بعد توتر العلاقات التركي الإسرائيلية.. كيف توازن تركيا بين عمق علاقاتها مع الكيان الصهيوني ودعمها لحماس؟
الأحد، 06 أغسطس 2017 10:00 ص
تظهر العلاقات التركية - الإسرائيلية، وكأنها تمر بمرحلة جديدة، فبعد أن أصبح البلدين حليفين استراتيجيين، نتيجة توقيع اتفاق بشأن بناء خط أنابيب للغاز من إسرائيل عبر تركيا ومنها إلى أوروبا، قال وزير الخارجية التركي في 1 أغسطس، ببيان سبب استياء الحكومة الإسرائيلية.
أوضحت تصريحات وزير الخارجية التركي، أن تركيا طلبت من الدول الإسلامية الاعتراف باستقلال الدولة الفلسطينية ضمن الحدود الإقليمية التي كانت قائمة قبل حرب 1967، أثارت استياء عارما لدى الحكومة الإسرائيلية بعد فرضها قيودا على الوصول إلى الحرم المقدسي الشريف، حيث لم تسمح للرجال دون 50 عاما من الدخول.
وبدأ نفوذ اليهود في تركيا في أوائل القرن العشرين، حيث لعبت الصهيونية مع القوى الأوروبية الكبرى دورًا مؤثرًا في تقوية الاشتراكية التركية وانهيار الامبراطورية العثمانية، وأصبح لليهود نفوذ كبير في أركان الحكومة التركية، وعلى الرغم من معارضة تركيا لتقسيم فلسطين عام 1947 إلا أنها كانت أول دولة إسلامية تقيم علاقات رسمية مع إسرائيل في 28 مارس 1949، كما عقدت مع إسرائيل اتفاقية تجارية سنة 1950 واتفاقية شحن وتفريغ بين الدولتين سنة 1951، وبعد عضوية تركيا في حلف الناتو أصبح حضورها رسميًا في المعسكر الغربي تحت زعامة أمريكا, وأصبحت سياستها الشرق أوسطية تقترب للأيديولوجية الأمريكية.
وعلى هذا الأساس وسعت تركيا علاقاتها مع إسرائيل ، حيث سافرت «تانسو تشيللر» رئيسة وزراء تركيا السابقة إلى إسرائيل للمرة الأولى سنة 1994 وهيأ ذلك المجال لعقد اتفاقيات سياسية أمنية، وأقرت هذه الاتفاقيات عقب زيارة قام بها وفد أمني وسياسي واقتصادي رفيع المستوى، وذلك للارتقاء بمستوى العلاقات والاتصالات في العاصمتين, وقد طرح في بداية محادثات الطرفين عقد اتفاقيات عسكرية وأمنية لأول مرة من جانب إسحاق رابين في عامي 94 ، 1995 وتبع ذلك توقيع اتفاقيتين سريتين في شهري فبراير وأغسطس 1996 من جانب الطرفين، وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي اغتيل 'إسحاق رابين' إن أهم هدف من عقد اتفاقيات سرية مع تركيا هو حفظ توازن القوى في منطقة الشرق الأوسط.
وكان مفهوم الاتفاقية الأمنية فى عام 1994 بين 'أنقرة- تل أبيب' غامضًا لكثير من دول العالم وشعوب المنطقة وأيضًا كان توقيع هذه الاتفاقية مخالفًا للقانون، فقد تمت دون موافقة لجنة الشئون الخارجية للبرلمان التركي وربما كان إخفاء ذلك يرجع إلى الأبعاد الأمنية في نقاط هذه المعاهدة. جدير بالذكر أن هذه الاتفاقية كانت متزامنة مع علو الأصولية الإسلامية وفوز حزب الرفاة الإسلامي بزعامة 'نجم الدين أربكان', وقد أعلنت وزارة الدفاع الإسرائيلية في بيان لها في 18 مارس 1996 (أنه قد تم الاتفاق بين تركيا وإسرائيل في مجال المناورات والتدريبات المشتركة وإجراء حوار استراتيجي بين الدولتين) وفيما يلي بعض ما جاء في المعاهدة الاستراتيجية بين تركيا وإسرائيل.
عقود التسلح والمناورات العسكرية المشتركة كانت ولا زالت في صلب علاقات التبادل بين تركيا وإسرائيل وفي مؤشر إلى هذا التعاون العسكري, وكان البلدان وقعا اتفاق تعاون عسكري في العام 2006 أعطى إشارة الانطلاق لما وصف بأنه شراكة إستراتيجية ما أدى الى حصول اسرائيل على عقود بيع اسلحة وصيانة تجهيزات لتركيا.
وصفقات التسلّح الضخمة التي زوّدت بها إسرائيل، الجيش التركي، ما جعل تركيا السوق العسكرية الكبرى للصناعة العسكرية الإسرائيلية، وأصبح التعاون العسكري في خدمة السياسة، ولا نتيجة لنقص التمويل ولا لعجز الموازنة، وأما اتفاق التجارة الحرة الذي وقّعه «سليمان ديميريل» في أول زيارة لرئيس تركي إلى إسرائيل عام 1995، فأوجب: ـ إزالة الحواجز الجمركية بين الدولتين. أن يصل حجم التبادل التجاري بينهما إلى ملياري دولار خلال عام 2000. أن تمنح إسرائيل تركيا جزءاً من حصتها في الأسواق الأميركية في قطاع صناعة النسيج، على أن تعمد الشركات الإسرائيلية إلى تصنيع الأنسجة في تركيا من أجل تصديرها إلى الولايات المتحدة.
ورغم كل ما عكّر صفو العلاقات، لا يزال رجب طيب أردوغان برفض إلغاء عقود الدفاع أو استدعاء السفير من إسرائيل، فالعقل التركي الجديد يعمل وفق منطق أن أنقرة لم تقم ببناء صداقات مع أعداء الأمس، لتفقد صداقات اليوم، حتى أنّ أردوغان أعلن خلال زيارته إلى الهند في العام الماضي، عن مشروع تركي ـ إسرائيلي مشترك لمد أنابيب نفط وغاز إلى الهند من بحر قزوين، مروراً بمرفأي جيهان التركي وإيلات الإسرائيلي.