد أن تراجعت الواردات بشكل ملحوظ.
 
هذه المؤشرات يعتبرها البعض تعكس نجاحا لخطط إعادة هيكلة الاقتصاد بينما يتحفظ آخرون ويرون أن طرق التقييم تعتمد على عوامل أخرى منها إلى أى حد تحققت فكرة العدالة الاجتماعية فى المجتمع وهل نصيب العاملين بأجر من الدخل القومى ارتفع.
 
للأسف وبحسب البيانات لا تزال الأجور لا تمثل سوى ٣٢٪ من الدخل القومى والباقى من نصيب عوائد التملك، هناك مؤشر آخر يحسب فى التقييم يراه خبراء وهو مؤشر التنمية البشرية من تخفيض معدلات الفقر والبطالة وغيرهم إلى جانب مؤشرات الشفافية والنزاهة ومحاربة الفساد وهى معايير تهم المستثمر.
 
إذا نظرنا إلى ارتفاع الاحتياطى النقدى سنجد وفقا لآراء خبراء اقتصاديين انه يسهم بشكل كبير فى رفع التصنيف الائتمانى لمصر ويعكس زيادة فى ثقة المستثمريين فهو يحسن فرصة حصولها على القروض من السوق العالمية بشروط أفضل، ويقلل أسعار الفائدة على السندات الدولارية المصرية فى الأسواق المالية العالمية، لكن على الجانب الآخر فإن الارتفاع فى الاحتياطى تحقق بفعل ديون خارجية تجاوزت قيمتها 74 مليار دولار وفقا لبيانات رسمية، من بينها الشريحة الثانية من قرض صندوق النقد الدولى، بالإضافة إلى أن أغلب مكونات الاحتياطى هى أدوات دين قصيرة ومتوسطة الأجل، ولا شك أن اقتراب موعد استحقاقها سيضع البنك المركزى فى مأزق الخصم من ذلك الاحتياطى خاصة أن مصر مطالبة بسداد نحو ٢٠ مليار دولار من القروض خلال سنة و٥ شهور بحسب مصدر مسئول بوزارة المالية وقالت شركة برايم القابضة للاستثمارات المالية فى تقرير صدر منذ أيام إن الاقتصاد المصرى سيواجه ضائقة ملحوظة بداية من العام المالى ٢٠١٨ - ٢٠١٩ حيث ستبلغ التزامات الديون متوسطة وطويلة الأجل التى سيحين موعد استحقاقها نحو 7.1 مليار دولار منها 2.8 مليار دولار ودائع لدى البنك المركزى ما لم تنجح الحكومة فى تجديدها وأرجعت برايم نمو الدين الخارجى خلال التسعة اشهر الأولى من العام المالى المنتهى إلى سببين أولهما الاتجاه إلى سياسة التوسع فى الاقتراض بالإضافة إلى قرار تعويم الجنيه الذى أدى بدوره إلى تخفيض إجمالـى الناتج المحلى مقوما بالدولار بنسبة ٣٨٪ ليتراجع من ٣٣٠ مليار دولار فى العام السابق إلى ٢٢٦ مليارا حاليا ورأت برايم أن أى ارتفاع فى قيمة الجنيه سيؤدى إلى خروج استثمارات المحفظة الأجنبية وارتفاع مستويات الاستيراد ليعود سعر الصرف إلى مستوياته الحالية متوقعة أن يستمر سعر الصرف الحالى والمتذبذب حول ١٧ - ١٨ جنيها للدولار حتى نهاية ٢٠١٧ مع استبعاد ارتفاع حقيقى ملموس فى قيمة الجنيه ما لم تزدهر مصادر التقد الأجنبى من استثمارات أجنبية مباشرة وعوائد تصدير وإيرادات سياحة مرة اخرى متوقعة حدوث ذلك بنهاية العام المالى 2017 - 2018.
 
امنية حلمى
 
تقول الدكتورة أمنية حلمى أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة إن المؤشرات الثلاث جيدة لكن فى نفس الوقت يجب النظر إليها بشكل أكثر عمقا لنتأكد أن الاحتياطى لم يصل لهذا الرقم نتيجة قروض خارجية ولكن من موارد حقيقية وتنموية كما يجب حساب المديونية المترتبة على القروض مقارنة بالناتج المحلى الإجمالى وكيف سيتم سداد جزء من اصل الدين إلى جانب الفوائد وقالت إن الاحتياطى النقدى يمكن ان يحقق نتائج جيدة على المدى القصير لكن نحن فى حاجة إلى انعكاسه بالايجاب على المدى المتوسط والطويل وحول مؤشر الاستثمار الأجنبى ترى حلمى أن أى استثمار جيد وهام لكن الأهم هو نوعية الاستثمار هل له بعد تنموى ؟ وهل يوجه للمناطق الاكثر احتياجا ؟ للأسف هناك استثمارات متزايدة فى العقارات، وتقول حلمى إن البيانات الرسمية للتوسع أو زيادة رؤس الاموال تشير أيضا إلى زيادة الاستثمارات فى المشروعات الصغيرة والمتوسطة وهو توجه جيد لكن أغلب المستثمرين دخلوا هذا المجال للاستفادة من فائدة قرض القطاع المصرفى على تلك المشروعات والتى لا تزيد على ٥٪ بينما الشركات الكبرى تركز فى استثماراتها على قطاعات بعينها مثل العقارات تخدم شرائح فى المجتمع ذات مستويات مرتفعة بعيدا عن قطاعات انتاج حقيقية مثل الصناعة والزراعة فى الوقت الذى نحن بحاجة إلى نوع من الأمن الغذائى والصناعى وزيادة الصادرات باستخدام مكون محلى، وأشارت أستاذ الاقتصاد إلى انه رغم زيادة الاستثمار المباشر إلا أن البيانات التفصيلية تشير إلى ارتفاع نسبة المخزون من المنتجات وهو ما يعنى أن هناك مصانع متعثرة والمفترض ان التصرف فى المخزون جزء هام من الاستثمار أيضا، كما أشارت إلى أهمية النظر إلى هيكل الواردات وليس تخفيض حجمها فقط متسائلة عن تراجع الوارادت من السلع الوسيطة التى تخدم على الصناعة التى تعتمد عليها بشكل كبير.
 
سعيد عبد المنعم
 
من جانبه يرى الدكتور سعيد عبدالمنعم أستاذ المالية العامة بجامعة عين شمس أن زيادة الاحتياطى النقدى وزيادة الاستثمارات المباشرة وخفض العجز التجارى جميعها عوامل نجاح للاقتصاد المصرى موضحا أن تأثير زيادة الاحتياطى يمثل دفعة قوية للاقتصاد ويعكس زيادة ثقة المستثمرين الأجانب فى نمو الاقتصاد المصرى، ويعتبر داعما قويا لتنفيذ التزامات الدولة من المتطلبات خصوصا سداد مستحقات الشركاء الأجانب وأقساط القروض، فضلاً عن تغطية واردات مصر من السلع الأساسية لمدة 6 أشهر مقبلة، ويشير إلى أن ارتفاع نسبة الاحتياطى ناتجة عن زيادة ملحوظة فى استثمارات الأجانب فى أذون الخزانة المصرية إلى جانب زيادة التنازلات من العملاء عن العملات الأجنبية والناتجة بنسبة كبيرة من تحويلات المصريين بالخارج بالإضافة إلى حصيلة الصادرات المصرية ودخول الشريحة الثانية من قرض صندوق النقد الدولى، مضيفا انه يحب ان تكون مصادر الاحتياطى من موارد حقيقية يتاح للمواطن معرفتها ويعلنها البنك المركزى ويتابع أن ارتفاع الاحتياطى النقدى لدى البنك المركزى نقطة هامة تضاف فى خانة الاستقرار، ويبقى التحدى الحقيقى هو الحفاظ على عدد شهور الواردات التى يغطيها الاحتياطى، بحيث لا تقل عن ٦ شهور.
 
موضحا أن التحدى الحقيقى هو قدرة البنك المركزى على استخدام هذا الاحتياطى لإحداث استقرار فى سعر الصرف، وخفض قيمة الدولار، وبالتالى خفض قيمة الأسعار، ومن ثم خفض معدلات التضخم، وبالتالى خفض أسعار الفائدة، مما يسهم فى تحفيز الاستثمار. وحول الاستثمارات المباشرة يرى عبدالمنعم أهمية أن تحدد الحكومة أولوياتها فى الاستثمارات لافتا إلى أهمية الدخول فى مشروعات قناة السويس والعاصمة الإدارية الجديدة وعن الاستثمارات غير المباشرة ومن ببينها التوجه للخصخصة وطرح بعض الشركات بالبورصة ويجب مراعاة معايير التقييم العادل حتى لا تتكرر مشاكل المستثمرين.
 
فيما يؤكد مصدر رسمى رفض ذكر اسمه أن الحكومة لم تبذل جهدا فى خفض عجز الميزان التجارى لأنه بمجرد زيادة سعر الصرف تقل الواردات مشيرا إلى أن الاستثمار الأجنبى أهميته فى تحقيق قيمة مضافة وليس شراء حصة سوقية وبيعها مشددا على أهمية أن يكون هناك منهج جديد فى التعامل مع الاستثمار بأن تكون للدولة حصة فى مشروعات الاستثمار الأجنبى المباشر.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق