«شانزليزيه وسط البلد».. قصة شارع «الألفي» من الألف إلى الياء (صور)
الأحد، 30 يوليو 2017 12:47 م
ممشى سياحي وتجارى تغمره الحياة ليلاً ونهارً، تُزيده الشمس بريقاً كلما انعكست على مبانيه العتيقة بالنهار، وتغمره الأضواء الجاذبة والورود أناقة كلما حلت الساعات الأولى من الليل، فعلى بُعد 600 متر تقريباً من ميدان التحرير، يقع أكثر شوارع القاهرة الخديوية رقياً وجمالاً، فشارع الألفى الذى لقبه البعض بــ«شانزليزيه وسط البلد»، يضاهى فى بهاءه الشارع الفرنسى العالمى الذى قصده السائحين على مدار عشرات السنين.
ففى تلك البقعة، التى لا تبعد كثيراً عن حديقة الأزبكية، شُيد قصر المملوك الطامح والطامع فى حكم مصر محمد بك الألفى، وهو أحد أشهر المماليك الناجين من مذبحة القلعة والذين عاصروا الحُكم العثمانى فى مصر، وامتد القصر العملاق، الذى تحول إلى محل إقامة نابليون بونابرت فور احتلاله للقاهرة ومن بعده والى مصر العثمانى خسرو باشا، من شارع نجيب الريحاني إلى شارع الألفى طولاً، ويمتد إلى شارع عماد الدين.
وكان قصر الألفى، أكبر قصور بركة الأزبكية وأكثرها بهاءً وجمالاً، من بين عشرات القصور التى أحاطت بالبركة، والتى نُسبت إلى أمراء وبكوات المماليك، فقد كانت منطقة الأزبكية وضواحيها، أحد أهم الأماكن الجاذبة لرجال الدولة المهمين فى تلك الآونة، وضمت الكثير من أصحاب النفوذ والسلطة، فقد كان المرور بجوار حديقة وبركة الأزبكية أحد الأحلام التى راودت المصريين فى ذلك الوقت.
وبعد مرور ما يقرب من 80 عاماً على إنشاء القصر العظيم، تولى الخديوى إسماعيل الحُكم، وكان مدركاً لقيمة الحلم الذى تركه له جده محمد على باشا وأبوه إبراهيم باشا له، فمنذ لحظات حكمه الأولى لمصر، أراد أن يضع مصر فى مصاف الدول الأوروبية التى شهدت تقدماً ملحوظاً فى مجال المعمار فى ذلك الوقت، وأولى اهتماماً كبيراً بالمعمار بالعاصمة، حيث استعان بكبار المعماريين الفرنسيين والإيطاليين لتحقيق ما أراده.
واستخدم المهندسون الأجانب مهاراتهم فى إنشاء المبانى والعمارات المُبهرة الموجودة على جانبى شارع محمد بك الألفى والشيخ عماد الدين، بعدما أزالوا تلال الأتربة التى أحاطط بالقاهرة لمئات السنوات، وأعادوا تخطيط الشوارع من جديد، وأسسوا الجُزر الوسطى التى عُرفت بالميادين، حيث أنشئ ميدان عرابى الذى يقع أخر شارع الألفى، وعابدين والتحرير وغيرهم.
ومر أكثر من 148 عام على إنشاء هذه المبانى الساحرة، وظلت حالتها الإنشائية كما هى لم يقدر جبروت السنوات عليها، فقد أصاب واجهاتها بعض التهالك بسبب عوامل الجو كالأمطار والرطوبة وما إلى ذلك، ولكنها ظلت مُحتفظة بزخارفها وجمالها الساحر، وجعلت من منطقة وسط البلد التى تضم 3 أحياء بقلب العاصمة «وسط القاهرة وعابدين وغرب القاهرة»، متحفاً معمارياً مفتوحاً لأهل المحروسة لكما أرادوا التنزه.
أراد المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء السابق، والدكتور جلال السعيد محافظ القاهرة السابق، أن يُعيدا للقاهرة رونقها مرة أخرى، وبدأوا بالفعل فى إجراءات تطوير وتأهيل مبانى وشوارع القاهرة الخديوية، حيث توصلت المحافظة منذ 3 سنوات إلى اتفاق مع اتحاد البنوك لتمويل المشروع، ومول الاتحاد المرحلة الأولى من المشروع بمبلغ 100 مليون جنيه، والتى شملت تطوير شارع الألفى والمبانى الموجودة به، وتطوير ميدان الألفى، وأقامت القاهرة احتفالاً يليق بعراقة الشارع.
وبعد أن تم تشكيل وزارة المهندس شريف إسماعيل، وتم اختيار الدكتور جلال السعيد وزيراً للنقل، أُهمل المشروع، وتراجع اتحاد البنوك عن تمويله، إلى أن تولى المهندس عاطف عبد الحميد منصب محافظ القاهرة، والذى أبدى اهتمامه الشديد منذ الأيام الأولى لتوليه المنصب بمناطق الجذب السياحى والمناطق التاريخية التراثية بالعاصمة، وشجع على إعادة إحياء جميع المعالم المُندثرة.
واستكمل المحافظ الجديد ما بدئه سابقوه، حيث وجد أن السبب الرئيسى وراء تدهور حال مشروع تطوير القاهرة الخديوية وتراجعه، هو عدم الاهتمام وحماية ما تم إنجازه من قبل، فأعاد المشروع من جدي إلى الحياة، واستكمل المرحلتين الثانية والثالثة منه، واللتان شملا عدد من الشوارع المتبقية بوسط البلد المؤدية إلى ميدان التحرير والمبانى المُطلة عليه.
وبدأت إدارة الحفاظ على التراث بمحافظة القاهرة، واللجنة القومية لحماية القاهرة التراثية، في تنفيذ الخطة التى وضعت لتطوير القاهرة الخديوية، والحفاظ على كل ما تم انجازه من قبل، حيث وجه المحافظ بعمل اتحاد شاغلين بشوارع وسط البلد التى تم تطوير واجهتها لضمان حماية وصيانة العمارات والشوارع بشكل مستمر، كما حاول التواصل مع جهات لتمويل تطوير العمارات من الداخل أيضاً واختار عمارتين للبدء فى تطويرهما من الداخل كتجربة وقياس حجم النفقات المُخصصة لذلك.
محافظة القاهرة تنفي صرفها 100 جنيه لمواطن سقطت عليه نخلة في المعادي