تعد السفيرة ميرفت التلاوى، شاهدة على العصر الحديث فى مصر لوجودها فى الساحة السياسية، منذ عهد الرئيس جمال عبد الناصر، مرورا بالسادات ومبارك ثم مرسى، وتحمل فى جعبتها الكثير من الأسرار لكواليس الحياة الرئاسية، من خلال عملها وتقلدها للعديد من المناصب، ومنها عملها كسفيرة ووزيرة للشئون الاجتماعية ورئيسة للمجلس القومى للمرأة ثم مدير لمنظمة المرأة العربية. ترى التلاوى أن المرأة ما زالت تعانى من الرجعية الفكرية والاضطهاد من المجتمع الذكورى، ومن أمثلة هذه الرجعية، عدم السماح لزوج السفيرة باستخراج جواز سفر دبلوماسى أثناء مرافقتها له فى الخارج على غرار زوجة الدبلوماسى عندما ترافق زوجها !! «صوت الأمة» حاورت الوزيرة السفيرة ميرفت التلاوى، فكشفت عن الكثير من الأسرار الخاصة بحياة الرؤساء وزوجاتهن.. وإلى نص الحوار:
ماهى ذكرياتك مع الرئيس جمال عبدالناصر وحرمه؟
- التقيت الرئيس جمال عبد الناصر فى بداية عملى بالخارجية وأثناء التنظيم الدبلوماسى للعروض العسكرية الخاصة باحتفالات ثورة 23 يوليو بصحبة السفير حسن كامى، مدير المراسم بالخارجية لتنظيم المنصة الخاصة بالرئيس، والتى كانت تقام فى الهيلتون حيث تمر الفرق العسكرية أمامه على النيل وأثناء وجودنا بالقاعة، دخل عبدالناصر ليصافحنا وشكرنا على مجهودنا ورغم أنه كان يتسم بشخصية قوية الا أنه كان طيبا وحنونا جدا، وبالرغم من ذلك انتابتنى رهبة كبيرة أثناء مقابلته ويبدوا أنه شعر بذلك فحاول أن يمتص رهبتى و«طبطب» على كتفى بحنان الأب، ومع ذلك لم أستطع النظر إلى عينيه لأن كان لديه كاريزما عالية جدا وكأن عينيه يخرج منها شعاع.
وماذا عن ذكرياتك مع الرئيس السادات وأسرته؟
- «السادات» كان غاية فى الذكاء السياسى وأتذكر أنى خلال إحدى زياراتى للسيدة جيهان السادات لعقد الاجتماع الخاص بتجهيزات عيد الطفولة بمرافقة شيرلى تمبرت الممثلة للجنة حقوق الإنسان فى أمريكا، دخلنا إلى منزل السادات ووجدناه يتحدث تليفونيا مع رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب ويقول له : «جيهان عايزه 30 مقعد للمرأة فى البرلمان وأنا مش موافق بس إديهم لها»و تعالت ضحكاته مع المحجوب، ورغم أن هذا الأمر كان صعبا جدا تقبله من الشعب فى تلك الفترة ولكنه كان مؤمنا بالمرأة ودورها فى الحياة السياسية، أما زوجته السيدة جيهان السادات فتتميز بالبساطة والذكاء وتفكيرها سياسى وكانت مؤمنة تماما بحق المرأة فى المجتمع وربطتنى بها مواقف هامه
واجهت جيهان السادات نقدا لاذعا، وقانون الشقة من حق الزوجة أطلق عليه قانون جيهان.. ماذا عن تقييمك؟
- كل سيدات مصر الأوائل حاولن الدفاع عن المرأة لإعطائها حقوقها ومنهن جيهان وسوزان، وتمت محاربتهن بسبب العقلية الذكورية وتشويه وضياع حقوق المرأة فى المجتمع لا يتم إلا من خلال المشايخ ظلما وافتراءا على الدين، وقانون الشقة من حق الزوجة الذى أطلق عليه الشعب قانون جيهان، حبر على ورق لأن الشقة من حق الزوجة فقط أثناء حضانتها لأولادها وبعد انتهاء سن الحضانة وضياع عمرها فى حياة زوجية فاشلة ثم تربية أولادها تطرد فى الشارع بحكم القانون للأسف!
هل ما زال المجتمع يمارس فكرة إقصاء المرأة لينال من نجاحها؟
- للأسف المجتمع يتراجع بشكل كبير جدا وأعتقد أنه فى الستينيات تحديدا كان المجتمع أكثر تطورا فى فكره تجاه المرأة من الفترة الحالية لأن المرأة جاهلة الآن بحقوقها وغير مؤمنة داخليا بحقها فى الحياة.
هل ما زالت المرأة تعيش تحت سطوة سى السيد؟
- بالفعل المجتمع كان متحررا تجاه المرأة وخاصة فى الصعيد من خلال أفكارها وملابسها وعاداتها وتقاليدها بالرغم من معرفتنا بالدين الإسلامى وسماته ومتطلباته ولكن الآن أصبحنا نتراجع بسبب العادات والتقاليد المتطرفة فى حياتنا اليومية التى فرضت على المجتمع أن يتراجع كثيرا.
ماذا عن ذكرياتك مع الرئيس مبارك؟
- الرئيس مبارك أول من كسر قاعدة عدم تولى المرأة منصب سفيرة لمصر فى الخارج، حتى أننا كنا نسمع كثيرا فى الخارجية على لسان بعض السفراء الرجال جملة «على جثتى لو المرأة تولت منصب سفيرة!!» ولكن بالفعل استطاعت المرأة أن تتولى المنصب خلال فترة رئاسة مبارك ولكن حتى الآن لا يسمح لزوج السفيرة باستخراج جواز سفر دبلوماسى لمرافقة زوجته، مثلما تحصل حرم السفير على الميزة ذاتها، بما يمثل نوعا من التفرقة الكبيرة بين المرأة والرجل، وقد حاولت كثيرا من خلال الخارجية استخراج جواز سفر دبلوماسى لزوجى ولكن لم تتم الموافقة عليه حتى الآن!
لماذا لم تتم الموافقة على هذا المقترح حتى الآن؟
- «كده بالعافية.. مش على مزاج مدير الأفراد ومدير المراسم فى الخارجية !! وقد حاولت كثيرا فى جميع العصور منح زوج السفيرة الحق فى الاستفادة من مميزات وظيفة زوجته ولكن بلا فائدة.
كان لديك إصرار أن ينص الدستور على أن أموال التأمينات خاصة وليست عامة.. ماذا عن ذلك؟
- بالفعل أثناء جلسات لجنة الخمسين أصررت على أن ينص الدستور على أن أموال التأمينات خاصة تدار بهيئة مستقلة وفى مشروعات آمنة وعوائدها على أصحاب المعاشات لأنى فوجئت أن كبار المستشارين باللجنة يعتبرون أموال التأمينات عامة وليست خاصة، وقد حاولت تصحيح هذا الوضع ولكن لم أفلح.
لماذا لم يصل صوتك للرئيس مبارك أو لزوجته لتسجيل اعتراضك على ذلك؟
- لا أقبل على كرامتى أبدا أن أتمسح فى الرئيس وزوجته للشكوى حاولت بنفسى ولم أستطيع!
لكن عدم دفاعك بشكل جذرى لإعادة أموال التأمينات قد يعتبره البعض سلبية للحفاظ على الوزارة؟
- ليست سلبية وموقفى كان معلنا للجميع فى كثير من الأمور
و منها الخصخصة واستخدام أموال التأمينات فى مشروعات البورصة والدليل على ذلك أنهم «مقدروش يستحملونى» أكثر من 30 شهرا وأخرجونى من الوزارة، وبالمقارنة مع آمال عثمان نجد أنها استمرت فى نفس الوزارة 22 عاما!
هل ترين أن المرأة سعيدة.. فى عام المرأة؟
- المرأة تعيسة ولا بد من تشريع قوانين لصالح حياة كريمة وآدمية تحميها من غدر الرجل ومن حسن الحظ أن لدينا رئيسا متفهما لوضع المرأة ولذلك لا بد أن تستثمر ذلك من أجلها.
فترة رئاستك للمجلس القومى للمرأة تم اتهامك بأن المجلس نخبوى ولا يقوم بدورة تجاه عامة النساء فما تعليقك؟
- هذه الادعاءات أطلقها المغرضون لأنى بالفعل قدمت للمرأة البسيطة أهم شىء وهو استخراج بطاقات الرقم القومى من أجل مساعدتها فى الحصول على قروض صغيرة من بنك ناصر حيث أنه فى فترة عملى وزيرة للتأمينات عرفت أن البنك لا يعطى قروضا للنساء بسبب عدم استخراجهن للبطاقات الشخصية التى تبرز هويتهن وبالتالى كان هدفى مساعتهن، ولكن للأسف هذه الأقاويل هى ضريبة لعملى فى مناصب ذات مسميات يعتبرها البعض بعيدة عن الناس ومنها عملى كسفيرة ووزيرة، ولذلك يعتبرنا البعض لا نعلم شيئا عن المجتمع البسيط بالرغم أنى من أكثر المسئولين تقديرا للمرأة ومعاناتها فى المجتمع.
ماذاعن ذكرياتك فى فترة رئاسة محمد مرسى؟
- ذكريات سيئة رغم أنها سنة واحدة، ولكنها تركت بصمة سوداء وكأنها سنوات، وما زلنا نعانى من التفكير المتطرف لهذه الفترة «السودا» لأن الإخوان ما زالوا متشعبين فى كل الوزارات والهيئات الحكومية، ما تسبب فى تراجع الفكر الثقافى فى المجتمع.
ما تقيمك لدور المثقفين فى مصر؟
- المثقفون دورهم «زفت» والنخبة سيئة جدا وليس لديهم موقف واضح ولا استراتيجية ثقافية ولا يتحدثون بشكل علمى ولا تنموى بما يتناسب مع احتياجات الدولة وكل ما لديهم الانتقاد بدون طرح مشاريع ثقافية تنموية.