قطر وركلة الخروف.. من المظلومية الدينية إلى تدويل آلامها الاقتصادية
الأربعاء، 09 أغسطس 2017 11:00 ص
فى الأزمة القطرية - الخليجية - المصرية، دخلت أطراف الحرب الباردة مرحلة السفور، فى المواجهة، لكن قطر تجاوزتها إلى مرحلة الفجور، والحق أن الاجتماع الأخير لوزراء خارجية مصر والسعودية والإمارات والبحرين.
كان هدفه الأساسى ليس فقط التأكيد على تمسك الدول الأربع بالمطالب الثلاثة عشر التى قدمتها إلى الدوحة، بل أيضا مراجعة مدى التزام الإمارة المارقة بما تعهدت به دوليا وفى وثيقة مع وزير الخارجية الأمريكى تيلرسون قبل أسبوعين تقريبا بوقف دعم وإيواء الإرهابيين، ويمكن القول إن المراجعة الدقيقة لم تكن مُرضية، ولم تؤد إلى قناعة بأن العاهرة تابت!
وهكذا يمكن استخلاص أن إعادة التأكيد على التمسك بالمطالب جاء نتيجة استمرار قطر فى انتهاك أمن هذه الدول مجتمعة، والحق أيضا أنه يمكن ملاحظة ارتفاع وتيرة العمليات الإرهابية ونوعيتها، وكمية المتفجرات التى قتلت وأصابت أو التى ضُبطت قبل أن تقتل وتصيب، وهى عمليات جرت وتجرى فى مصر وفى القطيف بالسعودية، وفى البحرين، بل إن الكويت وهى الوسيط بين قطر والدول المتضررة من الاحتلال الإخوانى الداعشى للدوحة ضبطت خلية إرهابية بمخطط إيرانى هى خلية العبدلى!
لم يكشف بيان الوزراء الأربعة عن أى انفراج فى الأزمة، بل على العكس، فوجئت السعودية بانتقال نظام الحكم القطرى إلى مرحلة الضرب فى الصميم، بإيحاء وتحريض من إيران، فقد أعلن وزير الخارجية السعودية أن قطر باتت تدعو إلى تدويل الشعائر المقدسة، أى إخراجها من سيادة الدولة السعودية، ووقوع الحرمين الشريفين، الكعبة، والمسجد النبوى، تحت إدارة دولية!
دعوة شاذة بكل المعايير، لم يأتها حتى كفار قريش، لكن جاء بها آل ثانى فى قطر.
جاءت من الشقيق ضد الشقيق، لحساب الحكومة الإرهابية فى طهران، فالمعروف أن إيران ومنذ صعود إمام الدم آية الله الخومينى إلى السلطة، وهى تردد سنويا الدعوة إلى تدويل الأماكن المقدسة وإخضاعها لدول أجنبية!
ولقد نفى وزير الخارجية محمد عبدالرحمن، أى وجود لمثل هذه الدعوة، وقال إن بلاده تعبت وسئمت من المعلومات الزائفة والقصص المؤلفة!
وقال أيضا إنه لم يحدث أن طلب أى مسئول قطرى مثل هذا الطلب.
لكنه لم يقل الحقيقة فى واقع الأمر، لأن قطر بالفعل قدمت شكوى إلى مقرر لجنة الحريات الدينية التابعة للأمم المتحدة بأن السعودية تسيس موسم الحج، وأن حجاج قطر يلقون عنتا فى أداء مناسك الحج هذا العام بسبب عقبات تضعها السلطات السعودية!
وهو ما اعتبرته السعودية مطالبة بتدويل الإشراف على الأماكن المقدسة، ورأت فى ذلك عملا عدوانيا وإعلان حرب عليها، وحذرت أى طرف يتبنى مثل هذه الدعوة التى تضرب السيادة السعودية فى القلب.. غير أن قطر تنفذ خطة موازية لإرهاق الدول الأربع، فقد تقدمت أيضا بشكوى تفصيلية إلى منظمة التجارة العالمية ضد كل من السعودية والإمارات والبحرين، وتفادت لأسباب غامضة حتى الآن أن تشكو القاهرة، جاء فى الشكوى أن الدول الخليجية فرضت على الاقتصاد القطرى ضغوطا بالحصار والمقاطعة، وهو ما يخالف قوانين منظمة التجارة العالمية، وقالت فى نص الشكوى «إننا نطلب رسميا إجراء مشاورات مع الدول الثلاث»، والمعروف أن طلب التشاور مع أى دولة موضع شكوى هو الخطوة الأولى فى أى نزاع تجارى، ولقد أمهلت «قطر» الإمارات والسعودية والبحرين 60 يوما كموعد نهائى للرد على الشكوى والقضاء على أسبابها وإلا سترفع دعوى قضائية لدى منظمة التجارة العالمية ضد الرياض وأبو ظبى والمنامة، وجاء فى نص الشكوى أيضا «هناك جهود قسرية لفرض العزلة على الاقتصاد القطرى» وأن الدول الثلاث تحاول عرقلة حقوق قطر فى تجارة السلع والخدمات وفى الملكية الفكرية، الشكوى ضد السعودية والإمارات شغلت 8 صفحات، أما الشكوى ضد البحرين فشغلت 6 صفحات.. وحتى كتابة هذه السطور لم يظهر أثر فى الإعلام عنها أو أى رد فعل من الدول الثلاث المشكو فى حقها، وتقول مصادر داخل أروقة المنظمة أن مذكرة الشكوى القطرية قد توزع بنهاية الأسبوع الجارى أى حتى يوم أمس الجمعة.
أما عن مصر ولماذا لم يرد ذكرها فى الشكوى، فإن على الوليد آل ثانى المسئول القطرى بمكتب منظمة التجارة العالمية بقطر، قال إن كل الخيارات مفتوحة!
دولة ضالة هى إذن، تتنقل بين مراحل عدة من الحركة المخططة، من الفجور الدينى إلى السفور السياسى إلى التباكى فى المنظمات الدولية، إلى الإغواء بالاستثمارات، فى سلسلة من خطوات متتالية، ممنهجة، محسوبة سلفا، ولقد نذكر أن قطر أعلنت أنها سبق أن استعدت وتجهزت لهذا الوضع منذ عام 2014، بعد قرصة أذن مؤلمة من الراحل الغالى على كل مصرى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، بعد أن فاض الكيل من مؤامرات تميم فى تمويل الإرهاب وسفك دماء المصريين.
لكن ما هو السند الحقيقى للإمارة المارقة فى هذه الحرب التى تبدو الفرصة الذهبية لأطراف لم تحلم بمثلها، وعلى رأسها إيران؟ تعول قطر على عاملين أساسيين: فكما اشترت الإرهاب، يمكنها شراء الذمم الدولية، بالمزايدة على ما تضخه دول المقاطعة الخليجية، وهدفها هو الحصول على موقف مائع، لا تدان فيه قطر ولا تؤيد، والهدف النهائى بالطبع هو بث الريبة فى القرار والنظر الخليجى تجاه تحالفات تاريخية مدفوعة الأجر مع الغرب، وبالذات مع إدارة ترامب، لم ينطفئ بريقها بعد، منذ قمة الرجل البرتقالى فى الرياض!
أما العامل الثانى فهو نكوص الدول الخليجية الثلاث على الأقل عن مواصلة ضغط لن يجدى، بل سينقل الدوحة إلى تنفيذ سياسات عدوانية أو حربية بلا مواربة، تحرج دول الخليج، إن ردت أو سكتت.
مؤدى كل ما سبق إذن هو أن قطر مصممة، بلا هوادة، على تنفيذ سياسات موضوعة، تفتت دول الممانعة والمقاطعة، على أساس أنها صخرة الصد الباقية فى المنطقة، وفى القلب منها الجيش المصرى، فالجيش السعودى.
لحساب مَن تعمل؟
رجال الفوضى الخلاقة فى الخارجية الأمريكية والبنتاجون، والسى آى إيه، لا يزالون مؤمنين بأن عقاب العرب على ما فعلوه فى الحادى عشر من سبتمبر هو واجب وحتمية تاريخية، وذلك بتأليب بعضهم ضد بعض، وذبح بعضهم بعضا بالسلاح الغربى وبأموال نفطهم! أما موقف ترامب فهو لا يعتد به، يكفيه ما ينتظره من إجراءات عزل ومحاكمة!
خطط قطر تحتاج فى المقابل خطط مواجهة ذكية وحكيمة وباترة.. هى لا تلعب وحيدة!