بالفيديو والصور.. «صوت الأمة» تخترق عصابات نهب آثار مصر
الخميس، 10 ديسمبر 2015 06:29 م
«التنقيب عن الآثار».. كان دائمًا الهدف منه كشف أسرار من سبقونا، معرفة أدق تفاصيل الحياة التي عاشوها، عظمة وإبداع سيطرت على أعمالهم، زادت من شغف وحب العديد من علماء الآثار والمنقبين، للتوغل أكثر في حياة القدماء، لمشاركة تاريخهم مع الأجيال الجديدة.
تاريخ وحضارة وتراث، تركها الأجداد للأبناء للمحافظة عليها، ليأتي اليوم الذي يصبح فيه «التنقيب» مرض وليس «شغف»، ليسيطر حب المال على حب التاريخ، ويصبح البحث عن كنوز الأرض وآثارها، أسهل طريق للثراء حتى ولو كان الثمن «تاريخ مصر وحاضرها».
«محافظة المنيا».. حقل خصب للتنقيب عن الآثار في صعيد مصر، والتي تشتهر باحتوائها على العديد من التلال الأثرية، ففى قرية «الهمة» بمدينة «مطاي»، والتى تبعد عن الظهير الصحراوي بحوالي 5 كيلومترات، يشتهر أهل المدينة بهوسهم في استخراج كنوز الأرض وسط تغافل المسئولين، توغلت عدسة «صوت الأمة» في مغامرة جديدة، لكشف تفاصيل الحفر والتنقيب على الآثار، التي يقوم بها سكان المنطقة بباطن صحراء المنيا،
بمجرد قربك من المكان تشاهد العديد من الحفريات التي تم ردمها، ولا يعلم الأهالي إن كان بداخلها «كنوز أم لا».
في البداية، يقول أحد مزارع «المنط» أن هناك مجموعة تسكن بقرية «الفداء» من مختلف المحافظات، جاءت إلى القرية من أجل العمل وكسب لقمة العيش، لكن سرعان ما تحولوا إلى تجار «أنتيكة»، وهوس التنقيب عن الآثار، وسط تجاهل الأجهزة الأمنية لهم، وعدم تلقي أى بلاغات ضددهم حتى الأن.
أكد المزارع أن الحفر في المنطقة مستمر منذ أكثر من 5 سنوات دون توقف، وحتى الأن لم يتم استخراج أى قطع أثرية، بل كل ذلك ضياع للوقت وإهدار للمال، مضيفًا أن تلك الأرض ملك أحد الخريجين «ع. ك»، من أبناء محافظة أسيوط الذي أتى بالكثير من المشايخ والداجلين، لمعرفة نوع المقبرة وكم الآثار المتواجد بها.
منذ أكثر من 22 عامًا، تم اكتشاف مقبرة أثرية بهذه المنطقة، أثناء تحويلها إلى مشروع للخريجين بالمنطقة، ومن وقتها أصبح هوس التنقيب يسيطر على أهل البلد، لاقتناعهم بأنها أصبحت تُعد من المناطق الأثرية الهامة، الأمر الذي أدى إلى توقف الزراعة بها، للكشف عن مزيد من الآثار، حتى أصبحت الأرض صحراء..
وتحدث «م. ش»، أحد مزارعي المنطقة، أن هناك الكثير ممن يأتون ليلًا لمتابعة الحفر، وبحوزتهم أدوات الحفر والتنقيب، ويستمر الحفر طوال اليل بالمنطقة، حتى وصل العمق إلى أكثر من 12 متر، وحتى الأن لم ينجحوا فى استخراج قطعة واحدة.
على جانب أخر، كان للداجلين نصيب في هذه «التركة» ولكن بشكل آخر، عن طريق قيام بعضهم بالنصب على الأهالي، وإقناعهم بإمكانية استخدام السحر والدجل وتسخير الجن في معرفة أماكن القطع الأثرية، وتحضير جلسات «زار وبخور وشعوذه»، ويتم وهمهم بأماكن الآثار المحتملة، وبعد أن يبدأ أهل القرية في الحفر يفر الدجالون هربًا قبل الإمساك بهم.
وقال الدكتور رأفت النبراوي، عالم الآثار الإسلامية وعميد كلية الآثار الأسبق، إن التنقيب عن الآثار أصبح ظاهرة عامة وغير قانونية؛ لأن القانون هو الذي يحكم عملية التنقيب، خاصة بعد الإنفلات الأمني الذي حدث بعد ثورة يناير، فظهر التنقيب غير الشرعي بطريقة غير عادية، فهناك هوس من جانب الشعب المصري بالثراء السريع.
وقال الأثرى سلامة زهران، أن التنقيب عن الآثار أصبح ظاهرة ثابتة بمختلف محافظات الجمهورية، وعلى وجه الخصوص محافظة «المنيا»، وخاصة بعد الإنفلات الأمنى، مشيرًا إلى أن التعديات امتدت داخل المنطقة الأثرية نفسها، وسيطر الأهالي على الكثير من تلك المناطق، دون تدخل من الجهات المختصة وإزالة التعدي عليها.
وأضاف «زهران»: "ما زال مسلسل التنقيب عن الآثار من أجل الثراء السريع حلم للكثير من المصريين، لذلك انتشرت ظاهرة التنقيب، ومازالت عمليات الحفر الخلسة مستمرة في بعض الأماكن الآثرية، للسطو على تاريخ مصر عبر عمليات منظمة، من بعض عصابات التهريب، أو أفراد يريدون الحصول على الآثار للإتجار بها".
وطالب «زهران» من وزير الآثار بحماية المناطق الأثرية، وتخصيص أفراد أمن لحماية هذة المنطقة، خوفًا من بطش الأهالى في حلم الثراء السريع.
الجدير بالذكر أن قانون حماية الآثار، ينص على أنه «يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد على خمس، وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه".