على هامش الحياة
الأحد، 13 أغسطس 2017 09:00 صداليا عيسى
وأخيرًا ظهرت نتيجة الثانوية العامة، وحصل عبده على المجموع الكبير الذى تمنى، واقترب من حلم حياته، الذى سعى إليه، الْيَوْمَ فقط تكلل تعبه بالنجاح، وآن له أن يفرح بثمرة مجهوده.
لكن عبده لن يفرح، ولن يحتفل، لن يعود لأمه فرحا مقبلا يدها، التى خطت سنوات الشقاء آثارها عليها، لن تهتز أركان بيته البسيط بالزغاريد فرحًا، ولن يأتى المهنئون من الأهل والأصدقاء ليشاركوا عبده وأسرته فرحتهم، لأن عبده وبكل بساطة قد فارق الحياة.
(عبده ناجى) اسم لن تسمع عنه فى البرامج، ولن تهتم به مواقع التواصل، فمثله يعيش على هامش الحياة، ثم يرحل فى صمت، فتى فى مقتبل العمر، توفى والده وهو فى السادسة من عمره، تاركا للأم خمسة صغار أكبرهم هو عبده، الذى تحمل معها تلك المسئولية التى ينوء بحملها الرجال أحيانًا، فخرج يواجه قسوة الحياة دون أن يتخلى عن حلمه فى التعليم والتفوق، اجتهد طوال حياته القصيرة، ومنذ نعومة أظافره، تعلم أنه بلا سند أو معين، وأن عليه أن يمضى فى طريقه وحيدا حتى يصل إلى حلمه، وأن يصبح مهندسا كبيرا، ويستطيع أن يريح أمه، ويوفر لإخوته ما حرمته الحياة، كما كان يقول دائما .
وكما أعتاد عبده أن يعمل باليومية، ليوفر مصروفات أسرته، ذهب عبده إلى عمله، ليحصل أيضا على مصروفات كليته، لكنه لم يعد هذه المرة، مات مصعوقا تاركا أسرة محزونة لامعين لها، وأم مكلومة على زهرتها الأولى، التى روتها، وآن لها أن تراها تتفتح، وإذا بيد الإهمال تقتلعها وتدهسها.
فأمثاله لا تأمين لهم ولا حماية من بعض أصحاب الورش والمصانع التى لا تتبع وسائل الأمان الكافية.
ولن يعوض أحد أسرته، وسوف يختفى عبده فى طى النسيان، لكنه وأمثاله يجب ألا يذهبوا إلا ليتركوا لنا شيئًا لن يذهب بذهابهم.