روسيا وأمريكا.. التصعيد أم خفض العقوبات؟
الجمعة، 04 أغسطس 2017 11:10 م
بعدما صوّت الكونجرس الأمريكي بغالبية ساحقة، على رزمة عقوبات وافق عليها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بحق روسيا، قابلتها موسكو بقرار إبعاد 755 دبلوماسياً أمريكياً عن أراضيها، وهو مؤشر واضح على إمكانية انخفاض العلاقات مجدداً إلى مستويات غير مسبوقة، الأمر الذي سيزيد الأمور تعقيداً في الكثير من الملفات الإقليمية والدولية في أماكن عدة بالعالم.
محاولات «الود الحذر» مقابل «تاريخ الصراع»
حاول البلدين ترطيب للأجواء واستعادة «الود الحذر» سابقا، كزيارة وزير الخارجية الأمريكية ريكس تليرسون في إبريل الماضي إلى موسكو، ولقاء الرئيسين بوتين وترامب على هامش قمة العشرين أوائل يوليو الماضي في هامبورغ، ثمة العديد من العوامل التي توحي بصعوبة إعادة بناء علاقات بينية كالتي سادت خلال تسعينات القرن الماضي عقب سقوط الاتحاد السوفيتى والحرب الباردة بين أكبر قوتين فى العالم.
موسكو اليوم، ربما أخذت قراراً بالتأكيد غير مرغوب فيه أمريكياً، وهو العودة إلى الساحة الدولية بزخم عالمي وكندٍّ للولايات المتحدة، لترجع تاريخ«الاتحاد السوفيتى» وعبر ملفات من الصعب على واشنطن ترك الساحة فيها لموسكو، وبخاصة ما يتعلق بسوريا وأوكرانيا وغيرهما.
ما يعني أن الولايات المتحدة ماضية في خط المواجهة والتصعيد ولن تألو جهداً في لجم محاولات التمدد الروسي، وما يعزز ذلك الاتجاه، هو العقوبات الأخيرة وإبعاد الدبلوماسيين، ومن غير المتوقع أن تكون هذه الخطوات نهاية التصعيد بين الطرفين.
سوريا مدخل الروس لعودة القوى العظمى
الدخول العسكري الروسي المباشر في الأزمة السورية شكَّل تحدياً لواشنطن، إذ اعتبرته خطاً أحمر يصعب تجاوزه في ظروف تعتبرها واشنطن أكثر من حساسة، وهي ساحة لطالما اعتبرتها منطقة حيوية تمس المصالح الاستراتيجية المباشرة للولايات المتحدة، وفي المقابل اعتبرت موسكو أن عودتها إلى الساحة الدولية مرهونة بتحقيق مكاسب قوية في الشرق الأوسط وبالتحديد من بوابة الأزمة السورية.
و اعتمدت واشنطن أسلوب العقوبات الاقتصادية للضغط على موسكو، فبين الفترة والفترة تصدر الإدارة الأمريكية لوائح عقوبات بحق أشخاص وشركات على صلة بعصب الاقتصاد الروسي، الذي يشهد حالياً وللعديد من الأسباب، سلسلة ضغوط كامنة يصعب التعامل معها وتخطي آثارها السلبية المباشرة، وهي في الواقع مؤلمة ويصعب على موسكو بلعها وهضمها، وفي المقابل اعتمدت الإدارة الروسية أسلوب المواجهة بالواسطة وعبر العديد من الأزمات ومنها السورية، وبصرف النظر عن حجم ونوعية تحقيق المكاسب المتواضعة، يبدو أن خيارات موسكو بالنتيجة متواضعة ولا تمتلك القدرات الفعلية والعملية لتحقيق أكثر من ذلك.
اتفاقية «خفض التصعيد» والملف السورى
مع بدء تطبيق اتفاق «خفض التصعيد» الذي توصلت إليه الولايات المتحدة، وروسيا، والأردن يوم 7 يوليو الماضي، وينص على إيقاف القتال في درعا والسويداء والقنيطرة، وهو اتفاق لم تكن إسرائيل بعيدة عنه، إلا أن الاتفاق يلاقى صعوبة فى التطبيق، عقب الإعلان عن اندماجات كبيرة لأبرز فصائل المعارضة في الجنوب السوري، الذي تسيطر عليه عدة أطراف، حيث يسيطر النظام على كامل محافظة السويداء، وأجزاء من درعا والقنيطرة، فيما تسيطر المعارضة على قسم من درعا والقنيطرة، ويسيطر تنظيم داعش على بلدات وقرى في ريف درعا الغربي.ة.
دور الصين فى قلب الموازين
سعت روسيا دوما أن تكون الصين صاحبة ثان أكبر جيش بالعالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية، أن تكون حليفتها، والاثنين يعتقدون أن مصالحهم العالمية متوافقة ومشتركة، وضد مصالح أمريكا، وما تقوم به بالتدخلات السافرة على مناطق نفوذيهما.
مؤخرا، أرسلت روسيا رسالة قوية بقوة الجيشين الروسى والصينى معا، وقامت ب استعراضا عسكريا مهيبا في مدينة سان بطرسبورغ في يوم القوات البحرية، 3 أغسطس الجارى، أى بعد صدور العقوبات الأمريكية، وقد لفت محللون عسكريون إلى أن روسيا عرضت للعالم أسطولاً تدل قوته على "اشتداد المنافسة العسكرية في العالم".
كما استرعت احتفالات يوم القوات البحرية الروسية انتباه المحللين العسكريين لمشاركة سفينتين حربيتين صينيتين فيها. ورأى الخبير الأمريكي ديفيد أندلمان أن المشاركة الصينية في احتفالات يوم القوات البحرية الروسية تشكل كابوسا يؤرق الحكومة الأمريكية، مشيرا إلى أن الصداقة الروسية الصينية المتعاظمة تهدد بتجريد واشنطن من أدوات الضغط في بلدان العالم مثل سوريا وجمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية.