«أنا من البداية يا غربة بتحمل».. حكايات على أكفان رجال خالفوا العهد
الإثنين، 31 يوليو 2017 11:13 صالمنيا – حسن عبد الغفار
تلصص طريقه بحثًا عن مهربًا من متاعبه المزعومة، التي وصفها بأنها لا تحتمل.. خرج في جنح الليل برفقة أحد السماسرة، اتكأ على إحدى الجدران، وبدأ ينظر على جانبي الطريق حتى يتأكد من عدم تتبع المارة له، وعلى ناصية إحدى الطرقات وقف شابًا -مفتول العضلات- وإلى جواره شخصًا يبدوا على ملامحه الإجرام.
تحدثًا قليلًا ثم انصرف كل منهم، وبعد عدة أيام جهز عتاده وجمع أمواله، وبدأ في رحلة المشقة والتعب تصاحبه أنغام أغنية «أنا من البداية يا غربة بتحمل» -إسماعيل البلبيسي- انتظر في كوخًا -أشبه إلى عشش الدجاج- منتظرًا رحلة الموت، وهي الهجرة إلى إحدى الدول الأوربية بطريقة غير شرعية.
«نأكلها بدقة في بلدنا ومش هنسافر تاني».. بهذه الكلمات بدأ أحد العائدين من الموت في رحلات الهجرة غير الشرعية، رواية قصته التي كتبت على كفنه، قائلًا: «إنها الهجرة غير الشرعية هي الطريق إلى الموت، عشرات الشباب ذهبوا في طريق ألا عودة».
لم تكن وحدها الجماعات الإرهابية المنتشرة في ليبيا هي السبب وحدها التي دفعت الشباب إلى رفض العودة من جديد، ولكن هي الرحلة الطويلة التي تستغرق أسبوع أو أكثر في الصحراء الجراء قد تفقد حياتك فان لم تصبك رصاصه الإرهاب فقد تموت عطشًا أو جوعًا، ولو كنت مريض فأنت في تلك الرحلة قررت الانتحار.
يقول «سعيد»، أحد المزارعين العائدين من ليبيا ورفض العودة مرة أخرى: «ما رايته بعيني في رحلتي الأولى جعلني أفكر مليون مره قبل العودة من جديد هناك».. مضيفًا: «رأيت الموت أكثر من مرة والعناية الإلهية أنقذتني لأننا نسافر بطريق غير شرعي ندفع ما يقرب من 5 ألاف جنيه لأحد السماسرة وهو من ينقلنا من المنيا إلى مرسى مطروح، وبعدها يتم تسليمنا لشخص آخر وبعدها إلى ليبيا عن طريق من يطلقون عليهم كشاف الطريق».
وتابع: «أن رحلتي بدأت عندما قررت الزواج ولكن ظروفي المعيشية صعبة وأسرتي لا تملك أن تزوجني فقررت أن أسافر عام أو اثنين ثم أعود لأتزوج، لكن ما رأيته في الرحلة جعلني أفكر ألف مره قبل العودة ، ولفت اتفقت مع أحد السماسرة أن وآخرين واخذ من كل شخص 5 آلاف جنيه خرجنا من القرية داخل سيارة حتى وصلنا الى مرسى مطروح وهناك افترقنا وتم تسليمنا لشخص آخر الذي اصطحبنا غلى الحدود الليبية عبر الصحراء، وهنا تدخل خلف عبد الرحيم احد الشباب من رافضي السفر عن طريق الهجرة غير الشرعية.
وقال «سعيد»: «والله كنا نموت ألف مرة»، ومن بيننا شباب افترقنا عنهم ولا نعلم مصيرهم حتى الآن وأشار أن رحلة العذاب تبدأ مع دخول الأراضي الليبية، حيث يتم نقلنا عن طريق سيارة صندوق، مغلقة لا يوجد بها تنفس حتى منطقة معينة بالصحراء ثم يطلب منا النزول وقطع مسافة لا تقل عن 50 كيلو على أقدامنا وهنا نتسلق صخور ونقضي الليل في الصحراء بدون ماء أو طعام ومن لا يتحمل يسقط من المجموعة ولا يعود مرة أخر»ى.
أما نادر جاب الله، احد الشباب الذي قرر أن لا يسافر ويعمل في دولته، قال إن: «الهجرة غير الشرعية هي الطريق بالفعل إلى الجحيم ولفت عندما نقرر السفر نكون على يقين أنها سفر بلا عودة لأن أثناء السفر لا أحد يعلم عن رحلتنا أي شيء وقد يكون الأب وأبنائه في الرحلة فيصل الأب ولا يصل الأبناء أو العكس ، وأضاف قائلاً: «نأكلها بدقه ولا نسافر من جديد».
وتابع: «سافرت مره مع أحد أصحابي وعملت في دولة ليبيا عام ورجعت، ولن أعود من جديد وقررت أن أقوم بأفتتاح مطعم أو العمل في أي مهنة ولكن لن أعود ، وأشار إلى أن الغربة صعبة، ولن أعود من جديد للسفر بطريقه غير شرعية».
أما احمد محمد أحد العائدين من الهجرة غير الشرعية قال: «والله لو رأى أحد المعاناة لن يفكر أبدًا في السفر، 3 أيام داخل مخبئ صغير في الصحراء لا طعام ولا ماء حتى كاد الجميع أن يهلك من شدة الجوع والعطش، لكن العناية الإلهية هي التي تنقذنا».
وتابع: «أن ما يدفع الشباب لاختيار الهجرة غير الشرعية هو الحاجة للمال وتحسين الظروف الاقتصادية ولفت اغلب من يسافر هم الفقراء ومعظمهم شباب».